قال الإعلامي عمرو الليثي، إن الكلمة في أوقات الحروب تتحول إلى أداة لا تقل خطورة عن السلاح، مشددًا على الدور الجوهري للإعلام في تشكيل وعي الشعوب، ورفع معنوياتها، والتصدي للحملات الدعائية المعادية.
وأضاف أن اتساع تأثير الإعلام الجديد ووسائل التواصل الاجتماعي جعل المشهد الإعلامي أكثر خطورة، ما يضاعف مسؤوليات الإعلام المهني.
وأوضح الليثي عبر صفحاته الرسمية أن الإعلام التقليدي (التلفزيون، الصحافة، الإذاعة) يظل المرجع الرئيس للأخبار الدقيقة، بفضل التحقق من المصادر والابتعاد عن الشائعات، في وقت تمثل فيه منصات التواصل ساحة مفتوحة لانتشار المعلومات غير الموثوقة. وهنا يبرز دور الإعلام المهني في تصحيح الروايات وتفنيد التضليل وترسيخ الثقة.
وأشار إلى أن من أهم أدوار الإعلام أثناء الحرب الحفاظ على اللحمة الداخلية، فبينما يركز الإعلام التقليدي على إبراز صور التضامن والتضحيات، تتيح وسائل التواصل مساحة للمواطنين لمشاركة قصصهم وصمودهم، مما يعزز الشعور بالمشاركة الجماعية ويرفع الروح المعنوية.
وأكد أن الحروب الحديثة تُخاض على جبهات عسكرية وإعلامية ونفسية، حيث يوظف العدو السوشيال ميديا لنشر الشائعات والتشكيك في القدرات الوطنية، فيما يعمل الإعلام المهني على مواجهتها بمنهجية، بالتعاون مع فرق متخصصة لرصد المحتوى المضلل والتعامل معه سريعًا عبر حملات توعية أو محتوى مضاد.
ولفت الليثي إلى أن وسائل التواصل تمثل أداة مزدوجة: قد تكون وسيلة اختراق، لكنها أيضًا وسيلة فعالة لردع الحملات النفسية إذا استُخدمت بمهنية.
كما أشار إلى التحدي المتمثل في موازنة حرية تدفق المعلومات مع متطلبات الأمن القومي، مؤكدا أن الإعلام التقليدي يمتلك ضوابط تحريرية واضحة تمنع تسريب معلومات حساسة، بينما تحتاج وسائل التواصل إلى وعي شعبي يحد من نشر تفاصيل قد تُستغل عسكريًا. ولهذا تكثف المؤسسات الإعلامية حملات التوعية الرقمية للتنبيه إلى خطورة "النشر غير المسؤول".
وشدد على أن الإعلام المهني لا يقتصر على نقل الخبر، بل يقدّم تحليلات تضع الأحداث في سياقاتها السياسية والعسكرية والاقتصادية. أما وسائل التواصل فتتيح نقاشات واسعة بين الجمهور والخبراء، لكنها قد تتحول إلى ساحة للجدل العاطفي، مما يستدعي من الإعلام المهني قيادة النقاش العام نحو الرصانة والتفسير العقلاني.
واختتم الليثي بالتأكيد على أن الإعلام في زمن الحرب أصبح مزيجًا من الإعلام التقليدي والرقمي التفاعلي؛ فالتلفزيون والصحف يوفران المصداقية والمرجعية، بينما تتيح السوشيال ميديا سرعة الوصول والتفاعل الشعبي. والتكامل بينهما، إذا أُدير بمهنية وحكمة، يحول الإعلام إلى خط دفاع متين يحمي الجبهة الداخلية، ويفضح الدعاية المعادية، ويزرع الوعي والثقة في أصعب الظروف.