السيسى والبرادعى..نموذج رجل الدولة - عماد الغزالي - بوابة الشروق
الجمعة 13 ديسمبر 2024 4:44 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

السيسى والبرادعى..نموذج رجل الدولة

نشر فى : الإثنين 5 أغسطس 2013 - 8:00 ص | آخر تحديث : الإثنين 5 أغسطس 2013 - 8:00 ص

حمل حديث الفريق السيسى لجريدة الواشنطن بوست رسائل بالغة الأهمية، وكالعادة، كان كلام الرجل دقيقا ومركزا، فقد أدان بوضوح موقف الإدارة الأمريكية من ثورة 30 يونيو، وعبر ببساطة عن موقف الشعب المصرى تجاه حكم الرئيس المعزول، الذى لم يكن رئيسا لكل المصريين، وبقى حتى اليوم الأخير رئيسا لأهله وعشيرته، كما لخّص أزمة الجماعة التى لا تعرف الولاء للوطن، وإنما ولاؤها الأول والأخير لتنظيمها ومخططها وقياداتها، وأعلن من جديد أنه لا نية لإقصاء أى طرف من العملية السياسية، وأن فى مصر الجديدة متسع للجميع.

كلام السيسى جاء متسقا مع كل ما قاله فى خطب وأحاديث سابقة، ومعبرا عن جموع الشعب المصرى التى خرجت بالملايين فى 30 يونيو ثم فى 26 يوليو، تعلن رفضها لمرسى وجماعته، وانحاز لها جيش مصر الوطنى العظيم، الذى يسعون بكل السبل لتفكيكه، متوهمين إمكانية استنساخ النموذج السورى، مرة باستدعاء صريح لتدخلات أجنبية، وأخرى بالإلحاح الخائب على مقولات يتم تصديرها لشق الصف الوطنى، عن «العسكرة» «وحكم العسكر»، وهى حيلة خبيثة تطلقها أبواق الإخوان وينساق خلفها نفر من المتأخونين الجدد.

ومساء السبت، وجه الدكتور محمد البرادعى فى حديثه لفضائية الحياة عدة رسائل أخرى لا تقل أهمية عن ما قاله السيسى، وقبلها، امتلأ الفضاء الالكترونى بهجوم على البرادعى «الخائن» الذى يريد العفو عن مرسى وقيادات الإخوان مقابل فض اعتصام رابعة والنهضة، الذى تابع حديث البرادعى لا يمكن أن يخرج بهذا الاستنتاج، فالرجل أعلن بوضوح أن العفو عمن ارتكب جرائم فى حق المصريين أمر يملكه القضاء والشعب المصرى وحده، وأنه مستعد للحوار مع القيادات الإخوانية التى لم تتورط فى ممارسة العنف أو التحريض عليه، وأنه يرفض أن تكون فى مصر بعد 30 يونيو أحزاب قائمة على أساس دينى، وإن لم يمانع أن تكون لها مرجعية دينية، لا تتصادم مع نموذج الدولة الوطنية الذى تسعى مصر إليه، ودعا الإخوان إلى المشاركة فى وضع الدستور والانخراط بروح جديدة فى الحياة السياسية.

لكن ثمة رسائل مشتركة فى الخطابين...

كلاهما، البرادعى والسيسى، أكدا حرصهما على عدم إراقة الدم المصرى، وسعيهما لفض اعتصامات الإخوان سلميا، ولم ينساقا خلف الدعوات الشعبوية الزاعقة، المطالبة بسحق المعتصمين، فالسيسى التقى عددا من قيادات التيار الدينى للبحث عن مخرج آمن للأزمة، والبرادعى أكد مرارا أن الأمر كله لابد أن يتم وفقا للقانون، فهما يدركان أن الإخوان هم الطرف الوحيد المستفيد من العنف، وأنهم سيسعون له، حتى لو قررت الداخلية فض اعتصامى رابعة والنهضة بالكولونيا وماء الورد، كى يستعيدوا دور الضحية حفاظا على تماسك التنظيم، وتشنيعا على النظام المصرى فى الخارج.

كلاهما أكد أنه لا عودة للوراء، وأن مصر ستبقى مدنية ديمقراطية.

كلاهما أعلن عدم نيته الترشح لانتخابات الرئاسة، فى وقت هدد بعض الإخوان بحرق البلد إذا لم يفز مرسى فى انتخابات الإعادة ضد شفيق، ولا يمانع فى حرقها بعد أن عزلته الملايين.

عشنا مع مرسى سنة هى الأسوأ فى تاريخ مصر، والذين يتحدثون عن الاستقطاب ويلومون الإعلام مرددين كلاما أجوف بلا لون ولا طعم، عليهم أن يعودوا لأقوال مرسى وأفعاله على مدى عام كامل، ليعرفوا من الذى قسّم المصريين وشتت شملهم.

عماد الغزالي كاتب صحفي
التعليقات