تحديات التنمية المستدامة فى العالم العربى - العالم يفكر - بوابة الشروق
الخميس 12 ديسمبر 2024 6:01 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

تحديات التنمية المستدامة فى العالم العربى

نشر فى : السبت 8 أكتوبر 2022 - 6:30 م | آخر تحديث : السبت 8 أكتوبر 2022 - 6:30 م

نشر المركز المصر للفكر والدراسات الاستراتيجية مقالا للكاتبة هالة فودة، تناولت فيه أهداف الأمم المتحدة لتحقيق التنمية المستدامة، وما أنجزته الدول العربية فى هذا المضمار، ذاكرة الأهداف التى قطعت فيها الدول العربية شوطا كبيرا، والأخرى التى مازالت تحتاج إلى جهد دءوب.. نعرض من المقال ما يلى.
فى عام 2015 اعتمدت الدول الأعضاء بهيئة الأمم المتحدة أجندة 2030 للتنمية المستدامة، والتى تُعرف أيضا باسم «الأهداف العالمية للتنمية المستدامة»، وقد اشتملت على سبعة عشر هدفا تنمويا يتم تحقيقها حتى حلول عام 2030، يتلخص أبرزها فى: القضاء على الفقر، والقضاء التام على الجوع، والصحة الجيدة والرفاه، والتعليم الجيد، والمساواة بين الجنسين، والحد من أوجه عدم المساواة. وانطلاقا من تلك الأجندة، وضعت الدول استراتيجياتها للتنمية المستدامة حتى عام 2030.
تتجلى ميزة تلك الأجندة عن غيرها فى 4 نقاط، أولا: فى موافقة جميع الدول الأعضاء بمنظمة الأمم المتحدة والبالغ عددهم 193 دولة، علاوة على الآلاف من الجهات أصحاب العلاقة، على رؤية بعيدة المدى، تشمل أربعة محاور رئيسية وهى محاور: البيئى، والاجتماعى، والاقتصادى، والشراكات. وثانيا: فى اعتبار هذه الأجندة بمثابة دعوة لجميع البلدان الفقيرة والغنية والمتوسطة الدخل للعمل لتعزيز الازدهار، مع الأخذ بالاعتبار حماية كوكب الأرض. ثالثا: التمسك بأن القضاء على الفقر يجب أن يسير جنبا إلى جنب مع الاستراتيجيات التى تعزز النمو الاقتصادى للدول، ورابعا: تتناول الأجندة مجموعة من الاحتياجات الاجتماعية، بما فى ذلك التعليم، والصحة، والحماية الاجتماعية، وفرص العمل، مع معالجة تغير المناخ وحماية البيئة.
• • •
بعد مرور عامين تقريبا على تفشى فيروس كورونا، مضت الدول العربية قدما على مسار التعافى، وإن بوتائر متباينة. فعلى الرغم من تقلص الحيز المالى وقيود أخرى، وضعت الدول العربية حزم تحفيز بأحجام مختلفة، واعتمدت استجابات لحماية سبل العيش وتنشيط الاقتصادات، منها التحويلات النقدية وإعانات دعم الأجور والإعفاءات من سداد فواتير المرافق العامة وضبط أسعار السلع الأساسية، وأصبح ما لا يقل عن 24 تدبيرا من تدابير الحماية الاجتماعية التى تم اعتمادها خلال الجائحة دائما.
لكن لا يزال الاستثمار فى الحماية الاجتماعية فى العالم العربى منخفضا مقارنة بمناطق أخرى، خاصة فيما يتعلق بالمرأة. فوفقا لتقارير، فإن المرأة فى الدول العربية أكثر عرضة من الرجل لأداء أعمال غير مدفوعة الأجر، منها: رعاية الأطفال، والأعمال المنزلية، والانخراط فى العمالة الهشة، والعمل فى القطاع غير النظامى. وتُشير منظمة العمل الدولية إلى أن الحصول على تغطية نُظم الضمان الاجتماعى الشاملة أعلى بنسبة أربعة أضعاف للرجال. كما أضافت المنظمة أن الدول العربية توفر تغطية متدنية الاستحقاقات نسبيا للأمهات اللواتى لديهن أطفال حديثو الولادة، إذ تبلغ التغطية فى الدول العربية بأجمعها 31.6% وهى أقل من المتوسط البالغ 33.3% فى بلدان الشريحة الدنيا من مجموعة الدول المتوسطة الدخل، ومن المتوسط العالمى البالغ 44.9%. وهذا ما يُفسر التقدم العربى البطىء فى تحقيق هدفين من أهداف التنمية المستدامة المتعلقين بالمساواة بين الجنسين والحد من أوجه عدم المساواة.
وفيما يتعلق بالهدف الخاص بالقضاء التام على الجوع، فلا يزال التحسن فى الأمن الغذائى فى الدول العربية مستمرا، وهو فى ارتفاع طفيف منذ عام 2014، بينما تتناقص معدلات نقص النمو بين الأطفال وفقر الدم بين النساء، ولكنها لا تزال مرتفعة بدرجة كبيرة فى البلدان العربية الأقل نموا، أيضا لا تزال نسبة الأطفال الذين يعانون من زيادة الوزن ترتفع وهى الأعلى فى البلدان العربية.
أما الهدف المتعلق بالصحة الجيدة، فقد حققت المنطقة العربية نتائج أفضل عموما من المتوسط العالمى، وفيما يتعلق بالهدف المتعلق بالتعليم الجيد؛ لا تزال معدلات التسجيل فى مرحلة التعليم قبل الابتدائى منخفضة. أيضا فإن نسبة المعلمين فى المدارس الابتدائية الذين يملكون الحد الأدنى من المؤهلات أعلى بقليل من المتوسط العالمى، ولا سيما بالنسبة للمعلمين الذكور.
