لم ينسَ كرم النجار أنه كاتب مسرحى فى المقام الأول، وهو يكتب سيناريو فيلم «صراع الأحفاد»، الذى أخرجه عبداللطيف زكى عام 1989، رغم أن الوسائط الفنية متقاربة، فإن النص لا يصلح أن يكتب لتليفزيون أو للمسرح أصلًا ثم يتم إخراجه سينمائيًا مع بعض التعديلات، ولهذا السبب فإن كرم النجار معروف أكثر ككاتب مسرحى، وفى المسرح المصرى هناك دومًا اهتمام بحالات التحول التى تصيب الأفراد، تبدأ من طموحات البعض ثم التغير إلى ما يسمى بالخلاص أو النقاء، وبالنظر إلى هذا الفيلم سوف نجد أن جميع أبطاله يحلمون بالمبلغ الكبير الذى تمتلكه الجدة بعد أن حوله الجد إلى زوجته قبل أن يموت، وقرر من خلال امرأته أن يحصل على خمسين مليون جنيه أى شخص فى الورثة لديه الطموح، ويحقق للأسرة أول أحلامها، مثلًا ربما قد يحصل أول متزوج فى الأسرة على المكافأة، أو قد يحصل عليها شخص مرموق فى السياسة أو فى المسرح أو فى عالم المنافسة الرياضية، ولا شك أن مثل هذا النص يصلح للمقام الأول لخشبة المسرح، حيث الأماكن متجاورة أو محدودة، والصراع على أشده من أجل الفوز لشخص واحد فقط بالمكسب كله، يعتمد مثل هذا النص على الحوارات الثنائية التى تدور بين الأفراد وتعكس التغيرات الحادة جدًا التى تحدث حسب تغير أفكار الجدة وأبنائها وأحفادها، ومثلما يفعل أى كاتب مسرحى فإن كرم النجار اختار شخصياته بشكل متنوع للغاية، فهناك الكلاف فى نفس العائلة التى أنجبت المؤلف المسرحى، وأيضًا الزوجة المترهفة على الرجال، بالإضافة إلى الاحتكاكات التى تؤدى إلى الخيانة من أجل تسهيل حق كل منهم فى المكسب، كل شخص يريد لنفسه الجائزة الكبرى ومنهم السياسى الذى يتنازل لسياسى آخر عن الدائرة بهدف كسب وظيفة الشركة التى يملكها، أى أنه من الصعب جدًا أن نجد تشابهًا بين شخصين على الأقل، أغلب هذه الزيجات من داخل العائلة، بمعنى أن كل منهم حريص على اصطياد الثروة لنفسه، ويكون الصدام فى البداية أشبه بدرجات خفيفة من التلامس أو ضرب الأكتاف، لكن عندما يشتد الصراع بينهم فإن ثلاثة من أعمدة العائلة يدفعون حياتهم مقابل سخونة المواجهة، هكذا يدور الصراع فوق خشبة المسرح نقله المؤلف بذكاء، لكن عبداللطيف زكى الذى عمل مساعد مخرج مع كمال الشيخ لم يكن محترفًا فى إدارة مثل هذا العمل وأفلامه الأخرى تثبت ذلك مثل فيلم «خيوط العنكبوت» المأخوذ عن رواية «البطانة» للدكتور نبيل راغب.
لا شك أن خشبة مسرح الفيلم كانت تضيق دومًا بالأبطال الناضجين الذين وجدوا أنفسهم فى معركة دامية أشبه بصراع الديكة، هذه المعركة خطط لها الكبار وصنعوها، وبدا كرم النجار يقدم فيلم ضخم الإنتاج به كل هذا العدد من نجوم السينما الكبار فى أدوار متوازية، ومنهم نور الشريف، صلاح السعدنى، نورا، فريدة سيف النصر، حسن حسنى، السيد راضى، سعيد عبدالغنى، عبلة كامل، وعلى كل فهذا فيلم عسر على المشاهدة والفهم، ومن الصعب أن تتذكره بأبطاله بعد فترة قصيرة من مشاهدته، وقد عزف الكاتب على مشاكل نهاية الثمانينيات، ومنها شركات توظيف الأموال، والمراهنات الرياضية، والمسابقات الأدبية، وتأجير ذمم النقاد من أجل أن يقولوا كلامًا يرضى المؤلف حول النص المكتوب، كما أن النص يتحدث عن التغيرات السلبية، منها ما يدور فى خلفيات كواليس المسرح، فالممثلة تطرد زائرًا يأتيها إلى الكواليس، ودائمًا هناك كواليس لكل ما يخص المسرح، لقد أراد المؤلف أن يعبر عن تجربته فى فن المسرح، لكن التجربة كانت ثابتة الحركة على خلاف عنوان الفيلم «صراع الأحفاد»، فلم يكن الصراع داميًا رغم النهايات الدامية، كان مليئًا -أحيانًا- بالنوايا الطيبة باعتبار أننا أمام الأسرة الواحدة، لا أريد التعليق كثيرًا حول طبيعة النص، لكنه يحتاج إلى أكثر من كتابة ومشاهدة، وأكثر من تفسير.