"بنتي كانت من أهل الفجر، وكانت بتصلي وتقرأ الورد اليومي بتاعها.. كانت حافظة 18 جزءا من القرآن.. وكان حلمها تدخل كلية الطب وتبقى دكتورة”؛ بهذه الكلمات بدأ محمد جابر محمد، والد الطالبة سارة، حديثه إلى “الشروق” وسط دموعه التي لم تجف منذ أن علم بوفاة ابنته في حادث الطريق الإقليمي الذي راح ضحيته 19 فتاة من قرية كفر السنابسة بمحافظة المنوفية.
سارة، 14 عامًا، كانت قد أنهت الصف الأول الثانوي هذا العام بنسبة نجاح بلغت 94%، وكانت تستعد لدخول الصف الثاني الثانوي، لم تكن معتادة على العمل، ولم يسبق لها أن خرجت لأي وظيفة من قبل، لكن رغبتها في مشاركة زميلاتها تجربة العمل دفعتها للإلحاح على والدها للموافقة.
يقول الأب، الذي يعمل بالخارج في المملكة العربية السعودية: "هي ماكنتش متعودة تطلع شغل، بس فضلت تتحايل عليا، وقالتلي هطلع يوم واحد بس مع صحابي، وافقت على مضض، وفعلاً راحت أول يوم، وكانت فرحانة جدًا، ولما رجعت قالتلي هطلع كمان يوم واحد وخلاص، وللأسف، كان اليوم التاني هو آخر يوم في عمرها”.
محمد جابر علم بالخبر من أسرته عبر الهاتف، لم يصدق في البداية، لكنه حجز أول طائرة متجهة إلى مصر، ولم يلحق جنازة ابنته، قائلا: "ماكنتش مصدق، وحسيت الدنيا بتلف بيا، ونزلت فورًا، بس للأسف وصلت بعد الدفنة”.
كان الحادث المفجع قد وقع صباح أمس الجمعة على الطريق الإقليمي بنطاق مركز أشمون، إثر تصادم سيارة نقل ثقيل (تريلا) بميكروباص يقل عددًا من الفتيات العاملات، ما أدى إلى وفاة 19 فتاة وإصابة 3 أخريات، من قرية كفر السنابسة التابعة لمركز منوف.
وأشارت التحقيقات الأولية إلى أن الحادث نتج عن فقدان سائق التريلا السيطرة على عجلة القيادة بسبب السرعة الزائدة، مما أدى إلى اصطدامه بالميكروباص وتحطمه بالكامل.
الحادث لم يسلب فقط أرواح الفتيات، بل أجهض أحلامهن، وترَك في كل بيت من بيوت كفر السنابسة ألمًا لا يُحتمل، وجرحًا لن يندمل سريعًا.