ترامب لن يحوّل الولايات المتحدة إلى دولة تحت رعاية إسرائيل - من الصحافة الإسرائيلية - بوابة الشروق
الجمعة 9 مايو 2025 12:06 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تتوقع نجاح اتفاق الهدنة في غزة؟

ترامب لن يحوّل الولايات المتحدة إلى دولة تحت رعاية إسرائيل

نشر فى : الخميس 8 مايو 2025 - 8:00 م | آخر تحديث : الخميس 8 مايو 2025 - 8:00 م

منذ بدء ولايته الثانية، يقوم دونالد ترامب بإجراء تغييرات كبيرة فى الإدارة، والمجتمع، والاقتصاد، والثقافة والعلم فى أمريكا، ويؤكد أنه سيهدم الترتيبات القديمة كليا، وسيبنى أمة مُحافظة نحو الداخل ومنغلقة فى اتجاه الخارج. الثورة التى يقوم بها تطال كلّ شىء، ما عدا أمرا واحدا: العلاقات مع إسرائيل. فى هذا المجال تحديدا، يتماشى الرئيس مع النهج الذى صاغه أسلافه.
منذ اللحظة التى اعترف فيها هارى ترومان بإسرائيل، بدأت إدارة «العلاقات الخاصة» بين الدولتين بشكل شبه ثابت. واشنطن أعفت إسرائيل من التزام القضايا والمعايير التى فرضتها على دول أخرى صديقة ومُنافِسة أيضا: احترام الحدود، التزام القانون الإنسانى الدولى، ومنع انتشار الأسلحة النووية. طبعا، كان هناك فروق بين الرؤساء بشأن انزياحهم عن خصوصية إسرائيل: جون كينيدى أراد إغلاق المفاعل فى ديمونا، جيمى كارتر وباراك أوباما حاولا وقف انتشار المستوطنات، رونالد ريجان أبدى امتعاضه بسبب قصف بيروت، جو بايدن أوقف بعض إرساليات الأسلحة. وفى جميع هذه الخلافات صممت إسرائيل على ما تريده، وأبعدت الضغوط، وبعد مرور وقت حصلت على ما تريد.
إن حرية العمل التى حصلت عليها إسرائيل من الولايات المتحدة من دون أن تلتزم المعايير المتّبعة دوليا، وبرعاية «الفيتو» الأمريكى فى مجلس الأمن، لم تمنحها تأثيرا غير محدود فى السياسة الخارجية الأمريكية. فمنذ تأسيس الدولة حتى اليوم، لم يسِر حكام واشنطن فى الطريق التى أرادتها القدس، إلّا فى الشأن الفلسطينى، الذى كان، ولا يزال الموضوع الأكثر أهميةً، بالنسبة إليها، على صعيد الوجود والأمن والرفاهية الإسرائيلية.
لقد اعترف الأمريكيون بالنتائج الحدودية والديموغرافية لـ«حرب الاستقلال» «حرب 1948»، ولم يطالبوا بإعادة اللاجئين. وبعد «حرب الأيام الستة» «حرب يونيو 1967» تماشوا مع الاحتلال المستمر فى الضفة الغربية وشرقى القدس، حتى لو قالوا علنا إن «المستوطنات عائق أمام السلام». لكن خارج حدود أرض إسرائيل، ودائما ما أوضح الأمريكيون للقدس المرة تلو الأخرى، مَن هى القوة العظمى، ومن هى الدولة الموجودة تحت حمايتها. لقد أخرجوا إسرائيل من سيناء مرة فى «حملة قادش« «1956»، ومرة أُخرى عبر اتفاق السلام مع مصر، ومنعوا بيع أسلحة إسرائيلية للصين، ومنعوا أيضا ضرب المفاعل النووى فى إيران.
عندما وصل ترامب إلى السلطة، خالف أمورا كان متفقا عليها مع إسرائيل: نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، واعترف بضم الجولان، وامتنع من الإلحاح بشأن المستوطنات، وخلال أسبوعه الأخير فى الإدارة، دمج إسرائيل فى منطقة دفاع «القيادة الوسطى» الأمريكية. بايدن بدوره، لم يقُم بإلغاء أى قرار من هذه القرارات، وسمح لإسرائيل بهدم غزة بعد هجوم حركة «حماس»، والدفع قدما بضم الضفة، حتى لو فرض عقوبات رمزية على مستوطنين عنيفين.
عندما عاد ترامب إلى السلطة، باتت الآمال فى إسرائيل فى السماء، كأن بنيامين نتنياهو سيحصل على مفاتيح السياسة الخارجية الأمريكية. سريعا جدا، اتضح أن الرئيس لا يملك أى نية للسماح بذلك. بقيت الخطة مثلما كانت عليه دائما: إسرائيل تقوم بما تريده مع الفلسطينيين، وتلتزم أوامر واشنطن فى كل مكان آخر. فمثلما جرى قبل ترومان فى النكبة الأولى، الآن، يوافق ترامب على احتلال غزة وتطهيرها عرقيا. لكنه يسعى لصفقة مع إيران، بعكس موقف رئيس الحكومة، حتى إنه أقال مستشار الأمن القومى الذى خطّط مع نتنياهو لضرب المفاعل النووى. صحيح أن ترامب يمكن أن يكون عصبيا وسريعا، ويتجاهل القانون الدولى وحقوق الإنسان، أكثر من أسلافه، لكنه لن يحوّل الولايات المتحدة إلى دولة تحت رعاية إسرائيل.

ألوف بن
هآرتس
مؤسسة الدراسات الفلسطينية

التعليقات