ماجد عثمان: عدد سكان مصر تضاعف 5 مرات منذ 1950.. بينما الموارد ثابتة أو تتناقص
◄ نفس كمية المياه التي كانت تكفي 20 مليون تُقسّم اليوم على أكثر من 100 مليون
◄ الزحف العمراني يلتهم الرقعة الزراعية ويُفاقم أزمة الغذاء
◄ الفارق السنوي بين المواليد والوفيات يتجاوز 1.4 مليون نسمة.. والنمو الصفري لا يزال بعيدًا
◄ الطفل الذي يدخل المدرسة اليوم سيواجه وظائف مختلفة كليًا بعد 18 عامًا
◄ تمكين المرأة أحد مفاتيح خفض معدلات الإنجاب في مصر
قال د. ماجد عثمان، وزير الاتصالات الأسبق وأستاذ الإحصاء بجامعة القاهرة، ورئيس المركز المصري لبحوث الرأي العام «بصيرة»، إن فوزه بجائزة الدولة التقديرية في العلوم الاجتماعية جاء تتويجًا لمسيرة طويلة من العمل الجاد.
وأوضح أن الجائزة تُمنح عبر ترشيحات من جهات أكاديمية رفيعة، وتخضع لمراجعة دقيقة تضمن الحياد والموضوعية، مشيرًا إلى أن ترشيحه من مكتبة الإسكندرية يمثّل تقديرًا يعتز به، خاصة في ظل وجود العديد من الكفاءات العلمية في مصر.
وجاءت تصريحات د. ماجد عثمان، خلال لقائه في برنامج «حوار عن قرب» على قناة TeN الفضائية، الذي يقدمه الإعلامي أحمد العصار، حيث تناول أهم تحديات الزيادة السكانية في مصر وتأثيرها على الموارد التنموية، بالإضافة إلى سبل معالجة هذه المشكلة من خلال سياسات واضحة وفعّالة في مجالات التعليم والصحة والتمكين الاقتصادي.
وخلال اللقاء، أكد د. عثمان، أن عدد سكان مصر تضاعف خمس مرات منذ عام 1950، بينما لم تتضاعف الموارد بنفس الوتيرة، سواء في المياه أو الأرض الزراعية، ما أدى إلى زيادة الاعتماد على الاستيراد، خاصة في السلع الغذائية الأساسية كالقمح.
- ما حجم التحدي في الموارد مقابل النمو السكاني؟
أوضح د. ماجد، أن كمية المياه المتاحة لمصر تكاد تكون ثابتة منذ السبعينيات، رغم تضاعف عدد السكان، مشيرًا إلى أن نفس الحصة المائية التي كانت تكفي 20 مليون نسمة في الماضي، باتت اليوم تُقسّم على أكثر من 100 مليون، ما أدى إلى ضغوط كبيرة على الصحة العامة والزراعة والتعليم والسكن.
وأكد أن الأرض الزراعية لم تواكب النمو السكاني، بل تقلصت بفعل الزحف العمراني، مما فاقم أزمة الغذاء، وأدى إلى تدهور جودة الحياة في قطاعات عديدة.
- عثمان: لا نهضة بلا تعليم ورعاية واحتضان للموهبة
شدد د. عثمان، على أن المشكلة لا تكمن فقط في العدد، بل في نوعية المواطن، موضحًا أن ضعف الاستثمار في التعليم والرعاية الصحية والمهارات، يجعل المواطن أقل قدرة على المنافسة داخليًا وخارجيًا، ويُهدر كثيرًا من الطاقات البشرية المتميزة.
وأضاف: "إذا لم ننجح في اكتشاف العباقرة بين مليوني مولود سنويًا، فنحن نُهدر فرصة عمر الدولة"، مؤكدًا أن تقدم مصر لن يتحقق بالكثرة العددية فقط، بل بالكفاءة والقدرة على استثمار العقول.
- هل تواجه مصر قنبلة سكانية؟
أكد د. عثمان، أن نظرة التشاؤم التي كانت سائدة قبل عشر سنوات بدأت تتراجع، خاصة مع انخفاض عدد المواليد من 2.7 مليون في 2014 إلى أقل من 2 مليون حاليًا، لكنه حذّر من أن الفجوة بين المواليد والوفيات لا تزال كبيرة، إذ تسجل مصر قرابة 600 ألف حالة وفاة سنويًا، أي أن الفارق يتجاوز مليونًا و400 ألف نسمة سنويًا.
وأشار إلى أن الوصول للنمو الصفري السكاني، حيث يتساوى عدد المواليد مع الوفيات، لا يزال بعيدًا، لكنه أبدى تفاؤله باستمرار التراجع في معدلات الإنجاب.
- ما العوامل الاجتماعية والثقافية وراء استمرار الإنجاب المرتفع؟
قال د. عثمان، إن ثقافة الإنجاب في مصر ما زالت ترتبط باعتبارات اقتصادية واجتماعية، خاصة مع ضعف مشاركة المرأة في سوق العمل، مما يجعل الإنجاب حلًّا وحيدًا لدى كثير من الأسر.
وأوضح أن البعض يرى في زيادة الأبناء مصلحة شخصية، دون اعتبار للآثار السلبية على الدولة، مشددًا على ضرورة تحقيق توازن بين الحرية الفردية والصالح العام.
أما عن العلاقة بين الاقتصاد والنمو السكاني، فأكد أن تحقيق تحسّن حقيقي في معيشة المواطنين يتطلب نموًا اقتصاديًا يفوق معدل الزيادة السكانية، وإلا فلن يشعر الناس بأي فرق، واستشهد بتجربة الصين التي حققت تنمية كبيرة بفضل سياسات سكانية صارمة واستثمار فعلي في البشر.
- كيف نعد أبناءنا لسوق عمل يتغير بسرعة؟
أوضح د. عثمان، أن مستقبل سوق العمل سيشهد تغيّرات جوهرية في نوعية الوظائف، مؤكدًا أن التعليم القائم على الحفظ لم يعد مجديًا، بل لا بد من تعليم يقوم على تنمية المهارات والقدرة على التعلّم الذاتي.
وأشار إلى أن الطفل الذي يدخل المدرسة اليوم سيواجه سوق عمل مختلفًا تمامًا بعد 18 عامًا، وبالتالي لا بد من بناء منظومة تعليم جديدة تراعي هذه التحولات.