هل يستضيف ترامب إفطارًا رمضانيًا - محمد المنشاوي - بوابة الشروق
الجمعة 13 ديسمبر 2024 5:43 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

هل يستضيف ترامب إفطارًا رمضانيًا

نشر فى : الخميس 2 يونيو 2016 - 10:05 م | آخر تحديث : الخميس 2 يونيو 2016 - 10:05 م
يُقيم الرئيس الأمريكى إفطارا رمضانيا منذ عام 1996، وخلال العشرين عاما الماضية استضاف كل الرؤساء سواء الديمقراطيين، مثل بيل كلينتون أو باراك أوباما، أو الجمهوريين، مثل جورج بوش الإفطار الرمضانى. يستغل الرؤساء الأمريكيون مناسبة الإفطار الرمضانى لتكريم المسلمين، والتركيز على إسهاماتهم فى المجتمع الأمريكى. وتظهر وثائق أمريكية أن أول من استضاف إفطارا رمضانيا هو الرئيس الثالث للولايات المتحدة، توماس جيفرسون، عندما استضاف السفير التونسى «سيدى سليمان مليميلى» خلال شهر رمضان فى التاسع من ديسمبر عام 1805. واحتراما للشعائر الدينية لسيدى مليميلى، فقد غير جيفرسون وقت تناول الطعام من موعده المعد سابقا من بعد الظهر إلى وقت غروب الشمس بالضبط.

ومع تزايد افتراضية احتمال فوز دونالد ترامب بالرئاسة الأمريكية، على الرغم من ضعف تلك الحظوظ، تثار العديد من الأسئلة مبعثها ما يخرج من المرشح غريب الأطوار خاصة تلك التى تتعلق بالإسلام والمسلمين. مبعث التساؤل هو ما خرج عن الملياردير ترامب من مطالب بمنع المسلمين (1.6 مليار نسمة) من دخول أمريكا كإجراء أمنى وقائى حتى يتم اتخاذ إجراءات تحمى الأمريكيين منهم على حد قوله. كما يرى ترامب أنه استنادا إلى استطلاعات الرأى المختلفة، على حد تعبيره، فالمسلمين بشكل عام يكرهون الأمريكيين، وأن الإسلام يعادى أمريكا. ولم يقتصر تطاول ترامب على المسلمين والإسلام، فالمرشح الجمهورى تطاول على المملكة العربية السعودية، بقوله: «لا أعتقد أن السعودية تستطيع البقاء إذا لم تقم الولايات المتحدة بدورها فى حماية المملكة»، وأضاف كذلك: «نحن ندافع عن الجميع، هم يأتون طلبا للنجدة من الولايات المتحدة، ونحن سندافع عنهم، وهم يريدون ذلك دون مقابل».

***

على العكس مما يؤمن به ترامب ويمثله، فالمسلمون هم جزء عضوى من النسيج المجتمعى الأمريكى منذ نشأته قبل قرنين ونصف القرن من الزمان، ولم يؤثر على هذا النسيج كل الأحداث الكبرى التى وقعت. وبداية جاء المسلمين، ضمن العبيد الأفارقة، ثم جاء المسلمون، كغيرهم، فى موجات هجرة مستمرة حتى اليوم. وهناك مسلمون فى كل مجالات الحياة الأمريكية بما فيها من سينما وأدب ورياضة وفضاء، إضافة لوجود آلاف المسلمين، ممن يخدمون فى الجيش الأمريكى. وعلى الرغم من عدم وجود رقم محدد لأعداد المسلمين فى أمريكا، وذلك لأن الإحصاءات الرسمية الحكومية لا تأخذ الدين بعين الاعتبار، تذهب بعض التقديرات المستقلة بالعدد إلى ما بين 6 ملايين و8 ملايين شخص لديهم ما يقرب من 2500 مسجدا تتوزع فى كل الولايات الخمسين، ويتمتع المسلمون بمستويات تعليمية ومادية أعلى من متوسط الأمريكيين، وهناك 66% من العائلات المسلمة تحقق دخلاً سنوياً يزيد على المتوسط الأمريكى الذى يقترب من 55 ألف دولار. ولا يعيش المسلمون فى مناطق مغلفة أو ما يعرف بالجيتو، كما هو الحال فى بعض ضواحى العواصم الأوروبية، بل ينتشرون فى مختلف الولايات، ولا توجد أحياء مغلقة عليهم فى أى من المدن الأمريكية. وعلى الرغم من أن المسلمين لا ينشطون سياسيا على المستوى القومى العام، فإن هناك عضوين مسلمين، ضمن أعضاء مجلس النواب. النائب كيث أليسون ــ ديمقراطى ــ ولاية مينيسوتا، والنائب أندريا كارسون ــ ديمقراطى ــ ولاية أنديانا، هذا إضافة لمئات الجمعيات والتنظيمات المختلفة.

