هل يتعلم علماء الفلك وشركات الأقمار الاصطناعية كيفية اقتسام منافع الفضاء فيما بينهم؟ - بوابة الشروق
الخميس 21 أغسطس 2025 2:05 م القاهرة

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تتوقع النجاح لنظام الدوري المصري الجديد في ظل مشاركة 21 فريقًا؟

هل يتعلم علماء الفلك وشركات الأقمار الاصطناعية كيفية اقتسام منافع الفضاء فيما بينهم؟

سان فرانسيسكو - (د ب أ)
نشر في: الخميس 21 أغسطس 2025 - 10:15 ص | آخر تحديث: الخميس 21 أغسطس 2025 - 10:15 ص

معركة جديدة غير معتادة تدور رحاها نصب أعيننا أو بالأحرى فوق رؤوسنا في الفضاء الخارجي. فمن ناحية، يقف علماء الفلك الذين يستخدمون التليسكوبات الارضية العملاقة لاستكشاف النجوم والمجرات البعيدة وسبر أغوار الفضاء الخارجي، ومن ناحية أخرى، تصطف شركات التكنولوجيا والمخططون العسكريون وأباطرة صناعة الأقمار الاصطناعية في العالم الذين يحاولون بشتى السبل الاستحواذ على الفضاء حول كوكب الارض.

ويقول الباحث توني تايسون رئيس فريق الباحثين في مرصد روبين الفضائي وعالم الفلك من جامعة كاليفورنيا ديفيس الأمريكية إنه عندما يمر قمر اصطناعي أمام مجال رؤية أحد المراصد الفضائية على سطح الأرض، فإنه يعكس أشعة الشمس أمام عدسة التليسكوب ويتسبب في تشويش الصورة وقد يحول دون رصد ظواهر فكلية بعينها. وتعتبر مثل هذه الحوادث مشكلة كبيرة لاسيما بالنسبة لمرصد روبين الذي يستخدم مرايا عملاقة ويوظف أكبر كاميرا رقمية في العالم للحصول على رؤية بانورامية فائقة الوضوح للسماء من فوق قمة جبلية نائية في شيلي.

ومع تزايد أعداد الأقمار الاصطناعية التي تجوب الفضاء في مدارات حول الأرض، وفي ظل مقترحات لبناء أكثر من مليون قمر اصطناعي جديد لتلبية شتى الاحتياجات البشرية، تتصاعد التوترات حاليا بين من ينظرون للسماء باعتبارها مصدرا لاكتساب العلم والمعرفة عن الأجرام السماوية والفضاء البعيد، ومن ينظرون للفضاء باعتباره وسيلة للتنمية الاقتصادية والكسب المادي. وبحسب الموقع الإلكتروني "ساينتفيك أمريكان" المتخصص في الابحاث العلمية، يوجد حاليا أكثر من 13 ألف قمر اصطناعي يدور حول الارض، وتتولى شركة سبيس إكس المملوكة للملياردير الأمريكي إيلون ماسك بناء وتشغيل أكثر من نصف هذا العدد في إطار خدمة ستار لينك للانترنت الفضائي، والتي تهدف إلى توصيل الانترنت إلى المناطق النائية التي لا تتوافر فيها الخدمة بشكلها التقليدي.

ورغم أن ستار لينك هي أكبر خدمة تعمل في مجال توصيل الانترنت واسع النطاق وفائق السرعة إلى مختلف ربوع الأرض، فإنها ليست الشركة الوحيدة التي تعمل في هذا المجال، فهناك أيضا خدمة بروجيكت كوبر من أمازون التي تمتلك أكثر من 3200 قمر اصطناعي، وخدمة وان ويب من شركة يوتيل سات التي تمتلك قرابة 650 قمرا اصطناعيا، بالإضافة إلى مجموعة من المشروعات الصينية المماثلة مثل جواوانج وكيانفان وهونجهو 3 التي تسعى إلى بناء واطلاق آلاف الأقمار الاصطناعية. وعلاوة على أقمار الانترنت، هناك ايضا خدمة ستار شيلد التي أقامتها شركة سبيس إكس خصيصا لوزارة الدفاع الأمريكية لتلبية احتياجات الأمن القومي الأمريكي.