وفيما يتعلق بالهدف الخاص بالمياه النظيفة والنظافة الصحية، فقد سجلت الدول العربية تقدما هاما فى المؤشرات المتعلقة بحصول السكان على خدمات المياه والصرف الصحى التى تُدار بأمان. وتنفذ مجموعة دول مجلس التعاون الخليجى الإدارة المتكاملة للموارد المائية بدرجة أعلى من الدول العربية الأخرى، وهى تجرى تحسينات كبيرة فى كفاءة استخدام المياه، مما يؤدى إلى قدرة أفضل على فصل النمو الاقتصادى عن استخدام المياه حيث «تضع الحكومات خططا متكاملة لإدارة المياه تأخذ فى الاعتبار الدورة المائية بأكملها، بدءا من المصدر وحتى التوزيع، والاستخدام الاقتصادى للمياه، ومعالجتها، وإعادة تدويرها، وإعادة استخدامها ورجوعها إلى البيئة». بينما أوصت الأمم المتحدة بضرورة خفض عمليات سحب المياه العذبة إلى مستوى أكثر استدامة، علاوة على تعزيز ترتيبات التعاون فى مجال المياه بالنسبة لأحواض المياه العابرة للحدود.
أما بالنسبة لهدف، طاقة نظيفة وبأسعار معقولة، فقد حققت بعض الدول العربية تقدما كبيرا فى توسيع نطاق الحصول على الكهرباء والوقود النظيف. ومع ذلك فإن المنطقة تواجه صعوبة فى زيادة حصة الطاقة المتجددة من إجمالى الاستهلاك النهائى للطاقة والقدرة المركبة لتوليد الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة للفرد، وكلاهما لا يزالان أقل بكثير من المتوسط العالمى. ويمكن أن يُعزى ذلك جزئيا إلى ضعف التدفقات المالية الدولية إلى المنطقة لدعم الطاقة النظيفة، وأيضا إلى وفرة الوقود الأحفورى فى عدد كبير من بلاد المنطقة.
وفيما يتعلق بالهدف الخاص بالصناعة والابتكار والهياكل الأساسية، فلم تتحول المنطقة العربية بعد نحو التصنيع المستدام والشامل للجميع، ونحو جنى فوائد اقتصاد المعرفة بالكامل. ولا يزال قطاع الصناعات التحويلية فى المنطقة أقل إنتاجية وأكثر تلويثا مقارنة بالمتوسطات فى العالم، ويوفر فرص عمل أقل.
أيضا تتفاوت إمكانية حصول المؤسسات الصناعية الصغيرة على الخدمات المالية فى مختلف أنحاء المنطقة، وهى منخفضة بوجه خاص فى المشرق والدول العربية الأقل نموا. وتنخفض القيمة المضافة فى الصناعات المتوسطة والعالية التقنية، علاوة على تسجيل المنطقة مستويات منخفضة من الباحثين ومن الإنفاق على البحث والتطوير.
وفيما يتعلق بالأهداف المتعلقة بمدن ومجتمعات محلية مستدامة، والاستهلاك والإنتاج المسئولين، والعمل المناخى، فلا يزال أمام الدول العربية الكثير حتى تحقق تقدما ملحوظا فى تلك الأهداف، فبصفة عامة زادت نسبة السكان فى المناطق الحضرية الذين يعيشون فى أحياء فقيرة زيادة حادة منذ عام 2000، وزاد كذلك التلوث الحضرى، وكلاهما يتجاوزان المتوسط العالمى، علاوة على عدم توافر البيانات بشأن غالبية مؤشرات الهدف المتعلق بمدن ومجتمعات محلية مستدامة. أيضا لا تزال المنطقة العربية تسجل معدلات عالية من هدر الأغذية مقارنة بالعالم، وتدعم المنطقة استخدام الوقود الأحفورى بما يقرب من خمسة أضعاف المتوسط العالمى.
وفيما يتعلق بالهدفين: الحياة تحت الماء والحياة فى البر، فيعتبر الأول هو الأقل تتبعا من بين الأهداف فى الدول العربية، حيث هناك نقص كبير فى البيانات المتعلقة بصحة النُظُم الإيكولوجية البحرية وبتنفيذ ممارسات الصيد المستدامة. بينما تشهد المنطقة تحسنا فى اعتماد خطط طويلة الأجل لإدارة الغابات، وتعد مشاركتها فى المعاهدات الدولية المعنية بحماية الموارد الوراثية النباتية كبيرة.
أما الهدف المتعلق بالسلام والعدل والمؤسسات القوية، فقد تزايدت جرائم القتل فى المنطقة، ولكنها لا تزال دون المتوسط العالمى، وتتعرض الشركات ولا سيما فى الدول الأقل نموا أكثر من غيرها لطلبات دفع الرشوة، مع ثغرات ملحوظة فى عدة مؤشرات منها تلك المتعلقة بالسلامة الشخصية، والوصول إلى العدالة والحوكمة.
• • •
إجمالا، لا تزال هناك تحديات تواجه مجموعة الدول العربية فيما يتعلق بهدف التنمية المستدامة، خاصة الأهداف المتعلقة بالصحة الجيدة والرفاهية، والمياه النظيفة والنظافة الصحية، والصناعة والابتكار والبنية التحتية، والحياة تحت الماء، والسلام والعدل والمؤسسات القوية، الأمر الذى يتطلب بدوره بذل المزيد من الجهود واعتماد سياسات خاصة بكل بلد لمواجهة تحدياته.

النص الأصلي

التعليقات