الحبيب المجهول - محمود قاسم - بوابة الشروق
السبت 14 ديسمبر 2024 9:53 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الحبيب المجهول

نشر فى : الجمعة 7 يونيو 2024 - 6:45 م | آخر تحديث : الجمعة 7 يونيو 2024 - 6:47 م

فى كل عصر يتهافت القراء على الإصدارات الجديدة لأدباء من نفس الجيل بهدف القراءة، وفى سنوات الأربعينيات من القرن الماضى ازدهرت هذه الظاهرة، وقامت شركات السينما بتوظيف أدباء كثيرين ليعملوا لديها ككتاب سيناريو، وكان من أبرزهم الكاتب البريطانى جيمس هيلتون (1900 ــ 1954)  الذى تم تحويل أكثر من عشر رويات له إلى أفلام سينما، وخاصة «الأفق المفقود»، و«وداعا ياسيد شيبس»، وهما فيلمان تم إنتاجهما أثناء حياته.

أما رواية «حصاد عشوائى» فقد أخرجها ميرفين ليروا وشارك فى بطولته رونالد كولمان وجرير جارسون عام 1942، وترجمت هذه الرواية مختصرة فى سلسلة روايات عالمية تحت عنوان «عودة الأسير» بمعنى أنه تم تغيير عنوانها لتوحى أنها تدور حول الحرب، وبالفعل فإن بطل القصة يصاب أثناء المعارك بفقدان الذاكرة، وفى المستشفى العسكرى يلتقى بالممرضة التى أحبها ويتزوج منها، وتنجب منه طفلا.

وفى أثناء ركوبه القطار يتعرض لحادث وتعود إليه الذاكرة ويجد نفسه متجها إلى بيته القديم قبل الحرب، ويلتقى بأسرته التى غاب عنها خمس سنوات، ويستأنف حياته الجديدة، ويكاد يتزوج فتاة من بنات العائلة، إلى أن تظهر امرأة أخرى ومعها ابنها، وتحاول أن تجعله يتأكد أن الابن هو أيضا ولده، وأنها تزوجته أثناء الحرب.

هذا الموضوع شد انتباه السينما إلى أحمد سالم وساعده فى ذلك بديع خيرى، وكان فيلم الماضى المجهول عام  1946 أول إخراج له، وهو من بطولة ليلى مراد وبشارة واكيم، وكان اسم الثرى هنا هو «أحمد علوى»، وهو اسم استعاره أحمد سالم فى أغلب أفلامه التالية، كما كان هو اسم حسن يوسف فى فيلم «فتاة الاستعراض»، وهذه تفاصيل مهمة حول فيلم مشهور امتلأ بالأغنيات الجميلة، فضلا عن رقة «نادية» الممرضة، والتى أحبت فاقد الذاكرة المجهول الماضى، وعاشت معه سنوات سعيدة فى قريتها البعيدة، ودون أن تعرف أنه رجل ثرى.

تكالب أفراد أسرته على ميراثه أثناء غيابه ظنا منهم أنه مات، وهناك تشابه عام فى الأحداث ولكن الرواية الأجنبية تتحدث عن محارب، وقع فى الأسر عدة سنوات، وعليه الآن العودة إلى ماضيه القديم، ولا شك أن هذا الرجل واقع بين طرفين، الأول هو أسرته، والثانى زوجته وأم ابنه، والتى تستخدم لغة العاطفة بكل ما بها من تفاصيل، ولأننا مع ليلى مراد فى عمل سينمائى فيجب أن تغنى له، «حيران فى دنيا الخيال.. محروم من الذكريات»، وتتكشف الأمور وتعود الأسرة إلى عشها الطيب.

تحيا السينما.. فعند مشاهدة هذا الفيلم سوف نستمع إلى الأغنية الكاملة التى لحنها محمد عبدالوهاب لنفسه، وأهداها إلى ليلى مراد باسم «الفن».. حيث تمتدح الملك الفاروق، راعى الفن، باعتبار أنه بعد عام 1952 تم اختصار هذه الأغنية ليستمع الناس إلى المقطع الأول منها وتختفى بقية المقاطع باعتبار أن الفيلم فى طبعته الحالية هو طبعة كاملة تمت فى زمن التكنولوجيا، والفيلم حقق نجاحا كبيرا، وهو ما دفع أحمد سالم لأن يعيد إحياء «أحمد علوى» فى أفلامه التالية، ومنها المستقبل المجهول، بما يعنى أن فيلم اليوم كان يمثل حركة اجتماعية وفنية ذات ملامح، ومنها الفورق الاجتماعية بين الطبقات والصراع على  المال، واستحالة اكتمال قصة حب بين العاشق الثرى وبنت تعمل ممرضة متطوعة  تنتمى لطبقة فقيرة.

التعليقات