يحاول أبناء غزة أن يكونوا صوتًا لها في كل مكان خارج أرضها المحاصرة، والفن أحد الأساليب التي يتبعها البعض للتعبير، وأحيانًا للصراخ، عما يحدث من فظائع على أرض الواقع داخل فلسطين، ومن بين هذه الأصوات فرقة "سول باند" الغزية.
فرقة "سول باند" هي فرقة موسيقية فلسطينية تأسست عام 2012 في قطاع غزة، نشأت الفرقة من صداقة امتدت لأكثر من عقدين من الزمن بين مجموعة من الفنانين الفلسطينيين، واستمرت رغم العقبات الضخمة.
قال فارس عنبر، أحد الأعضاء المؤسسين للفرقة وعازف إيقاع ومؤلف أغاني، لصحيفة ذا ناشيونال: "الموسيقى شكلٌ قويٌّ من أشكال المقاومة في فلسطين. من خلالها، ننقل كلمات وصورًا وأصواتًا ورسائل شعبٍ بأكمله. إنها تصل إلى القلوب والعقول، داخل فلسطين وخارجها، بطريقةٍ أسرع وأعمق."
تتكون الفرقة من خمسة أفراد، هم: رهف شمالي، وحمادة نصر الله، وسعيد فاضل، وعبود أبو قاسم، وأحمد حداد. وتمثل الموسيقى لهم أكثر من مجرد فن، إنها شريان حياة، وصوت، ورسالة. وسط الجدران والحدود، يأملون أن يتجاوز صوتهم الحدود ويجد صدىً لدى المستمعين حول العالم.
قام عنبر بتعليم وتدريب عدد لا يُحصى من الأطفال على الإيقاع والغناء والموسيقى في قطاع غزة، وقال في حواره مع بليستيا العقاد بـذا ناشيونال: "بعض طلابي في الإيقاع أصبحوا فنانين عالميين، ومن أبرز اكتشافاتي مهند الأشرم."
وأضاف: "ورغم كل محاولاتنا كفرقة من غزة، فقدنا العديد من الفرص بسبب الافتقار إلى حرية الحركة والسفر."
لذا، في عام 2018، اتخذت الفرقة قرارًا بالانتقال إلى تركيا، وهي خطوة لم تكن سهلة على الإطلاق بالنسبة لهم، لكن أحلامهم كانت كبيرة، فقرروا المخاطرة.
نتج عن هذا الانتقال ظهور فرقة Sol Band في العديد من المهرجانات المحلية والدولية، منها مهرجان Arabesque في فرنسا، ومهرجان Copacabana في بلجيكا، ومعرض فلسطين للموسيقى (PMX).
في عام 2022، عادوا إلى غزة للتركيز على إنتاج ألبومات وفيديوهات موسيقية جديدة، لكن خططهم باءت بالفشل بعد الهجوم الشرس الذي بدأ في أكتوبر 2023.
وفي ظل الأحداث الجارية، حاول عنبر وفرقته أن يساعدوا أهالي غزة، لذلك اتجه بموسيقاه للعلاج النفسي. من خيام غزة، واصل الغناء وكتابة الأغاني والتدريس، مساعدًا نفسه ومن حوله على مواجهة صدمات لا تُوصف.
حتى مع تصاعد القصف الإسرائيلي على غزة، ظل عنبر ملتزمًا باكتشاف المواهب الجديدة. يتذكر يوسف، ذلك الفتى الصغير ذو الصوت الجهوري في المديح الديني، والذي فقد عائلته بأكملها، وسوار التي ورثت موهبة موسيقية استثنائية وتغني بأنماط موسيقية متعددة.
يقول عنبر إن والد سوار قُتل في "الإبادة الجماعية"، ومع ذلك فهي لا تزال تغني.
حاليًا خرج أفراد الفرقة من قطاع غزة أحياء، ولكن تفرّقوا في بلدان مختلفة، وأصبح التعاون أصعب، لكن مهمتهم مستمرة. من خلال دار فارس عنبر للموسيقى، وهي منصة إلكترونية مخصصة لتعليم الإيقاع ونظريات الموسيقى وكتابة الأغاني، يُرشد عنبر الموسيقيين الطموحين حول العالم، بعضهم نازحون.
وأحدث أعمال عنبر مع سول باند كان كتابة أغنية بعنوان Displaced، جزء من كلماتها:
"منفيٌّ من عائلتي وأحبّائي / وفي وطني، أصبحتُ مشرّدًا / متمردًا على كل أحزاني / أخفي دموعي، ضائعًا في الفكر..
أهمس بألمي لنفسي / لأنّ الألم أصبح سرّي / أُكافح طوال أيّامي / أرفض الاستسلام للإذلال."