وتعتبر هذه الحزمة الضخمة من الأقمار الاصطناعية مثار ازعاج دائم لعلماء الفلك، وتمثل اختبارا لمدى قدرة الجانبين على التعايش السلمي والاستفادة من الفضاء الخارجي بشكل مشترك دون أن يجور طرف منهما على الآخر. وفي البداية كان مهندسو ستارلينك يتعاونون مع علماء الفلك لتقليل التأثير البصري للأقمار الاصطناعية، وكان الجيل الاول من هذه الأٌقمار يستخدم مواد طلاء داكنة اللون وأغلفة لامتصاص أشعة الشمس وتقليل إمكانية رؤية هذه الاقمار من الأرض.

ولكن تبين لاحقاً أن هذه الأغلفة تؤثر على سرعة الأقمار وتم الاستغناء عنها في تصميمات الأجيال التالية من الاقمار الاصطناعية. وشرعت شركة سبيس إكس في التركيز على فكرة أن تعكس أضواء الأقمار الاصطناعية بعيدا عن الأرض باستخدام طبقات عاكسة على سطحها، كما اعتمد الجيل الثاني من هذه الأقمار على طلاء أسود للحد من إمكانية حدوث أي انعكاسات تصدر عن أي مكونات أخرى على جسم القمر أثناء دورانه حول الأرض.

وفي دراسة نشرتها الدورية العلمية arXiv.org المتخصصة في أبحاث الفيزياء والفضاء والحاسبات، قام فريق من الباحثين من بينهم تايسون ومهندسون من شركة سبيس إكس بتحليل تأثير هذه التطورات على التدخل البصري للأقمار الاصطناعية بالنسبة لمدى رؤية التليسكوبات على سطح الأرض، وتبين لهم أن تلك التعديلات قللت بالفعل من التأثير، مع ضرورة إجراء مزيد من التحسينات لعلاج المشكلة. ورغم أن أقمار ستار لينك عادة ما تحلق على ارتفاع 550 كيلومترا فوق الأرض، قام الباحثون بتجربة محاكاة لقياس تأثير الأقمار في حالة تحليقها على ارتفاع 350 كيلومترا، ووجدوا أن دورانها على الارتفاع الأقل يقلل من عدد الأقمار التي تدخل مجال رؤية التليسكوبات بنسبة 40% مع زيادة في معدل سطوعها بنسبة 5% فقط. وفي تصريحات لموقع "ساينتفيك أمريكان" يقول الباحث تايسون إن تحليق القمر الاصطناعي على ارتفاع أقل قد يتسبب في مزيد من المشكلات لجهات التشغيل لأنه يتعرض لمشكلات المناخ الجوي، وتراجع حجم مدار الدوران، وما قد يترتب على ذلك من عودة القمر للمجال الجوي للأرض بشكل غير صحيح. ومازالت التوصية الرسمية لمرصد روبين هي أن تحلق الأٌقمار على ارتفاعات تقل عن 600 كيلومتر فوق الارض.

ومن بين التعقيدات التي تواجهها المراصد الفضائية أن الأٌقمار الاصطناعية التي تؤثر على نشاطها لا يتم تصنيعها أو إطلاقها في نفس الدول التي توجد بها هذه المراصد. وتشير لجنة الأمم المتحدة للاستخدام السلمي للفضاء الخارجي في ورقة بحثية أنه "لا تستطيع أي دولة أو كيان بمفرده إحداث تغيير له مغزى بدون مجهود وتعاون منسق بين الحكومات وشركات تشغيل وتصنيع الأٌقمار الاصطناعية وبين علماء الفلك من جميع أنحاء العالم"، مع التوصية أن تقوم الدول الاعضاء بتشجيع ودعم التعاون بين مشغلي الأٌقمار الاصطناعية وعلماء الفضاء بشكل عام.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك