موشيه زوكرمان... «أهلا ومرحبا» بمعاداة السامية! - مواقع عربية - بوابة الشروق
الجمعة 9 مايو 2025 12:19 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تتوقع نجاح اتفاق الهدنة في غزة؟

موشيه زوكرمان... «أهلا ومرحبا» بمعاداة السامية!

نشر فى : الخميس 8 مايو 2025 - 8:00 م | آخر تحديث : الخميس 8 مايو 2025 - 8:00 م

موشيه زوكرمان (ولد عام 1949)، هو مفكر، وعالم اجتماع يهودى من أصل ألمانى، وأستاذ فخرى فى جامعة تل أبيب، وهو معروف بمواقفه النقدية تجاه السياسات «الإسرائيلية»، وخصوصا فيما يتعلق بالصهيونية. فى كتاباته، يعبر زوكرمان عن رفضه للصهيونية كمشروع سياسى، ويرى أن الصهيونية عموما فى داخلها عوامل انتهائها وفنائها.
تأتى أهمية أفكار زوكرمان فى أنه يشغل منصبا أكاديميا رفيعا ومؤثرا فى جامعة تل أبيب، ونجت أسرته من المحرقة النازية فى بولندا خلال الحرب العالمية الثانية، وكان فى بدايات حياته من أشد المناصرين للحركة الصهيونية، ثم انقلب عليها نتيجة ممارسات الصهيونية البشعة فى فلسطين، مما يجعل لمواقفه وكتاباته صدى خطيرا ومؤثرا فى دولة الكيان.
أثارت مواقف زوكرمان جدلا واسعا فى المجتمع «الإسرائيلى»، ووسط الجالية اليهودية، حيث يعتبره البعض خائنا، بينما يعتبره آخرون من المدافعين عن حقوق الإنسان والسلام.
نتيجة لمواقف زوكرمان المعادية للصهيونية صنفته الحكومة الألمانية ضمن الشخصيات المعادية للسامية؛ فقال مقولة مشهورة: «الآن يمكننى التباهى بتصنيف الحكومة الألمانية لى رسميا على أننى معاد للسامية فأهلا ومرحبا!» وجاء تصنيفه كمعاد للسامية نتيجة اعتباره «إسرائيل دولة فصل عنصرى (أبارتيد)، ورفضه الصهيونية لأنها ليست إلا أيديولوجيا استعمارية. ولعل ذلك الأمر يوضح لنا مدى الازدواجية فى المعايير لدى بعض الدول الغربية، ومحاولة استخدام بعض المصطلحات فى غير سياقها، واستهداف كل شخص يعارض سياسة الكيان الدموية، أو يؤيد الحقوق الفلسطينية العادلة على أرضهم، ومن ثم توجيه التهم الجاهزة سلفا لكل من يقول كلمة الحق، ومنها التهمة التى لا معنى لها على الإطلاق: معاداة السامية، حتى لو كان هذا الشخص يهوديا، طالما لا يؤيد الكيان فى سياسات القتل والدمار التى تتم على أرض فلسطين، وكذا انتهاك القانون الدولى، وتلك قمة الشوفينية، والبراجماتية المريضة فى السياسات الغربية الحالية، وهى سياسة سافرة وفجة، وصارت من دون أى معايير أخلاقية بشكل لافت.
يرى زوكرمان أن العقيدة الصهيونية ليست مجرد حركة قومية، تهدف إلى إيجاد وطن قومى لليهود، بل هى أيديولوجيا استعمارية تهدف إلى فرض الهيمنة والسيطرة على أراض كانت مأهولة بفلسطينيين. وبالنسبة إليه، الصهيونية تتبنى مفهوما يشبه الاستعمار الأوروبى فى العصور الحديثة، حيث يتم استبدال السكان الأصليين (الفلسطينيين) بسكان مهاجرين جدد يتم نقلهم كالبعير من بلاد أخرى، ثم يعطونهم الحق فى امتلاك الأراضى التى هاجروا إليها بدلا من سكانها الأصليين.
انتقد زوكرمان العلاقة بين كل من الصهيونية والهوية اليهودية: فيرى أن الصهيونية حاولت فرض هوية يهودية قومية دينية قد تكون بعيدة عن التقاليد اليهودية نفسها. كما يذهب إلى أن الصهيونية حولت اليهودية من ديانة إلى قومية، وهو ما أدى إلى تغيير جذرى فى الهوية اليهودية التقليدية.
• • •
يعتبر زوكرمان أن «إسرائيل» ولدت نتيجة «فاحشة»، لا زواج شرعى، مؤكدا أن كل يهودى وكل «إسرائيلى» يعرف ذلك فى أعماق قلبه، وهذه الفاحشة هى النكبة الفلسطينية عام 1948، وتكررت هذه الفاحشة على مدى عقود بتهجير الفلسطينيين المستمر، وقتلهم على أيدى الاحتلال «الإسرائيلى». وهى انتهاكات فجة، وأعمال قتل وحشية كنا نسمع عنها فى الماضى، ولم نكن نتخيل أن تصل بشاعتها إلى هذا المدى، وإجرامها إلى هذا الحد الذى لا يمكن تصوره، وأضحينا نراها بأم أعيننا هذه الأيام.
كما وجه زوكرمان الانتقاد لاحتلال الأراضى الفلسطينية، خصوصا بعد عام 1967، واعتبر أن هذه السياسات تمثل انتهاكا لحقوق الإنسان، وتهديدا للسلام فى المنطقة. كما أكد على أن الاحتلال العسكرى «الإسرائيلى» للمناطق الفلسطينية لن يؤدى إلى تحقيق الأمن أو الاستقرار لـ«إسرائيل»، بل سيتسبب فى المزيد من العنف والدمار. وبناء على ذلك، يرى أن مقاومة الشعب الفلسطينى للاحتلال (الإسرائيلى) حق طبيعى لهم، و«طوفان الأقصى» تعود جذوره إلى النكبة الفلسطينية عام 1948.
كما أنه يعارض بشدة فكرة «الدولة اليهودية»، التى تقوم على أساس قومى يهودى خالص، فهو يرى أن هذه الفكرة تتعارض مع الديموقراطية، وحقوق الإنسان، حيث إنها تميز بين الشعب على أساس دينى وعرقى. ويرى أن «إسرائيل» أسوأ مكان يمكن أن يعيش فيه اليهود، فهى ليست أرضهم، وهم شعب بلا أرض.
يؤكد زوكرمان أنه على جميع «الشعب الإسرائيلى مواجهة الحقيقة المرة، ألا وهى أن الدولة التى يحمل جنسيتها تحتل أرض شعب آخر، وتعامله بشكل غير إنسانى منذ عشرات السنين، ويجب عليه وعلى كل شخص يحترم ذاته أن يواجه ذلك بشجاعة. أما الحقيقة الأكثر مرارة أن «انهيار الصهيونية و«إسرائيل» ضرورة حتمية لا مفر منها». وكتب عن ذلك مؤلفات عدة منها كتابه الذى تنبأ فيه بانهيار الصهيونية وإسرائيل بعنوان: «مصير إسرائيل: كيف تسير الصهيونية فى طريقها إلى الأسفل»، (2014).
• • •
كما عبر زوكرمان عن رفضه لاستخدام الهولوكوست كأداة لتبرير ممارسات «إسرائيل» تجاه الشعب الفلسطينى، إذ كان يعتقد أن معاناة اليهود فى فترة الهولوكوست لا ينبغى أن تستخدم كذريعة للتمييز ضد الفلسطينيين والفلسطينيات، أو للقيام بأعمال قمعية ضدهم. وكان أحد أبرز كتب زوكرمان التى تناولت هذا الموضوع هو «صناعة الهولوكوست»، حيث ناقش كيف تم استغلال المحرقة اليهودية (الهولوكوست) من قبل بعض الأوساط السياسية والاقتصادية لتعزيز مصالح معينة، بما فى ذلك تبرير السياسات «الإسرائيلية» تجاه الشعب الفلسطينى. فى هذا الكتاب، تحدث زوكرمان عن كيفية استخدام الذاكرة الجماعية لليهود حول المحرقة كأداة لتحفيز الدعم الغربى لـ«إسرائيل»، بل وأحيانا لتشويش الانتقادات الموجهة لسياسات الدولة الإسرائيلية.
دعا زوكرمان إلى إيجاد حل عادل للنزاع الفلسطينى الإسرائيلى، ورأى أن هذا الحل يجب أن يعتمد على تأسيس دولة ديموقراطية وليست يهودية، تضم جميع المواطنين، سواء كانوا يهودا أم فلسطينيين من دون تمييز بينهم، ما عدا ذلك فلتنتظر «إسرائيل» الفناء.
ومن خلال هذه المواقف، برز زوكرمان كأحد المفكرين اليهود الكبار الذين ينتقدون الصهيونية من داخل المجتمع اليهودى نفسه، وهو ما جعله يثير جدلا واسعا فى إسرائيل، وفى الأوساط اليهودية الدولية.

أنور محمود زناتى
موقع عروبة 22
النص الأصلي:
https://rb.gy/rrb3hg

التعليقات