ارتبطت سيرة النبي محمد صلي الله عليه وسلم، بمعجزات ودلائل عظيمة، لكن من أعجبها وأقربها إلى القلوب سرعة استجابة الله تعالى لدعائه، حتى صارت بركة دعائه نورًا يتجلى في حياة أصحابه ومن حوله، بل امتدت لتشمل الحيوان والجماد، وفي ذكرى مولده العطرة التي ينتظرها المسلمون جميعا في كل أنحاء العالم، نستعيد بعض المواقف التي خلدها التاريخ، شاهدة على مكانته عند ربه، بحسب ما ورد عن دار الإفتاء المصرية.
* هداية القلوب ودموع أبي هريرة
ظل أبو هريرة رضي الله عنه يدعو أمه إلى الإسلام، لكنها رفضت مرارًا، حتى إنها يومًا أساءت إلى النبي صلي الله عليه وسلم أمامه، فحزن وبكى وجاء إلى رسول الله يشكو، فما كان من النبي إلا أن رفع يديه قائلاً: "اللَّهُمَّ اهْدِ أُمَّ أَبِي هُرَيْرَةَ".
وما إن عاد أبو هريرة إلى بيته حتى سمع صوت الماء، فإذا بأمه قد اغتسلت وخرجت لتعلن إسلامها، فعاد الصحابي الجليل مسرورًا إلى النبي يبكي من الفرح، فدعا له الرسول أن يحببه الله وأمه إلى المؤمنين، فصار محبوبًا في قلوب المسلمين إلى اليوم.
* من السخرية إلى شرف الأذان
وتكشف قصة أبي محذورة رضي الله عنه بركة الدعاء النبوي في تبديل القلوب، فقد خرج مع 10 من شباب مكة يستهزئون بالأذان بعد غزوة حنين، فاستمع إليهم النبي صلي الله عليه وسلم وقال: "قد سمعت في هؤلاء تأذين إنسان حسن الصوت"، استدعاهم واحدًا تلو الآخر حتى جاء دور أبي محذورة، فلما أذّن، مسح النبي صلي الله عليه وسلم على ناصيته ثلاثًا ودعا له بالبركة، ثم علّمه بنفسه كلمات الأذان، فتحولت السخرية إلى تكليف عظيم، إذ صار أبو محذورة مؤذن الحرم المكي، ينادي بالصلاة في بيت الله الحرام.
* مال وولد ببركة دعاء
كما جاءت أم أنس بن مالك رضي الله عنه تطلب من النبي أن يدعو لابنها، فقال: "اللَّهُمَّ أَكْثِرْ مَالَهُ وَوَلَدَهُ" فاستُجيب الدعاء، حتى صار لأنس من الأولاد والأحفاد ما يزيد على المائة، ومال وفير يشهد ببركة النبوة.
* دعاء أحيا بعيرًا متعبًا
أيضًا يروي جابر بن عبد الله رضي الله عنه أن جمله أعيى في إحدى الغزوات، فتأخر عن الركب، فاقترب منه النبي ودعا لبعيره، فإذا به ينشط حتى صار يتقدم الإبل، فقال جابر: لقد أصابته بركتك يا رسول الله.
* المطر ينزل ويقف بدعاء
ومن أظهر المواقف ما رواه أنس رضي الله عنه عندما جاء أعرابي يوم الجمعة يشكو القحط والجوع، فرفع النبي يديه وما في السماء سحاب، فإذا الغيم يتجمع كالجبال حتى نزل المطر، وظل أسبوعًا كاملًا، ثم جاء آخر يشكو شدته وغرق البيوت، فرفع النبي يديه وقال: "اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا وَلَا عَلَيْنَا"، فانفرجت السحب عن المدينة وأمطرت في أطرافها، حتى سالت الأودية بالخيرات.
* شهادة العلماء
وبحسب الإفتاء، علّق الإمام القرطبي رحمه الله على هذه المواقف قائلًا: "كان صلى الله عليه وسلم كلما دعا الله في شيء أجابه فيه، وظهرت بركات دعوته على المدعو له، وعلى أهله وبنيه"، وهي شهادة من عالم كبير على أن بركة الدعاء النبوي كانت ثابتة في كل من تعلق به.