ومن مظاهر التناغم الاجتماعى للمسلمين ما أقدم عليه قبل عام عمدة مدينة نيويورك؛ وهى أكبر مدن أمريكا، «بيل دى بلاسيو» من تحديد عطلتين رسميتين جديدتين لطلاب المدارس الحكومية فى مدينته، هما يوم عيد الفطر ويوم عيد الأضحى. ويعنى ذلك أنه لن يكون هناك حصص تعليمية خلال يومى العيدين لجميع الطلبة وليس للطلبة المسلمين فقط. وقال «دى بلاسيو» عشية هذا الإعلان: «هناك مئات الآلاف من العائلات المسلمة لن يتوجب عليها الاختيار بعد الآن بين الاحتفاء بأقدس الأيام فى دينهم وبين حضور الحصص فى المدرسة. وخلال السنوات القليلة الماضية قررت أربع مقاطعات فى ولايات ماساشوستس ونيوجيرسى وميتشجان غلق مدارسها الحكومية للاحتفال بعيدى الفطر والأضحى. وانطلق منطق مسئولى هذه المقاطعات من أنها خطوة كبيرة فى إطار معاملة أتباع الديانات المختلفة بصورة متساوية، أسوة فى ذلك بمنح الطلاب المسيحيين، واليهود عطلات فى أعيادهم.

***

وعلى الرغم من وجود تناغم مجتمعى تجاه المسلمين، فإن دعوات ترامب المعادية للإسلام وللمسلمين، تلقى بعض الرواج فى الوقت ذاته. وهذه النغمة الترامبية العدائية لم تولد من فراغ، فهناك صورة نمطية سلبية عن الإسلام والمسلمين، بصفة عامة تدعمها الممارسات الشاذة والإرهابية، التى يقوم بها المتطرفون ممن ينتمون للديانة الإسلامية. وساهمت هجمات 11 سبتمبر 2001، وما تلاهما من غزو أمريكى لأفغانستان والعراق، بكل ما حمل من مآسٍ وفضائح وجرائم فى الإضرار بالعلاقات الأمريكية الإسلامية. وأشارت دراسة حديثة، لمؤسسة بيو لدراسة الرأى العام، على عينة عشوائية من 1504 مواطنين أمريكيين أن 63% من الأمريكيين يعتقدون بوجود تمييز ضد المسلمين بصورة أو أخرى، فى حين يعتقد 19% فقط بعدم وجود أى تمييز. كما أشارت الدراسة إلى اعتقاد 46% من الأمريكيين أن الإسلام يشجع العنف فى حين نفى 42% وجود علاقة بين الديانة الإسلامية وأعمال العنف.

***

خلال حفل الإفطار الرمضانى الأخير بالبيت الأبيض، قال الرئيس الأمريكى: «علينا أن نظل أوفياء لأسمى مثلنا الأمريكية، ليس هناك مكان للانقسامات الزائفة بين الأعراق والأديان. كلنا أمريكيون، وكلنا متساوون فى الحقوق والكرامة، ومن المحظور إطلاقا استهداف أى من كان أو الانتقاص من قدره بسبب دينه، وهذا ما يجعلنا أقوياء». فهل يلتزم ترامب (إن فاز بالانتخابات الرئاسية) بجوهر ما ذكره سلفه أوباما. أم سينجح ترامب فى فرض واقع جديد داخل البيت الأبيض ويتوقف عن عادة رئاسية لم تتوقف خلال العقدين الأخيرين.
محمد المنشاوي كاتب صحفي متخصص في الشئون الأمريكية، يكتب من واشنطن - للتواصل مع الكاتب: mensh70@gmail.com
التعليقات