• توقعات بارتفاع الأسعار إلى مستويات قياسية بحلول 2026
• إمبابي: أسعار الفضة الحالية أقل من المستويات العادلة بأكثر من 10%
• معطي: صناعات الطاقة النظيفة ستضاعف الطلب على الفضة خلال الأعوام المقبلة
في وقت يتزايد فيه الطلب على الملاذات الآمنة، بغرض التحوط من التوترات الجيوسياسية، وارتفاع معدلات التضخم، يرى مجموعة من الخبراء أن معدن الفضة يمثل فرصة استثمارية ثمينة للمُدخرين مع كونه ملاذا آمنا يمكن أن يكون بديلا للذهب، حيث توقعوا أن ترتفع أسعاره بنسبة تتراوح بين 40 و50% خلال العام المقبل، على أن يواصل الصعود فيما بعد إلى مستويات قياسية جديدة تتجاوز الـ55 دولارا للأوقية.
وشهدت أسعار الفضة عالميا، ارتفاعا بنسبة 35% منذ بداية العام الجاري، لتصل إلى مستويات الـ39.7 دولارا للأوقية حاليا، مقابل 29 دولارا مطلع يناير الماضي.
وفي السوق المحلية، وصل سعر الجرام عيار 999 إلى 63 جنيها، وعيار 925 سجل 58.5 جنيه، بزيادة قدرها 27% منذ بداية العام الجاري.
وتوقع بنكا «جيه بي مورجان» و«أوف أمريكا»، في وقت سابق من العام الجاري، أن يصل سعر أوقية الفضة إلى 39 دولارا بنهاية العام الجاري، أي أكثر بدولارين فقط عن المستويات الحالية، في حين توقع روبرت كيوساكي، رجل الأعمال الأميركي ومؤلف الكتاب الشهير «الأب الغني الأب الفقير» وصول سعر الأوقية إلى 70 دولارا مع بداية 2026، بحسب منشور له على منصة "إكس".
قال سعيد إمبابي، المدير التنفيذي لمنصة «آي صاغة» لتداول الذهب والمجوهرات عبر الإنترنت، إن أسعار الفضة الحالية أقل من المستويات العادلة بنحو 10% على الأقل، وهو ما يعني أن السعر الحقيقي للمعدن الأبيض لا يقل عن 41 دولارا للأوقية.
وأضاف إمبابي في تصريحات لـ«الشروق» أن هناك مُعادلة سعرية يتبعها كبار المستثمرين لمعرفة الأسعار الحقيقية للمعدن الأبيض، وهي أن أوقية الذهب تُساوي في قيمتها 85 أوقية فضة أو أقل.
وأشار إلى أن الأسعار الحالية للمعدنين الأصفر والأبيض، تُشير إلى أن أوقية الذهب تُساوي 100 أوقية فضة تقريبا، وهو ما يُزيد من رهانات المستثمرين على ارتفاع أسعار الفضة خلال الأيام المقبلة لتعويض هذا الفارق، والعودة إلى المعادلة السعرية الصحيحة.
ويرى إمبابي أن اختراق مستويات الـ39 دولارا لأوقية الفضة، والوصول لمعدلات الـ40 دولارا، سيكون بمثابة إشارة إلى مزيد من الصعود، وهو ما سيجذب مستثمرين جُدد في القطاع، متابعا: «قد تصل الأوقية إلى 50 دولارا قبل نهاية العام الجاري على الأرجح».
ويتحرك سعر الفضة محليا مع السوق العالمية، حيث أي ارتفاعات سعرية للمعدن الأبيض في البورصات الدولية، يتبعها مباشرة صعود بالأسعار محليا، وفق إمبابي.
ولا تختلف الفضة عن الذهب في عوامل التسعير محليا، حيث يتحكم بهما ثلاثة عوامل، وهي: سعر الأوقية عالميا، وسعر صرف الجنيه أمام الدولار، وآليات العرض والطلب.
وقال أحمد معطي، الخبير الاقتصادي، المدير التنفيذي لشركة «في إي ماركتس» للاستثمارات المالية، إن دخول الفضة كعنصر أساسي في الصناعات الجديدة والطاقة النظيفة، يعزز الطلب على المعدن الأبيض خلال السنوات المقبلة، وهو ما يدعم الارتفاع المتوقع للأسعار.
