لم يكن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، يعتمد فقط على الكلمات في التعبير عن مواقفه، بل كثيرًا ما لجأ إلى لغة الجسد والإيماءات كأداة لإرسال رسائل سياسية أو شخصية، من المصافحات الغريبة إلى تجاهل بروتوكولي متعمّد، ومن الابتسامات الطويلة إلى لفتات غير متوقعة، حيث شكّلت حركاته مادة دسمة للصحافة والمحللين.
-لقطة الكرسي مع أردوغان
في أحدث مشهد لافت، ظهر ترامب وهو يسحب الكرسي بنفسه للرئيس التركي رجب طيب أردوغان بعد توقيعه في دفتر الشرف بالبيت الأبيض، في حركة بدت بسيطة وعفوية، لكنها تثير العديد من التساؤلات حول دلالتها.
-بين البروتوكول والعفوية
عادةً ما يتولى موظفو المراسم في البيت الأبيض تنظيم التفاصيل الدقيقة، من ترتيب المقاعد إلى إدارة لحظات التوقيع، لكن مبادرة ترامب الشخصية بسحب الكرسي لأردوغان كسرَت هذا التقليد.
وهو ما قد يُقرأ باعتباره لفتة احترام، خصوصًا وأنها جاءت في أول زيارة لأردوغان إلى البيت الأبيض منذ عام 2019، وبعد سنوات من التوتر حول ملفات مثل شراء أنقرة لمنظومة الدفاع الروسية "إس-400" وإقصائها من برنامج المقاتلات الأميركية "إف-35".
-رسائل بلا كلمات
ليست هذه المرة الأولى التي تثير فيها إيماءات ترامب خلال اللقاءات الرسمية الانتباه، فقد سبق أن شدّ يد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بقوة في لقاء عام 2017، في مشهد فسّره محللون بأنه محاولة لإظهار التفوق.
وتجاهل مصافحة المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل في المكتب البيضاوي، وهو ما عكس بروداً في العلاقة مع برلين آنذاك، وفي المقابل، أظهر مبالغة في الود مع رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي عبر مصافحة طويلة ومصحوبة بابتسامات متكررة.
-إيماءات مثيرة للجدل
وفي قمة الناتو 2017، ظهر ترامب وهو يدفع رئيس وزراء الجبل الأسود، دوشكو ماركوفيتش، جانبًا ليتقدم الصفوف، ثم عدّل معطفه بتعمد وكأنه يؤكد مكانته.
وبحسب تحليل لـ cnn، كثيرًا ما استخدم مصافحة "الإمساك والشد" مع سياسيين أمريكيين، من بينهم نائبه مايك بنس ما وصفه خبراء بأنه أسلوب عدواني يُظهر الزعيم المهيمن.
وفي مناظرته العام الماضي مع جو بايدن، لم يتصافح الرجلان، بينما مدّت كامالا هاريس يدها لترامب في موقف لاحق، فأبدى ترددًا قبل أن يكتفي بالوقوف خلف منصته.
ورغم أن مشهد سحب ترامب الكرسي لأردوغان يبقى مفتوحًا على أكثر من قراءة، لكنه في كل الأحوال يعكس حقيقة أن لغة الجسد بين القادة لا تقل أهمية عن الكلمات والبيانات الرسمية، وهذا ما يحاول ترامب إثباته دائما من خلال لقطاته المثيرة، لإظهار القرب أو البرود، ولإرسال رسائل قد لا يُقدم على قولها علنًا.