العمل تم إنتاجه لصالح صحيفة نيويورك تايمز وعرض لأول مرة فى أبريل عام 2024
يسلط الضوء على مأساة الطفلة الفلسطينية دارين الناجية من غارة إسرائيلية قتلت جميع أفراد أسرتها
منى النجار لـ«الشروق»: الفوز بالجائزة لحظة تذكرنا بما يجب علينا فى رفع أصوات المظلومين.. وقصة دارين قريبة جدًا إلى قلبى
فازت الصحفية والمنتجة الوثائقية المصرية منى النجار، بجائزة «إيمى للأخبار والبرامج الوثائقية - News & Documentary Emmy Awards» لعام 2025، ضمن فئة «أفضل تقرير إخبارى قصير - Outstanding Hard News Feature – Short Form»، عن فيلمها الوثائقى القصير (نجت من غارة جوية قتلت أسرتها بالكامل فى غزة - She Survived an Airstrike that Killed Her Entire Family in Gaza) الذى تم إنتاجه لصالح صحيفة نيويورك تايمز.
تم عرض الفيلم لأول مرة عبر المنصة الرقمية لصحيفة نيويورك تايمز فى أبريل عام 2024، ضمن سلسلة تغطية الحرب فى غزة، ويسلط هذا الفيلم الضوء على مأساة الطفلة الفلسطينية «دارين»، الناجية من غارة جوية إسرائيلية قتلت جميع أفراد أسرتها، ويستعرض محنتها من زاوية إنسانية.
وخلال تسلمها جائزة «إيمى» عن فئة «أفضل تحقيق إخبارى قصير»، عن فيلمها الوثائقى «She Survived an Airstrike that Killed Her Entire Family in Gaza»، ألقت منى النجار كلمة مؤثرة استحضرت فيها اللحظات الصعبة التى مرت بها أثناء التصوير، قائلة: «من أصعب اللحظات التى واجهتها أثناء التصوير خلال تغطية هذه الحرب، كانت جلوسى أمام فتاة تبلغ من العمر ١١ عامًا، مصابة بجروح بالغة، وغير متأكدة مما إذا كانت ستتمكن من المشى مجددًا، وهى تسأل لماذا ماتت عائلتى كلها؟ لماذا لا يعاملونى مثل باقى الأطفال؟ لماذا لم أتمكن من الذهاب إلى الجنة مع والدى؟ أسئلة بسيطة بشكل لا يحتمل، لكنها تحمل ثقلًا لا يمكن تصوره، ثقل محاولة طفلة أن تفهم ما فقدته.
وتابعت: «أرسلت رسالة إلى دارين قبل مجيئى إلى هنا الليلة. عندما التقيت بها لأول مرة كانت فى الحادية عشرة من عمرها». والآن هى على وشك أن تتم الثالثة عشرة. والقتل ما زال مستمرًا. سألتها إن كانت ترغب فى أن أشارك برسالة منها، فقالت نعم. من فضلك ادع لشعبنا فى غزة، ادع لشهدائنا، وجرحانا.
تُعد هذه الجائزة تتويجًا لمسيرة طويلة من التقدير الدولى، إذ تلقت النجار خمسة ترشيحات لجائزة إيمى على مدى مسيرتها، وكان من بين هذه الترشيحات، ترشحها عام 2018 ضمن الدورة الـ39، عن تقرير بصرى بعنوان (كيف فرّ 655 ألف مسلم من الروهينجا - How 655,000 Rohingya Muslims Escaped)، الذى تم عرضه عبر منصة نيويورك تايمز، ونافس ضمن فئة أفضل أساليب جديدة فى الأخبار الجارية - Outstanding New Approaches:Current News».
ويوثق هذا التقرير البصرى نزوح الروهينجا من العنف فى ميانمار، عبر سرد صحفى بصرى يمزج بين الصور الفوتوغرافية والفيديو لتكريس تجربة إنسانية حقيقية، حيث تناولت أحداثه أزمة اللاجئين الروهينجا أثناء رحلة فرار جماعية لمئات الآلاف منهم، وهى أقلية مسلمة مضطهدة فى ميانمار (بورما سابقًا)، وهى دولة تقع فى جنوب شرق آسيا.
وتقول منى النجار، فى تصريحات خاصة لـ«الشروق»: «أحيانًا نفوز بجوائز عن قصص توثق فظائع الإنسان. هذا ليس احتفالًا بل لحظة نتذكر فيها أنه يجب علينا دائمًا أن نرفع أصوات المظلومين. ليس لأن ذلك سيغير مصيرهم، بل لأنه قد يغير مصيرنا. نحن نستحق عالمًا ينسجم مع قلوبنا ويكون لطيفًا على أرواحنا».
وتابعت النجار: «عملت على العديد من القصص، وغطيت صراعات ومآسى إنسانية، لكن قصة دارين قريبة جدًا إلى قلبى، لأنها تتمحور حول طفلة تبلغ من العمر ١١ عامًا، تطرح أسئلة من أبسط ما يكون، لكنها من أكثرها إيلامًا: لماذا حدث هذا لى؟ لماذا والداى ليسا معى؟ لماذا لم أتمكن من الذهاب معهما إلى الجنة». تضيف «النجار»: «وهذه هى الأسئلة التى يجب أن نواجهها كأفراد وكمجتمعات، لأننا قد خذلنا هؤلاء الأطفال».
فى السياق نفسه، كشفت منى النجار عن عملها حاليًا على الإعداد لمشروع وثائقى جديد، يحمل عنوان لست هناك، ولست هنا (In the presence of absence)، يتتبع هذا الفيلم ثلاثة من الصحفيين الفلسطينيين الشباب؛ خاطروا بحياتهم لتوثيق الفظائع التى شهدوها خلال الحرب وبثها للعالم. وهم الآن خارج غزة، ويتابع الفيلم رحلاتهم الشخصية بينما يواجهون صعوبة ما فقدوه، ويبحثون عن الوطن.
استلهمت عنوان فيلمها الوثائقى الجديد «لست هناك ولست هنا»، من قصيدة الشاعر الفلسطينى الراحل، محمود درويش، الشهيرة «أنا من هناك»، التى تعد واحدة من أبرز أعماله وأعمقها تعبيرًا عن معاناة الاغتراب والانتماء الممزق.
وكتب درويش القصيدة فى أوائل الستينيات، ونشرت ضمن ديوانه «أوراق الزيتون» عام 1964، أثناء عمله الصحفى فى مدينة حيفا، بعد سنوات من خروجه القسرى من قريته البروة فى أعقاب نكبة 1948. ويقول درويش فى إحدى مقاطعها: «أنا من هناك، أنا من هنا، ولست هناك، ولست هنا. لى اسمان يلتقيان ويفترقان، ولى لغتان، نسيت بأيهما كنت أحلم».