• هذه الزيارة تأتي في ظروف متوترة ومأساوية تمر بها المنطقة
• ندرك عدم اليقين الذي يكتنف الوضع الإقليمي المعقد وغير المستقر بالمنطقة
بدأ العاهل الإسباني فيليبي السادس، وقرينته الملكة ليتيثيا، جدول زيارتهما الرسمية الأولى في مصر، اليوم الثلاثاء، بلقاء مع الجالية الإسبانية بمصر.
في البداية، توجه العاهل الإسباني بالشكر إلى كل أعضاء الجالية الإسبانية في مصر التي انضمت إلى اللقاء خلال زيارته الرسمية الأولى إلى مصر، والتي تُعد أيضًا أول زيارة للملك والملكة قرينته إلى المنطقة.
وصف العاهل الإسباني اللقاء مع الجالية الإسبانية بأنه "لقاء مميز" بالنسبة له وللملكة، مؤكدا أنه استهل برنامج الزيارة فور وصوله قبل قليل، بهذا اللقاء لأنه يتيح لهما الالتقاء بالإسبان في مصر والاستماع إلى تجاربهم أو رؤيتهم الفريدة "لهذا البلد العظيم وإمكاناته وتحدياته، وفرصنا كإسبان نحو مستقبله".
وأشار إلى "الرحالة والعلماء الإسبان الذين وفدوا في الماضي إلى هذه الأرض (مصر) ذات الحضارة العريقة، والدبلوماسيين والمؤرخين في القرن التاسع عشر الذين تقاربوا معها بتقدير واحترام. هذه السمات نفسها جمعت شخصيات ساهمت في تشكيل ثقافتنا أمثال مينينديث بيدال، وجريجوريو مارانيون، وسوليداد أورتيجا، وجاومي فيسينس فيفيس، وإيسابيل جارثيا لوركا، الذين زاروا مصر ووجهات أخرى من البحر الأبيض المتوسط منذ عام 1933، وعادوا إلى إسبانيا وقد تغيّرت حياتهم جذريًا. وقد استحضرها خوليان مارياس لاحقًا في كتابه (مذكرات من رحلة إلى الشرق)".
ولفت إلى أن وجود الجالية الإسبانية في مصر "يعكس ثراء علاقاتنا الثنائية (بين إسبانيا ومصر) ويمثل شهادة على المودة التي يكنها المصريون لإسبانيا؛ بفضل عملكم اليومي في نشر والترويج لأفضل ما في بلادنا".
ولفت إلى أن من بين الجالية الإسبانية في مصر، هناك رجال أعمال إسبان يعملون في مشروعات البنية التحتية الكبرى ويعززون العلاقات التجارية المستقرة بين البلدين، ويسهمون في خلق أنشطة ووظائف وفرص في مصر، وهناك أيضا علماء آثار ومصريات، يعملون منذ نحو ست عقود مع نظرائهم المصريين في حفائر تحظى بتقدير عالمي، مسلطين الضوء على تراث تاريخي فريد من نوعه ومحافظين على إرث مشترك للإنسانية.
واستطرد: "وهناك أيضا معلمو اللغة الإسبانية، ومعظمهم في معهدي ثربانتيس بالقاهرة والإسكندرية، وهما من أكبر المعاهد في العالم من حيث عدد الطلاب، بالإضافة إلى المستعربون والباحثون والعلماء والمحاضرون بالجامعات المصرية، وموظفو ومتطوعو المنظمات غير الحكومية الإسبانية الذين يقومون، بالتعاون مع الشركاء المحليين، بأعمال أساسية، وأيضا الصحفيون الذين، من خلال عملهم، يسلطون الضوء على الأحداث في مصر الجارية من منظور إسباني. وأخيرا، الموظفون الحكوميون، وموظفو سفارتنا ومكاتبها الاستشارية والملحقيات والمكاتب، الذين يساهم عملهم في بناء علاقات غنية ومكثفة على نحو متزايد".
وأشار إلى "وجود أكثر من ستمائة إسباني مسجلين ممن يعيشون في هذا البلد الرائع مع عائلاتهم، وكثير منهم تمتد إقامتهم لعقود"، معربا، والملكة، عن تقديرهما وامتنانهما لمساهمة الجالية الإسبانية القيّمة "في تعزيز التفاهم بين شعبينا، وهو تفاهم تعزز هذا العام برفع علاقاتنا الثنائية إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية، مما يعكس متانة الروابط بين إسبانيا ومصر".
