زهير ومعطي يتوقعان الاتجاه للخفض بوتيرة أبطأ من الاجتماع الماضي
الألفي وشفيع يرجحان «التثبيت» ومواصلة التيسير النقدي في النصف الثاني من 2025
تباينت آراء محللين حول قرار البنك المركزي المصري بشأن أسعار الفائدة خلال الاجتماع المقبل، حيث توقع بعضهم أن يتجه المركزي إلى الخفض ولكن بوتيرة أقل من الاجتماع السابق، فيما توقع آخرون أن يُبقي المركزي على معدلات الفائدة عند مستوياتها الحالية على أن يستأنف وتيرة التيسير النقدي بخفض الفائدة خلال النصف الثاني من العام الحالي.
ومن المقرر أن تعقد لجنة السياسات النقدية بالبنك المركزي، اجتماعها الثالث للعام الحالي يوم الخميس المقبل.
ويأتي هذا الاجتماع بعد أن خفض «المركزي» سعر الفائدة في الاجتماع الماضي، بنسبة 2.25% لتصل إلى 25% للإيداع و26% للإقراض.
وتوقعت آية زهير، رئيسة قسم البحوث في شركة زيلا كابيتال، أن يخفض البنك المركزي أسعار الفائدة بنسبة 1% في اجتماع الخميس المقبل، وأن يكون القرار متوافقًا مع توجه السياسة النقدية والتطورات المحلية والعالمية.
وأوضحت زهير لـ"الشروق" أن المركزي خفّض أسعار الفائدة بنسبة 2.25% خلال الاجتماع الماضي، ما أعطى إشارة واضحة بتبني سياسة تيسيرية، لذلك، من غير المعتاد أن تبدأ دورة تيسيرية قوية ثم تتوقف دون مبررات، مما قد يُربك الأسواق.
وأشارت إلى أن ارتفاع معدلات التضخم مؤخرًا كان متوقعًا في ضوء بعض العوامل الموسمية، ولا يعكس تغيرًا جوهريًا في الاتجاه العام للأسعار، بالإضافة إلى انخفاض أسعار النفط وتراجع الدولار عالميًا، مضيفة أن كل تلك المؤشرات تدعم الاستمرار في التيسير النقدي، كما أن مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي أشار إلى البدء في خفض أسعار الفائدة، وقامت البنوك الأوروبية بخفض العائد، ما يخفف الضغوط على الأسواق الناشئة ويعزز فرص التحرك محليًا.
وارتفع معدل التضخم السنوي لإجمالي الجمهورية خلال شهر أبريل الماضي ليسجل 13.5%، مقابل 13.1% خلال شهر مارس السابق له، بحسب بيانات الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء التي أشارت إلى ارتفاع المعدل الشهري بنسبة 1.3%.
فيما صعد التضخم الأساسي خلال أبريل الماضي، ليسجل 10.4% مقابل 9.4% في مارس السابق.
وأضافت زهير أن الوضع الاقتصادي المحلي لا يزال يواجه العديد من التحديات، فالحكومة تسجل فوائض أولية ولكنها تُعاني من عجز ثانوي متكرر، مما يُقلّص من مساحة المناورة المالية، كما أن النشاط الاقتصادي يعاني من حالة تباطؤ واضحة، خاصةً في قطاع العقارات، وهو ما يُنذر بارتفاع محتمل في معدلات البطالة.
وتابعت أن القطاع الخاص في حاجة ماسّة إلى دفعة تحفيزية تُعيد الزخم إلى الاستثمار والتشغيل، مضيفة أن أسعار الفائدة المرتفعة باتت تشكل عبئًا على النمو، كما أنها تُسهم في خلق ضغوط تضخمية لاحقة من جهة التكاليف، «وفي ظل هذه الظروف، نرى أن الاستمرار في سياسة التيسير النقدي بات مُستحبًا لدعم النمو ومعالجة التشوهات في هيكل الاقتصاد المحلي».
من جانبه قال أحمد معطي، المدير التنفيذي لشركة في آي للاستثمارات، إن البنك المركزي سيتجه لخفض الفائدة، ولكن بوتيرة أبطأ من الاجتماع الماضي، متوقعًا خفضًا بنسبة 1%، موضحا أن ارتفاع التضخم كان طفيفا، كما أن أسعار الفائدة الحقيقية ما زالت موجبة.
وأضاف معطي لـ"الشروق"، أن الدولار انخفض أمام الجنيه خلال الفترة الماضية، ما يُخفف من حدة ارتفاع معدلات التضخم، متوقعا أن يواصل المركزي دورة التيسير النقدي على مدار العام.
واستبعد أن يتأثر قرار المركزي بتثبيت أسعار الفائدة من قبل الفيدرالي الأمريكي، لاختلاف الأوضاع بين الاقتصادين، فالبنك المركزي الأمريكي متخوف من التضخم الذي تجلبه له السلع المستوردة نتيجة فرض الرسوم الجمركية.
