عام على وقف إطلاق النار وحرب مستمرة - ناصيف حتى - بوابة الشروق
الإثنين 10 نوفمبر 2025 9:06 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

من يفوز بالسوبر المصري؟

عام على وقف إطلاق النار وحرب مستمرة

نشر فى : الإثنين 10 نوفمبر 2025 - 7:20 م | آخر تحديث : الإثنين 10 نوفمبر 2025 - 7:20 م

بعد أسبوعين من الزمن يكون قد مر عام على اتفاق وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل والذى ينص فى بدايته على وقف الأعمال العدائية من صباح يوم ٢٧ نوفمبر: اليوم التالى لولادة الاتفاق. وبالطبع لعبت الولايات المتحدة، بشكل خاص، ومعها فرنسا الدور الأساسى فى التوصل إلى هذا الاتفاق المكون من 13 بندًا. وينص الاتفاق (النقطة ١٢) على سحب القوات الإسرائيلية تدريجيا إلى جنوب الخط الأزرق وذلك عند بدء وقف الأعمال العدائية وفقا للفقرة الأولى. وتتولى الولايات المتحدة رئاسة ما يعرف بالآلية التى تضم إلى جانبها فرنسا وطرفى الصراع واليونيفيل. وتتولى الآلية المراقبة والتحقق والمساعدة فى ضمان تنفيذ ما اتفق عليه. ما حصل حتى الآن أن إسرائيل احتلت بعد توقيع الاتفاق نقاط خمس جديدة فى الأراضى اللبنانية ذات «أهمية استراتيجية» من المنظور الإسرائيلى. واستمرت فى عدوانها على لبنان فى مسار تصعيدى، مفتوح فى الزمان وفى المكان. كما غيرت فى قواعد الاشتباك من خلال إسقاط قاعدة تحييد المدنيين فى حربها، كما تدل كل المؤشرات. وقد أكد استراتيجية التصعيد المجلس الوزارى الأمنى المصغر فى اجتماعه منذ أيام من خلال قراره بتكثيف الهجمات وزيادة وتوسيع بنك الأهداف.


فى ظل هذا التصعيد دعت فرنسا وكذلك الاتحاد الأوروبى إسرائيل إلى الانسحاب من النقاط الخمس وأدانت الضربات الإسرائيلية ودعت إلى وقفها. شكل ذلك بداية، ولو متأخرة، ولكن ضرورية لموقف يجب أن يتحول إلى حافز ومحرك ودافع لقوى وأطراف دولية أخرى للذهاب فى هذا الاتجاه بغية ممارسة الضغط الضرورى لتغيير الموقف الإسرائيلى نحو التقيد باتفاق وقف إطلاق النار وبشكل كلى. الموقف الأمريكى يبقى الموقف الحاسم فى هذا الشأن فهل سيستمر فى تغطية الموقف الإسرائيلى من خلال عدم إبداء أى معارضة أو تحفظ على ما تقوم به إسرائيل أم أن واشنطن قد تجد، ولو بعد عام من الزمن أن عدم إيقاف هذه السياسة الإسرائيلية يعنى الذهاب نحو المجهول؟. الأمر الذى يؤدى إلى إشعال مزيد من الحرائق فى منطقة تعيش على صفيح ساخن. حرائق قد تؤدى إلى تعطيل «استراتيجيات كبرى» لواشنطن، كما نسمع ونقرأ لإعادة ترتيب المنطقة أو لإحداث تحولات أساسية فى علاقة القوى فى الإقليم.


السياسة الإسرائيلية القائمة على الحرب المفتوحة والتغييرية من غزة إلى لبنان مرورًا بالضفة الغربية ستنعكس فى إحداث مزيد من التوترات والحروب بأشكال وعناوين مختلفة لا تخدم الاستقرار فى المنطقة، لا بل قد توظف فى صراعات قائمة أو عائدة بسبب ما هو حاصل.
إن المطلوب مزيد من التحرك الهادف على الصعيد الدولى من طرف لبنان و«أصدقاء لبنان» وكل الأطراف المعنية بالاستقرار الفعلى للدفع نحو بلورة خريطة طريق عملية تبدأ بالضغط الفاعل على إسرائيل لانسحابها من النقاط المحتلة ولوقف عدوانها على لبنان والانسحاب إلى جنوب الخط الأزرق كما نص على ذلك قرار وقف إطلاق النار.


ليس ذلك بالأمر السهل دون شك ولكنه ليس بالأمر المستحيل إذا ما وظفت الضغوطات الدولية المطلوبة والغائبة حتى الآن فى هذا الاتجاه. وهذا ليس بنهاية الطريق رغم أهميته لكنه يفتح الباب للذهاب فى إطار لجنة «الميكانيزم»، التى تضم الأطراف المشار إليها سابقًا للتفاوض غير المباشر، حسب الصيغة القائمة مع تعزيز ذلك بخبراء وأهل اختصاص مدنيين متى اقتضى الأمر.


الهدف من التفاوض غير المباشر الذى أشرنا إليه يبقى العمل على إعادة إحياء اتفاقية الهدنة للعام ١٩٤٩ وتعزيز وتحصين هذه الاتفاقية إذا ما استدعى الأمر بمزيد من الإجراءات الأممية المتوازية والمتماثلة على طرفى الحدود. إحياء اتفاقية الهدنة يسهل فى العمل على ترسيم (وأفضل تعبير تثبيت) الحدود البرية التى تقوم على خط الهدنة أساسًا، مع وجود خلافات حول عدد من النقاط يمكن التفاوض حولها، كما أشرنا وفى إطار لجنة الميكانيزم ذاتها. أما الحديث عن المفاوضات المباشرة وعن السلام، فالموقف اللبنانى واضح فى هذا المجال، ويقوم على مفهوم السلام الشامل والدائم والعادل وفق القرارات الدولية ذات الصلة وهو موقف يستند كليا على مبادرة السلام العربية التى أُقرت فى القمة العربية فى بيروت عام ٢٠٠٢. خلاصة الأمر أنه موقف يجمع ما بين المبدئية والواقعية فى تناول هذه المسألة.


وزير خارجية لبنان الأسبق

ناصيف حتى وزير خارجية لبنان الأسبق
التعليقات