وأضاف معطي في تصريحات لـ«الشروق» أن الفضة أصبحت تمثل مكونا أساسيا في صناعات عديدة، أهمها الألواح الشمسية، والسيارات الكهربائية، وصناعة الروبوتات، والرقائق الالكترونية.
ويرى أن هذا الطلب الصناعي المتنامي على الفضة قد ينتج عنه عجز كبير في حجم المعروض بالسوق العالمية خلال السنوات المقبلة، وهو ما سيدفع الأسعار إلى مستويات لم نكن نتوقعها من قبل.
وأشار إلى أن أسعار الفضة شهدت ارتفاعات قياسية في آخر 10 أشهر من العام الماضي، بنسبة 40% تقريبا، وهو ما لم يشهده الذهب من قبل، لافتا إلى أن هذا مؤشر على الأداء الإيجابي للمعدن الأبيض خلال الأعوام المقبلة.
ولفت معطي إلى أن الفضة أصبحت محل اهتمام العديد من المستثمرين، بعد المستويات القياسية التي وصل لها الذهب، متابعا: «كلما ارتفعت أسعار الذهب، تبرز الفضة كخيار استثماري آمن للمتداولين».
وبحسب تقديرات معهد الفضة الأمريكي، فإن السوق العالمية تُسجل عجزا سنويا متواصلا منذ عام 2021، وبلغ هذا العجز 184 مليون أوقية في 2023، بحسب آخر البيانات المتاحة.
ووفقا لوكالات، فإن هناك تراجعا ملحوظا في حجم الإنتاج من مناجم الفضة الأساسية، خلال العام الجاري، إضافة إلى أن 70% من حجم المعروض بالسوق العالمية عبارة عن فضة مستخرجة كمُنتج ثانوي من معادن أخرى مثل النحاس والزنك.
وتُشير التوقعات إلى أن قطاع الطاقة الشمسية وحده سيستهلك نحو 30% من الإنتاج السنوي للفضة بحلول 2030، إذ يحتاج كل لوح شمسي إلى 20 جراما تقريبا.
من جانبه يقول ميشال صليبي، كبير محللي الأسواق المالية في شركة FXPro إن التوترات الجيوسياسية عززت الطلب الاستثماري على الملاذات الآمنة، والأصول الحقيقية، مثل الذهب والفضة، للتحوط من أي مخاطر محتملة.
وأضاف صليبي خلال تصريحات لـ«الشروق» أن التدفقات المالية التي شهدتها صناديق الاستثمار بالمعادن بلغت 1.6 مليار دولار في يونيو الماضي فقط، متجاوزة إجمالي التدفقات الاستثمارية خلال العام الماضي كاملا.
وأشار إلى أن بعض البنوك المركزية العالمية عززت من مشترياتها للفضة خلال الفترة الأخيرة، وهو ما يرفع حجم الطلب على المعدن الأبيض مع تزايد أهميته الاستثمارية والصناعية.
وأعلنت روسيا العام الماضي أنها تعتزم شراء كميات فضة بقيمة 535 مليون دولار خلال الثلاث سنوات المقبلة، في سابقة هي الأولى من نوعها بالنسبة لبنك مركزي في هذه الدورة الصاعدة للمعادن، وهو ما يعكس إدراكا متزايدا لدور الفضة كمخزن للقيمة وملاذ في فترات التوتر، إلى جانب الذهب، وفق وكالات.
واتفق صليبي مع وجهة النظر التي تقول إن الطلب الصناعي على الفضة سيكون المحرك الأساسي للأسعار خلال السنوات المقبلة، خاصة مع استمرار الزخم على صناعات الطاقة النظيفة.
وتوقع أن تكسر أسعار الفضة حاجز الـ41 دولار للأوقية خلال شهرين على الأكثر، إذا تمكنت من تجاوز مستويات المقاومة الحالية وهي 37.5 دولار، مشيرا إلى أنه في حالة استمرار هذا الزخم الاستثماري على المعدن الأبيض، "قد نرى مستويات الـ50 دولار على المدى القريب".