مصلحة بوتين: منع الحريق - من الصحافة الإسرائيلية - بوابة الشروق
الجمعة 13 ديسمبر 2024 5:39 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

مصلحة بوتين: منع الحريق

نشر فى : الخميس 9 يناير 2020 - 9:15 م | آخر تحديث : الخميس 9 يناير 2020 - 9:15 م

الزيارة المفاجئة للرئيس الروسى فلاديمير بوتين إلى سوريا برفقة وزير دفاعه سيرجى شويجو وضباط روس رفيعى المستوى، ومقابلته بشار الأسد فى مقر قيادة الجيش الروسى فى دمشق، حظيت بعناوين أولى من دون تفصيلات فى وسائل إعلام الدولتين لم تكشف القلق الحقيقى فى الكرملين: بعد اغتيال سليمانى، الشرق الأوسط كله يمكن أن يشتعل فى أى لحظة.
قلق بوتين هذا يمكن الاستدلال عليه، بين مؤشرات أخرى، من خلال الرد الروسى المنضبط على الاغتيال، إيران وروسيا هما ظاهريا حليفتان، وأخيرا قامتا بمناورات عسكرية فى شمال المحيط الهندى، كان من الممكن أن يتوقع من بوتين أن يوجه اتهامات ثقيلة إلى ترامب بشأن «العمل غير المسئول» الذى قام به؛ وأن يظهر تعاطفا مع بكاء خامنئى، ويؤيد علنا حق إيران بانتقام قاسٍ ومؤلم. كل ذلك لم يحدث. الروس أدانوا الاغتيال بلغة ضعيفة، واكتفوا بمحادثات تعزية بين كبار المسئولين فى موسكو ونظرائهم فى طهران، وهذا ليس صدفة.
يجب أن نتذكر أن بوتين ليس فقط بطلا عالميا فى معرفة فرص ربح سياسى، بل وأيضا لديه خبرة فى تحديد المخاطر. بعد الاغتيال فى بغداد، الرئيس الروسى اشتم خطرا. فإذا كان هناك رد مجنون للإيرانيين على اغتيال الجنرال ضد الأمريكيين المنتشرين فى الشرق الأوسط، سيجر بالتأكيد ردا غير متناسب من جانب الدولة العظمى الأقوى فى العالم. ومن هناك ستقصر المسافة نحو اشتعال حريق كبير يمكن أيضا أن يلحق ضررا بمصالح روسيا.
من الطبيعى أن الأمرين اللذين يقلقان بوتين يتعلقان بسوريا التى تعتبر الموقع الأساسى له فى المنطقة. القلق الأول: فى شرق سوريا لا يزال هناك قوات أمريكية. إذا حاول الإيرانيون المس بها، ستتحرك الولايات المتحدة فى سوريا؛ وليس فقط فى شرق سوريا، بل فى كل مكان توجد فيه ميليشيات موالية لإيران. وهذا سيحرج كثيرا القوات الروسية المنتشرة فى سوريا. القلق الثانى هو أن تتلقى هذه الميليشيات أوامر من طهران للتحرك ضد إسرائيل من داخل الأراضى السورية، كجزء من حملة الانتقام على الاغتيال. يدرك بوتين أن إسرائيل لن تضبط نفسها فى مواجهة أى عملية واسعة ضدها من وراء الحدود، وربما أيضا ستتجاوز الخطوط الحمراء التى وضعتها الدولتان، مثل المس برموز النظام فى دمشق.
فى الأمس أشارت مصادر روسية إلى الزيارة المفاجئة للزعيم الروسى إلى دمشق كمحاولة للتأكد من أن الأسد سيعمل على ضبط الميليشيات الموالية لإيران الموجودة فى أراضيه وتهدئتها. بوتين يريد هدوءا فى سوريا، وسيبحث ذلك مع ضيوفه فى إسرائيل خلال الزيارة القريبة المرتقبة التى جرى التخطيط لها مسبقا، لكنها تحولت إلى زيارة مهمة أكثر من السابق بعد اغتيال سليمانى. كل ذلك بشرط ألا يسارع الإيرانيون إلى الرد قبل الزيارة، كما تنبأت فى الأمس عدة قنوات إعلامية فى الولايات المتحدة.
من دمشق، سيواصل بوتين طريقه إلى أنقرة من أجل تبريد منطقة أخرى. فى الأيام المقبلة، ستبدأ حرب فى ليبيا بين مرتزقة روس مؤيدين لجيش الجنرال خليفة حفتر، وبين مرتزقة أرسلتهم تركيا لمساعدة حكومة الوفاق الوطنى. سيحاول بوتين إقناع أردوغان بأن ما يجرى معركة خاسرة، لأن جيش الجنرال حفتر سبق أن سيطر على معظم الأراضى الليبية، وأنه من الأفضل لموسكو وأنقرة التعاون لمنع اشتعال حريق كبير فى المنطقة القريبة جدا من الحدود التركية.
إذا نجح بوتين فى مهمة التهدئة، يمكن أن تتحول ليبيا إلى موقع بحرى ثانٍ لروسيا فى حوض البحر الأبيض المتوسط، بعد سوريا.
محلل سياسى
يسرائيل هيوم
مؤسسة الدراسات الفلسطينية

عوديد غرانوت

التعليقات