ونوه، في كلمة وجهها للجالية الإسبانية في مصر، بأن "هذه الزيارة تأتي في ظروف متوترة ومأساوية تمر بها للمنطقة. وندرك، والملكة وأنا مدى عدم اليقين الذي يكتنف الوضع الإقليمي المعقد وغير المستقر، ولذلك نود أن نعبر لكم، عن دعمنا وقربنا منكم، وكذلك قرب أبناء وطنكم منكم أيضاً".
وقال: "في مثل هذا السيناريو، تتشاطر إسبانيا ومصر رغبةً راسخةً في التعايش السلمي والحوار والمصالحة في الشرق الأوسط، بما يُتيح في النهاية بيئةً مستقرةً لتنمية الشعوب بكرامة وعدل. يبدو الأمر في الوقت الحالي ضربًا من الخيال، ولكنه لا بد أن يكون ممكنًا، وعلينا جميعًا أن نساهم في تحقيقه".
وتابع أن "الحلقة الأخيرة من هذا الصراع (في إشارة إلى العدوان الإسرائيلي على غزة)، والتي اندلعت بسبب الهجوم على إسرائيل قبل نحو عامين (في إشارة إلى طوفان الأقصى)، امتد أثرها بعيدا للغاية وأدت إلى رد فعل أسفر عن سقوط عدد لا يحصى من الضحايا، وتدهور الوضع إلى أزمة إنسانية لا تحتمل، ومعاناة لا توصف لمئات الآلاف من الأبرياء، وتدمير غزة بالكامل".
وأكمل: "يمضي بلدانا (إسبانيا ومصر) معاً؛ سعياً من أجل السلام الدائم والشجاع، مثلما كان يوصف في سنوات الأمل تلك من حقبة التسعينيات من القرن الماضي".
ويجري العاهل الإسباني فيليبي السادس، وقرينته الملكة ليتيثيا، أول زيارة رسمية لهما إلى مصر (تبدأ اليوم الثلاثاء) خلال الفترة من 16 وحتى 19 سبتمبر الجاري؛ وذلك بدعوة من الرئيس عبدالفتاح السيسي، يرافقهما وزير الخارجية الإسباني، خوسيه مانويل ألباريس.
وهذه الزيارة الرسمية "تاريخية"، إذ ستكون المرة الأولى التي يزور فيها الملك فيليبي السادس والملكة ليتيثيا مصر منذ تتويج الملك عام 2014.
وقالت مصادر في القصر الملكي لصحيفة "el Diario": "ستكون للزيارة طابع سياسي، بالإضافة إلى طابع اقتصادي وثقافي، مع حضور بارز لمجتمع الأعمال والشركات".
وبدأ الزوجان الملكيان زيارتهما الأولى في مصر بلقاء مع الجالية الإسبانية، كما أشار موقع "hola" الإسباني، إلى أنه من المقرر أن يلتقي العاهل الإسباني مع حنفي الجبالي رئيس مجلس النواب المصري، وعبدالوهاب عبدالرازق رئيس مجلس الشيوخ. كما سيحضر افتتاح منتدى الأعمال الإسباني المصري، والذي يهدف إلى تعزيز العلاقات التجارية بين البلدين. كما سيلتقي بالأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، بالإضافة إلى رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي في الأقصر.
وسيزور الزوجان الملكيان معبد حتشبسوت في وادي الملوك، وسيشهدان فيه أيضا إطلاق الإضاءة الجديدة المُركّبة في هذه التحفة المعمارية.
وفي محطتهما الأخيرة، سيتوجه الزوجان الملكيان إلى متحف الأقصر، حيث سيتمكنان من التعرّف عن كثب على البعثات الأثرية الإسبانية والقطع الأثرية المرتبطة بعملها. ومن هناك، سيزوران مقابر وادي الملوك، والتي تُوفّر إضاءتها مجموعة من الشركات الإسبانية. وأخيرا، سيقومان بجولة في العديد من مشاريع التنقيب التي يقودها باحثون إسبان.