«بورسعيد السينمائي».. النوايا الطيبة لا تكفي - خالد محمود - بوابة الشروق
الخميس 25 سبتمبر 2025 1:52 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

برأيك.. من البديل الأنسب لـ ريبيرو في النادي الأهلي؟

«بورسعيد السينمائي».. النوايا الطيبة لا تكفي

نشر فى : الأربعاء 24 سبتمبر 2025 - 8:20 م | آخر تحديث : الأربعاء 24 سبتمبر 2025 - 8:20 م

انطلقت الدورة الأولى من مهرجان بورسعيد السينمائى وسط آمال عريضة وخطوة طموحة تهدف إلى وضع المدينة الباسلة على خريطة الفعاليات السينمائية فى مصر، وأن تكون هذه البداية بوابة جديدة للسينما فى الأقاليم، خاصة فى مدينة بحجم وتاريخ بورسعيد.
ورغم أهمية الخطوة فإن التجربة كشفت عن الكثير من النقاط، التى تستحق التوقف عندها بالنقد والتحليل، إذا كنا جادين فى تطوير الفكرة مستقبلًا.

 


فما الذى تحقق؟ وما الذى لم يتحقق؟ وماذا نحتاج إذا أردنا دورة ثانية تليق بمهرجان سينمائى حقيقى، وبين التطلعات والواقع، يبقى السؤال مطروحًا: هل كان المهرجان على قدر الطموح؟ وإلى أى مدى استطاع أن يترك بصمة تستحق الالتفات؟
من الإنصاف القول إن مجرد تنظيم دورة أولى لمهرجان سينمائى فى مدينة بحجم بورسعيد يُعد مكسبًا فى حد ذاته، فالمهرجان سعى لأن يكون مساحة ومنصة لعرض الأفلام المستقلة والتجارب الجديدة، وفتح المجال للحوار حول قضايا الفن والسينما.
كما كانت هناك محاولات واضحة لجذب الأسماء المعروفة فى الوسط الفنى، سواء من خلال لجان التحكيم أو الضيوف، وهو ما أضفى على الحدث من الطلة الأولى مساحة من الجدية والرغبة فى النجاح.
لكن المكسب الرمزى لا يكفى وحده، فهناك مسئولية تجاه تحقيق جودة حقيقية فى التنظيم والفعاليات، وتجاه جمهور المدينة الذى لم يشعر ـ للأسف ـ بأن المهرجان يعنيه أو يخاطبه.
فرغم النوايا الطيبة لإدارته برئاسة الناقد أحمد عسر، فى إقامة مهرجان له هويته الخاصة وسط تحديات كبيرة لمستها، فإن الدورة الأولى لم تخلُ من ملاحظات سلبية، أثّرت على الحضور والمشاركين، على حد سواء، فغياب التواصل والترويج الفعال جعل الكثيرين لا يعلمون بوجود فعاليات المهرجان من الأساس، حتى داخل بورسعيد نفسها، فمن أبرز المشاهد التى طغت على المهرجان كان ضعف الإقبال على عروض الأفلام، وهى الظاهرة المتكررة فى مهرجانات الأقاليم.
فحتى وإن كانت هناك بعض الفعاليات الجيدة، مثل ورشة السيناريو للكاتب والمخرج هانى فوزى التى شكلت نقطة إيجابية مهمة للمهرجان، وعرض ومناقشة فيلم «الجذور» الذى تناول اليونانيين فى بورسعيد، بجانب عدد من الافلام المستقلة الجيدة فنيًا، إلا أن غياب الترويج وضعف الربط بين كثير من الأنشطة والجمهور المحلى حال دون خلق تفاعل حقيقى كان من الممكن أن يعزز التواصل مع الأهالى.
الحقيقة أن المهرجان بدا وكأنه موجه للضيوف وليس لأهالى بورسعيد، وهو أمر يجب التوقف عنده كثيرًا.. لم يتم استثمار الشارع البورسعيدى، ولم تكن هناك فعاليات خارج القاعات المغلقة تجذب الأسر والشباب، مثل عروض فى الهواء الطلق، أو أنشطة فنية موازية.
والسؤال ما الذى يحتاجه المهرجان فى المستقبل؟
لضمان استمرارية المهرجان وتحقيق تأثير حقيقى، يحتاج القائمون عليه أولًا إلى خطة تسويقية محلية وقومية، تعرّف الجمهور بالمهرجان وتثير فضوله.
ثانيًا: انفتاح أكبر على الشارع، من خلال أنشطة تفاعلية، وورش عمل، وعروض ميدانية.
ثالثًا: تنويع برامج المهرجان لتشمل أفلامًا قصيرة وطويلة من ثقافات مختلفة، وقضايا معاصرة تهم المواطن العادى.
رابعًا: شراكات قوية مع مؤسسات تعليمية وثقافية فى المدينة، وتدريب فريق تنظيم محلى لضمان تحسين الأداء اللوجيستى والاتصالى.
وأخيرًا.. الحديث عن المهرجان لا يكتمل دون الإشارة إلى دور محافظ الإقليم، الذى عادة ما يشارك فى حفل الافتتاح بكلمة بروتوكولية، وصورة تذكارية، ثم يغيب عن المشهد.
لكن إذا كان هناك طموح حقيقى لتحويل المهرجان إلى فعالية سنوية جاذبة، فإن دور المحافظ يجب أن يكون أعمق من ذلك بكثير.
محافظ بورسعيد اللواء محب حبشى، أكد حرصه على دعم المهرجان، وأعرب عن أمله فى انفتاح المحافظة على الثقافات السينمائية المختلفة، وهذا يدفعنى لأن أطلب منه العمل خلال الدورة المقبلة على دعم البنية التحتية للمهرجان بشكل فعلى: «إذا لم يكن المحافظ داعمًا حقيقيًا، فسيظل المهرجان مجرد مناسبة للصور والأجواء الاحتفالية».
وعليه فإن العمل على توفير قاعات عرض مجهزة ضرورة، وكذلك التنسيق بين الأجهزة التنفيذية، والمشاركة فى الترويج المحلى للحدث، وحث المدارس والجامعات والأندية والمراكز الثقافية على المشاركة، ومتابعة نتائج الدورة وتقيم أداءها، لا أن يترك الأمر بيد لجنة التنظيم وحدها.
الدورة الأولى من مهرجان بورسعيد السينمائى كانت بمثابة خطوة أولى على طريق طويل، قد تكون عانت من بعض التعثر، لكنها فتحت الباب نحو مشروع قابل للنضج والتطور.. والسؤال الحقيقى الآن: هل هناك إرادة حقيقية لاستثماره وتنميته أم ستظل مجرد تجربة تُروى فى أرشيف المحاولات؟

خالد محمود كاتب صحفي وناقد سينمائي
التعليقات