عرب سيئون وعرب أقل سوءا - من الصحافة الإسرائيلية - بوابة الشروق
الجمعة 13 ديسمبر 2024 5:39 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

عرب سيئون وعرب أقل سوءا

نشر فى : الجمعة 2 يناير 2015 - 8:05 ص | آخر تحديث : الجمعة 2 يناير 2015 - 8:05 ص

تسفى برئيل

لا يمكن للمرء ألا يندهش من سذاجة القاضى سليم جبران العضو فى المحكمة العليا عندما قال خلال نقاش موضوع رفع نسبة الحسم فى الانتخابات: «كيف ستبدو إسرائيل فى نظر العالم عندما لا تكون هناك قوائم عربية؟». من يهمه يا حضرة القاضى المحترم كيف ستبدو إسرائيل أمام العالم كله من دون قوائم عربية تحديدا؟. ألا تفهم يا سيدى القاضى أن حكومة إسرائيل بزعامة نتنياهو وجوقته العنصرية يؤمنون بأن العرب يجب ألا يكونوا أعضاء فى الكنيست مع نسبة حسم أو من دونها. ألم يسمع عن خطة ليبرمان التى تهدف إلى التخلى عن الوجود العربى فى إسرائيل وإرسالهم إلى الضفة الغربية؟ ألا يكفى ما قدمته إسرائيل إلى الأقلية العربية بتعيين قاض عربى فى المحكمة العليا؟

يُصور العرب كما هو معروف بأنهم كتلة واحدة موحدة متماسكة.

والديمقراطية الإسرائيلية المتنورة وقعت فى الفخ المنصوب لها، وسمحت لهم ليس فقط بتشكيل أحزاب خاصة بهم تمثلهم فى الكنيست، بل بإظهار التعدد فى الآراء والمواقف كذلك. ونتيجة لذلك اعتقد العديد من اليهود أن هناك عربا متطرفين وآخرين أقل تطرفا، وأن هناك عربا يرغبون بالعيش بسلام فى إسرائيل، وآخرين يريدون السيطرة عليها، عربا سيئين وعربا أقل سوءا.

لا تستطيع الديمقراطية الإسرائيلية أن تغض بصرها بعد اليوم، ويجب عليها أن تدافع عن نفسها فى مواجهة العدو الذى يتربص بها من جانب 20% من المواطنين، والخطوة الأولى المطلوبة هى فى وضعهم ضمن معسكر سياسى واحد. وربما فى مرحلة مقبلة إجبارهم على الاقتراع لأحزابهم الموحدة فقط ومنعهم من التصويت لأحزاب يهودية صهيونية.

ومن حسن الحظ أنه فى محكمة العدل العليا كانت هناك القاضية أستير حيوت التى طرحت حجة حادة كالسيف. ففى رأيها لا مبرر لمنع رفع نسبة الحسم لأن العرب لا يكلفون أنفسهم عناء التوجه إلى صناديق الاقتراع، وتساءلت: «لماذا لا يصوت الناخبون العرب بمعدل أعلى من 50٪؟ وهل الجمهور الذى اختار عدم المشاركة فى الانتخابات يستطيع أن يدعى أنه يتعرض للإقصاء؟». ونسيت القاضية أن تسأل لماذا لا يشارك هؤلاء العرب المتقاعسون بنسبة أكبر فى الانتخابات؟ الجواب موجود فى عشرات الأبحاث التى توصلت إلى قاسم مشترك حصيلته اقتناع العرب فى إسرائيل بأنهم لا يستطيعون التأثير فى الحياة السياسية أو أن يحسنوا ظروف حياتهم من خلالها.

السبب الثانى الذى لا ينفصل عن الأول هو خيبة الأمل من أسلوب أداء أعضاء الكنيست العرب. وفى الواقع، فإن الاقصاء البنيوى للعرب هو الذى أدى إلى الابتعاد عن الحياة السياسية وليس سلبيتهم هى التى أدت إلى إقصائهم.

والدليل على ذلك أنه خلال السنوات الأولى للدولة، وقبل أن يصاب العرب بخيبة الأمل، تأرجحت نسبة مشاركة العرب فى الانتخابات بين 90% سنة 1955، و82% فى 1965. وفى السبعينيات تراجعت نسبة المشاركة إلى 70٪ مع نمو الشعور بالإبعاد والإقصاء. ومن المثير للاهتمام أنه فى سنة 1999 منح نحو 99% من العرب أصواتهم إلى إيهود باراك الذى زرع الآمال مع شعاره الكاذب «دولة الجميع».

لقد أخطأت القاضية حيوت. فتحديدا نسبة الحسم المنخفضة هى التى تسمح بظهور أحزاب عربية جديدة وشابة تستطيع منافسة الأحزاب العربية القديمة، ومن شأنها أن تشجع على المشاركة فى الانتخابات. لكن يبدو أن هذا الهدف ليس هو ما تسعى إليه القاضية التى تفضل كتلة عربية عديمة الظلال تعكس النظرة اليهودية العامة والأحادية إلى الأقلية العربية. ومن الصعب أن تجد يهودا يعرفون من وراء الحروف الأولى للأحزاب العربية، ولا يميزون بين إيديولوجياتها، فبالنسبة إليهم هناك جماعة واحدة هى «العرب».

إن نسبة الحسم العالية أو المنخفضة لن تساهم فى تحسين وضع العرب فى إسرائيل أو تسىء إليهم، لكنها قد تشكل مقياسا لطبيعة الديمقراطية فى إسرائيل. ويبدو أن القاضى جبران وحده تقلقه هذه المشكلة الثانوية.

التعليقات