وقرر الاحتياطي الفيدرالي، في 7 مايو الجاري، تثبيت أسعار الفائدة الأمريكية دون تغيير عند نطاق يتراوح بين 4.25% و4.5%.
وكان آخر تخفيض أجراه الفيدرالي الأمريكي لأسعار الفائدة في ديسمبر 2024، بنحو 25 نقطة أساس، ولكن منذ تولي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب منصبه، بات مجلس الاحتياطي الفيدرالي أكثر تحفظًا في المضي قدمًا في سياسة التيسير النقدي التي اتبعها خلال عام 2024.
من جانبها، تري إسراء أحمد، المحلل بشركة الأهلى فاروس، أن المركزي سيقبل على خفض الفائدة بنسبة تتراوح من 1-2%، موضحة أن ارتفاع معدلات التضخم لا يشكل عائقا أمام مواصلة سياسة التيسير النقدي، كما أنه كان متوقعا مع بعض الإجراءات الأخيرة كرفع أسعار الوقود، مضيفة أن أثر سنة الأساس لن يكون إيجابي لجميع أشهر السنة بل قد يكون معاكساً بعض الأحيان كما هو متوقع مثلا في قراءة مايو.
وأضافت أحمد لـ"الشروق"، أن مستويات التضخم تحتمل استمرار المركزي في دورة التيسير النقدي، بالإضافة لتحسن الموقف العالمي عن الأسابيع السابقة نسبياً، مع وصول الصين وأمريكا لاتفاق حول الرسوم الجمركية وتحسن التدفقات الأجنبية لمصر سواء المتعلقة بالأموال الساخنة أو التدفقات الهيكلية للحساب الجاري كإيرادات السياحة وكذلك تحويلات العاملين بالإضافة لتكثيف الجهود لاستعادة كثافة العبور لقناة السويس، خاصة بعد الاتفاق بين أمريكا والحوثيين.
توقعت هبة منير، محلل الاقتصاد الكلي بشركة اتش سى، أن يخفض المركزي أسعار الفائدة بـ 2%، وأرجعت ذلك نتيجة أن الوضع الخارجي لاقتصاد المصري مستقر، فسجل ميزان المدفوعات للربع الثاني من العام المالي الحالى فائض قدره 489 مليون دولار، مقابل عجز قدره 638 مليون دولار خلال نفس الفترة العام المالي الماضي.
كما ارتفع صافي الأصول الأجنبية للقطاع المصرفي بشكل ملحوظ بمقدار 4.86 مليار دولار على أساس شهري إلى 15.0 مليار دولار في مارس من 10.2 مليار دولار في فبراير، متعافيًا من صافي التزامات أجنبية بقيمة 4.19 مليار دولار العام الماضي، والذي يرجع إلى جذب مصر 2.70 مليار دولار من الاستثمارات الأجنبية المباشرة في الربع الأول من عام 2025 بزيادة حوالي 15% على أساس سنوي.
من جانبه استبعد عمرو الألفي، رئيس استراتيجيات الأسهم في شركة ثاندر لتداول الأوراق المالية، أن يخفض المركزي أسعار الفائدة خلال الاجتماع المقبل، متوقعا أن يُبقي عليها عند مستوياتها، وأن يواصل المركزي دورة التيسير النقدي خلال النصف الثاني من العام الحالي بنسبة 4%، على اجتماعين.
ويرى الألفي أن قرار المركزي الأمريكي غير مؤثر على دورة التيسير النقدي في مصر، لأن هناك فرقًا كبيرًا بين معدلات الفائدة في البلدين، مضيفا أن المعيار الأساسي في خفض معدلات الفائدة هو التضخم، والذي من المتوقع أن يصل إلى نحو 15% خلال العام الحالي، وذلك أقل من معدلات التضخم خلال العام الماضي، ما يدفع المركزي إلى استمرار التيسير النقدي.
كذلك توقع مصطفي شفيع أن يتجه البنك المركزي لتثبيت أسعار الفائدة خلال اجتماعه المقبل، وذلك بعد قراره بالخفض في اجتماع الماضي، كما أن معدلات التضخم مازالت في مسار تصاعدي، مضيفا أن قراءة التضخم لشهر مايو ستكون مرتفعة أيضا تأثرا برفع أسعار المحروقات.
ورجح شفيع في تصريحات لـ«الشروق»، أن يستأنف البنك المركزي خفض أسعار الفائدة على مدار اجتماعاته خلال العام الحالى، متوقعاً أن يصل إجمالي نسبة الخفض إلى 6%.
من جانبه قال، مدحت نافع، الخبير الاقتصادي، إن ارتفاع أسعار المحروقات وارتفاع التضخم العام والأساسي في أبريل واضطرابات التجارة بفعل أثر ترامب وتداعيات حرب غزة وتصريحات مسئولي الصندوق قبل المراجعة الخامسة كلها ترجح التثبيت والترقب.
وأشار أنه ربما ربما لا تسنح فرصة أخرى للتيسير خلال العام سوى الاجتماع الماضي.