كمامة ترامب المثقوبة - طلعت إسماعيل - بوابة الشروق
الخميس 12 ديسمبر 2024 6:58 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

كمامة ترامب المثقوبة

نشر فى : الإثنين 5 أكتوبر 2020 - 9:55 م | آخر تحديث : الإثنين 5 أكتوبر 2020 - 9:55 م

ظل الرئيس الأمريكى يكابر ويعاند، بل ويستخف بكل تحذيرات الأجهزة الطبية والمعنيين بمكافحة فيروس كورونا حتى غزا الوباء البيت الأبيض، وأصاب ترامب وزوجته ميلانيا، وعدد من المسئولين والمقربين إلى الرئيس الذى رضخ لنقله إلى مستشفى والتر ريد الطبى العسكرى بولاية ماريلاند، وسط تضارب عن الوضع الصحى للمسئول الأول عن أقوى دولة فى العالم.
منذ بداية أزمة فيروس كوفيد ــ 19 المعروف بكورونا، قبل نحو عشرة أشهر فى مدينة ووهان الصينية، سارعت دول العالم إلى اتباع نصائح وإرشادات منظمة الصحة العالمية، وراحت الأجهزة الطبية الوطنية فى كل بلد تبذل قصارى جهدها لمحاصرة الوباء الذى أصاب أكثر من 35 مليونا وأودى بحياة أكثر من مليون و42 ألف شخص حول العالم حتى الآن.
وبينما راحت دول العالم تتعامل مع الوضع الخطر بإجراءات احترازية، بينها إغلاق الحدود وحظر التنقل، اعتقد الرئيس الأمريكى، أن الأمر مزحة، أو مؤامرة يحيكها خصومه الديمقراطيون لزعزعة فرصة إعادة انتخابه، وكلما يسأله صحفى عن طريقة مكافحة إدارته لكورونا كان يرد بعبارة شهيرة «Wash your hands أو أغسل يديك»، وكأن غسل اليدين كفيل وحده بالقضاء على الفيروس، وراح ترامب يقلل من أهمية الكمامة، بل ورفض ارتدائها فترة طويلة، وعندما ظهرت على وجهه فى مناسبات قليلة، لتفادى الانتقادات الواسعة، يبدو أنها كانت كمامة مثقوبة للتصوير فقط.
فهم ترامب السطحى لخطر كورونا انعكس على طريقة تعامل إدارته مع مكافحة الوباء، فتراخت تلك الإدارة فى اتخاذ الإجراءات الاحترازية، لتقليل حجم الإصابات فى التوقيت الملائم، والنتيجة كانت انتشار الفيروس وسط الأمريكيين انتشار النار فى الهشيم، حتى أوقع أكثر من 7 ملايين و600 ألف إصابة، وأكثر من 214 ألف حالة وفاة حتى كتابة هذه السطور.
وعندما بدأ الرئيس الأمريكى يفيق قليلا، تعمد استغلال مكافحة الفيروس لصالح حملة إعادة انتخابه، وراح يتحدث عن قرب إنتاج لقاح يسحق كورونا، ويسوق جهود إدارته فى التوصل إلى عقار لعلاج المصابين بالفيروس، غير أن الرجل ظل فى داخله معاديا للعلم والنصائح الطبية، منكرا المخاوف التى تقتضى التباعد الاجتماعى، واتباع الإجراءات الاحترازية.
والجمعة الماضية استيقظ العالم على إعلان ترامب إصابته وزوجته بالفيروس، قبل أن نكتشف إصابة عدد من مسئولى الرئيس الأمريكى والمقربين منه عقب فعاليات داخل البيت الأبيض بينها حفل فى حديقة الورود، أقيم السبت قبل الماضى، وحضره نحو 150 مدعوا للإعلان عن ترشيح القاضية إيمى كونى باريت للمحكمة العليا، وهو الحفل الذى قالت صحيفة «واشنطن بوست» فى تقرير إنه «كان خاليا من أى تقييد بإرشادات الصحة العامة للوقاية من الفيروس وكأن الوباء قد انتهى».
تقرير الصحيفة أشار إلى أن الحاضرين «كانوا على ثقة تامة بأن البيت الأبيض خالٍ بشكل تام من العدوى»، وبعد أن ظهرت نتائج فحص الضيوف وتبين أنها سلبية، تلقوا جميعا تعليمات بعدم ارتداء الكمامة، واختلط الوزراء وأعضاء مجلس الشيوخ بدون أى عائق فى الحفل المزدحم الذى أقيم قبل خمسة أيام من ثبوت إصابة عدد من الحضور بالفيروس.
وأمام الحقائق التى لا يمكن تكذيبها، يخضع ترامب الآن للعلاج من كورونا، لتثبت إصابته، التى تهدد بقاءه، أن حالة الإنكار لما يدور فى الواقع، والتعامل الأحمق مع المرض على الأرض، لا يعنى أن الوباء لا يتنقل بين الساحات والميادين، قبل أن يصل لعقر دار الرجل فى قصره الرئاسى وتستيقظ بلاده على الكارثة.

التعليقات