أكتب هذا المقال صباح الأحد، قبل ساعات من المسيرات الحاشدة المطالبة برحيل مرسى وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة.
لا يمكن توقع ما سيحدث، الأمر الوحيد المؤكد هو أن الرئيس قرر أن يقطع الشوط لآخره، وأن يتبع سياسة حافة الهاوية، مستندا إلى رهانات جماعته وحشودها، التى أكدت له أن ٣٠ يونيو سينتهى إلى لا شىء، وسيعاود المصريون حياتهم صبيحة اليوم التالى كما اعتادوها، فلا داعى للانزعاج ولا مبرر للاستجابة لأى مطلب، وهو ما انعكس على خطابه التلسينى الكارثى مساء الأربعاء الماضى.
اتساقا مع ما جرى فى الاسكندرية والشرقية والمنصورة والبحيرة وغيرها يوم الجمعة الماضى، يمكن أن نتوقع حدوث أعمال عنف، نتمنى أن تبقى فى حدودها الدنيا، وهو عنف يتحمل الرئيس مسئوليته كاملة، لتجاهله مطالب القوى المعارضة، وفشله المؤكد فى جميع الملفات السياسية والاقتصادية، وإصراره على ألا يكون رئيسا لكل المصريين، وعجزه عن تحقيق حد أدنى من التوافق بين الفرقاء، وجر الخلاف السياسى إلى ساحات الدين والمذهبية، ما أدى إلى حالة من انسداد الأفق السياسى، وتضاؤل فرص تحقيق المطالب سلميا.
نحن أمام سيناريوهات عدة بدءا من اليوم...
أولها: أن يذعن الرئيس لمطالب المعارضين ويدعو لانتخابات رئاسية مبكرة، وهو سيناريو أتمناه ولا أتوقعه، فالرئيس وجماعته وتابعوه يرون الأمور من زاوية أخرى، ويراهنون على قصر نفس المعارضة، وتراجع الحشود وتناقص أعدادها، ما يخفف الضغوط على الرئيس ومؤيديه.
السيناريو الثانى: أن ترتفع وتيرة العنف بين المؤيدين للرئيس والمعارضين لاستمراره فى جميع أقاليم مصر، منذرة بحرب أهلية، مايؤدى إلى تدخل الجيش وإعلان حالة الطوارىء، وبدء مرحلة انتقالية جديدة لا أحد يمكنه التنبؤ بملامحها.
السيناريو الثالث: أن يمر ٣٠ يونيو كما يريد الرئيس وإخوانه، وعلى العكس من تصوراتهم، فإن هذه الحالة أيضا لن تحقق استقرارا، بل سيتواصل الغضب والانقسام وستتسع الهوة بين أبناء الوطن، وسيتواصل معها فشل الرئيس وجماعته فى شئون الحكم، مايؤدى إلى موجة ثالثة من الثورة، ستكون أشد عنفا وضراوة.
بعيدا عن هذه السيناريوهات، فإن ثمة خطورة مؤكدة فى بقاء مرسى فى الحكم، ليس فقط بسبب سوء أدائه وفشله الذى يسارع بانهيار مصر وتحويلها إلى دولة فاشلة، وفقا لما أعلنته منظمات دولية محايدة، وإنما ـ وهذا أهم وأخطر ـ أن مرسى سيكون عليه أن يسدد فواتير من «آزروه وناصروه فى ساعة العسرة»، وهم بعد ٣٠ يونيو، لم يعودوا أهله وعشيرته من أبناء الجماعة فقط، فقد انضم إليهم إرهابيون قدامى ودعاة عنف باسم الدين.
سيكون عليه أن يستجيب لمطالب ونصائح عبدالماجد والزمر وأبوإسماعيل وصفوت عبدالغنى وغيرهم، وسيصبح لهؤلاء كلمة مسموعة، يضعها الإرشاد فى اعتباره، قبل إرسال تعليماته للرئاسة.
ستتحول الجماعة كما قال نادر بكار إلى «وحش كبير».
سيتحول مرسى إلى طاغية، وسيغريه ما يظن أنه انتصار على معارضيه من «العلمانيين والشيوعيين والفلول والأقباط»، على المضى قدما فى مخطط جماعته للسيطرة على الدولة ومؤسساتها، وخصوصا فى الجيش والقضاء والإعلام.
سيتحول مرسى من رئيس فاشل يحاول أن يكون طاغية.. إلى طاغية فاشل.