بعد أيام من توقف نسبي للإبادة الجماعية التي ارتكبتها إسرائيل بقطاع غزة طوال عامين، ما تزال جراح الأطفال الفلسطينيين غائرة، تروي مأساة لا تنتهي وتكشف حجم الألم الذي خلفته آلة الحرب على أجساد صغيرة وأرواح بريئة.
الحرب التي بدأت في 8 أكتوبر 2023 وضعت أوزارها في 10 أكتوبر الجاري، لكن آثارها المروعة ما تزال ماثلة في حياة مئات آلاف الأطفال الذين خسروا أطرافهم أو حواسهم أو ذويهم، ليصبحوا ضحايا دائمين للإبادة والحصار والحرمان.
ووفق بيانات المكتب الإعلامي الحكومي ووزارة الصحة في غزة، أسفرت الحرب عن استشهاد نحو 68 ألفًا و643 فلسطينيًا بينهم أكثر من 20 ألف طفل، في واحدة من أكثر الحروب دموية ضد المدنيين في التاريخ الحديث.
ومن بين هؤلاء الأطفال، 1015 طفلًا تقل أعمارهم عن عام واحد و450 رضيعًا لم تكتمل أيامهم بعد، بينما فقد 14 طفلًا حياتهم من شدة البرد خلال فترات النزوح داخل خيام مهترئة لا تقي حرًا ولا بردًا.
وفقد أكثر من 56 ألف طفل أحد والديهم أو كليهما، ليضافوا إلى جيل جديد من الأيتام الذين يعيشون مأساة مزدوجة بين الفقد والخوف، في ظل حصار خانق يمنع دخول المساعدات والدواء وحليب الأطفال، ما أدى إلى وفاة 154 طفلًا نتيجة سوء التغذية الحاد.
جيلٌ محاصر بين الإعاقة واليتم
ومع انهيار المنظومة الصحية التي دمرتها الحرب، يحتاج أكثر من 5200 طفل إلى إجلاء طبي عاجل لإنقاذ حياتهم.
فيما تشير بيانات صادرة عن المكتب الإعلامي بغزة، إلى تسجيل نحو 4800 حالة بتر في صفوف الجرحى، يشكل الأطفال 18 بالمئة منها.
وفي تقرير صادر في 8 أكتوبر الجاري، قالت منظمة الأمم المتحدة للطفولة "اليونيسف" إن ما يصل إلى 64 ألف طفل في غزة فقدوا أو أُصيبوا خلال العامين الماضيين، بينهم ألف رضيع على الأقل.
وأضافت المنظمة: "لا نعلم عدد الذين توفوا بسبب أمراض يمكن الوقاية منها أو ما زالوا مدفونين تحت الأنقاض".
وأكدت "اليونيسف" أن نحو مليون طفل في غزة يعيشون اليوم في "المكان الأخطر على الأطفال في العالم".
وفي السياق ذاته، ذكرت اللجنة المعنية بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة التابعة للأمم المتحدة، في بيان، أن ما لا يقل عن 21 ألف طفل في غزة يعانون إعاقات منذ اندلاع الحرب.
وأشارت اللجنة إلى أن أكثر من 40 ألفًا و500 طفل أُصيبوا بإصابات مرتبطة بالحرب، أكثر من نصفهم أصبحوا يعانون إعاقات دائمة.
وفي 10 أكتوبر الجاري، توصّلت حركة حماس وإسرائيل إلى اتفاق تبادل أسرى ووقف لإطلاق النار بوساطة مصرية وقطرية وتركية وبرعاية أمريكية، أنهى حربًا استمرت عامين، وأسفرت عن دمار هائل قُدّرت تكلفة إعادة إعمار غزة بعده بنحو 70 مليار دولار.
لكن رغم توقف القتال، يبقى الألم حاضرًا في ملامح الأطفال الذين ما تزال جراحهم تنزف، بين من فقد أطرافه ومن ينتظر علاجًا لن يأتي قريبًا، ومن يحمل في ذاكرته صور الحرب التي لا تُنسى.