الشباب بين التمكين والتهميش - أحمد عبدربه - بوابة الشروق
الخميس 12 ديسمبر 2024 5:47 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الشباب بين التمكين والتهميش

نشر فى : الأحد 9 فبراير 2014 - 4:35 ص | آخر تحديث : الأحد 9 فبراير 2014 - 4:35 ص

كان هذا عنواننا لندوة متلفزة ذاعتها قناة أون تى فى وقدمها الإعلامى المتميز عمرو خفاجى وكنت من بين ضيوفها إلى جانب الأستاذ خالد تليمة نائب وزير الشباب، والأستاذة داليا زيادة المدير التنفيذى لمركز ابن خلدون، والاستاذ محمد خليفة المتحدث باسم حزب النور إلى جانب الأستاذ أحمد بهاء الدين شعبان أمين الحزب الاشتراكى المصرى، وبرعاية المعهد السويدى بالإسكندرية ضمن سلسلة حلقات يشرف عليها المعهد تحت عنوان «أصوات من مصر». وقد سلطت الندوة الضوء على قضية غاية فى الأهمية ألا وهى موقع الشباب بين التهميش والتمكين فى ظل تغيير ثلاثة أنظمة ورئيسين فى خلال أقل من ثلاثة أعوام، وأدعو المهتمين والجادين فى مخاطبة الشباب من مسئولى الدولة إلى مراجعة محتواها، وليسمح لى القارئ وضع ملخص لأهم نقاط الحوار والجدل والآراء التى طرحت فيها لعلها تجد أذنا صاغية وعقلا واعيا لبناء المستقبل:

• كان هناك اتفاق على الدور المهم الذى لعبه الشباب فى قيام ثورة ٢٥ يناير وكذلك فى اسقاط الرئيس مرسى فى موجة ٣٠ يونيو وانه ما كان للشباب النجاح لولا دعم الأجيال الأكبر عبر نقل الخبرات النضالية للأجيال الأصغر.

• كان هناك اختلاف حول تعريف لفظة «الشباب» بين فريق يريد أن يقصرها على الأجيال الأصغر وآخر يريد توسيع المعنى لتشمل قيم الأجيال الأصغر، وهو ما يعنى أن الفريق الثانى يرى أن الشباب هو من يؤمن بقيم الأصغر عمرا، وينحاز لها بغض النظر عن عمره الحقيقى. وبالتالى فإن كان عمرك ٦٠ عاما ــ لكنك تؤمن بقيم الحرية والعدل والنضال فإنك «شاب»، أما اذا كان عمرك ٢٠ وتؤثر الاستقرار على ما عداه من قيم فإنك وبالمعنى الأخير كهل.

• كان هناك اتفاق أنه وعبر ٣ سنوات من عمر الثورة كان التهميش من نصيب الشباب على الرغم من كل خطب التمكين التى رددتها الأنظمة المختلفة إلا أنه وعلى مستوى السياسات غاب الشباب عن مؤسسات صنع القرار ومواقع المسئولية بحجة غياب الخبرة.

• كان هناك لوم للشباب فى تحمل مسئولية ما عن تهميشهم، وذلك بغلبة اللغة النضالية دون وجود مشاريع وبدائل حقيقة يقدمونها للمجتمع.

•كان هناك اتفاق أن «تمكين» الشباب لا يعنى فقط توليهم المناصب التنفيذية، ولكنه يتعدى ذلك ليشمل أولا توفير بيئة حرة تمكنهم من تفريغ طاقتهم واستيعاب أفكارهم دون خوف أو تردد، ثم توفير الظروف الاجتماعية والاقتصادية التى تساعدهم فى إيجاد عمل مناسب والاستقرار والزواج وإلا يبدو الأمر هزليا إذا طلبت من شاب أن يصبح وزيرا مثلا وهو غير قادر على الزواج أو إيجاد عمل مناسب! ثم عبر آليات دستورية وتشريعية تمكنهم من الترشح للمناصب العامة واحتلال مناصب قيادية فى المجتمع.

• كان هناك اتفاق عن غياب الدراسات العلمية لمعرفة أرقام دقيقة متعلقة بالشباب من نسب البطالة والزواج ومستويات التعليم والتوجهات السياسية والتصويتية.. إلخ، وقد علق كاتب هذه السطور على سبيل المثال وليس الحصر على عدم علمية ومنهاجية تصريح السيد وزير الاتصالات بأن الشباب قد صوت بنسبة ٧٠٪ فى الاستفتاء الأخير، أولا لأنه لم يكشف كيف له التوصل إلى تلك النسبة فى الوقت الذى لم تعلن اللجنة العليا للانتخابات أية أرقام باستثناء نسبة التصويت الإجمالية، وكذلك لأنه اعتمد على أن عدد أصوات الشباب المسجلة هى ١٦ مليون صوت، وهو أمر خاطئ تماما، حيث إن الرقم الصحيح هو ٣٧ مليون صوت بحسب قواعد اللجنة العليا للانتخابات.

•كانت هناك إشارة إلى أن حملة الاعتقالات العشوائية التى طالت الشباب فى الآونة الأخيرة، إنما هى مقصودة وممنهجة لعقاب الشباب على ثورتهم، وهو ما يعنى اتساع رقعة عدم الثقة بين الشباب من ناحية وبين أجهزة الدولة من ناحية أخرى، وهو ما يعنى فى التحليل الأخير استمرار تهميش الشباب وصولا إلى المرحلة الأخطر وهى «اغتراب الشباب» عن مجتمعهم ودولتهم الأمر الذى من شأنه إعاقة أى جهد للتنمية والتقدم.

• حدث اختلاف حول وضع جماعة الإخوان المسلمين بين رأى يراها إرهابية تستحق ما طالها من عقاب وبين رأى كاتب هذه السطور الذى يرفض استخدام الحرب ضد الإرهاب فى تصفية الحسابات السياسية والتى قطعا طالت حزب الحرية والعدالة (رسميا مازال قائما وشرعيا) وقطعا وضع شباب الجماعة ومعهم عموم شباب الإسلاميين فى مواجهة الرصاص والقمع والاضطهاد ولاحقا اللفظ المجتمعى وهو ما سيحولهم لاحقا إلى إرهابيين حقيقيين يحملون السلاح ضد المجتمع وهو أسوأ ما قد تنتهى إليه الحرب العشوائية الدائرة الآن بين الإسلاميين والدولة.

•وأخيرا وحول مدى جدية الدولة فى استيعاب الشباب وتمكينهم كان الرأى الغالب هو أنه لا إرهاصات على استيعاب الدولة أو نيتها أو إرادتها الحقيقة لاستيعاب الشباب، أما الأخطر فهو أن هذا الرد المباشر والمحبط قد جاء من السيد خالد تليمة نائب وزير الشباب وهو مؤشر مهم ورسمى عن مآل قضايا الشباب وأوليتهم فى أجندة السلطة القائمة الآن.

•••

انتهت الندوة وانتهى الحوار ورغم مساحات الاختلاف والاتفاق بين أطرافها فإن الشعور العام بالأسى والحزن على وضع شباب ادعى كل نظام قائم أنهم ضمن قائمة أولوياته مؤشر خطير على مستقبل العلاقة بين الشباب والدولة، ولا تهدف هذه السطور بالقطع إلى تصدير الإحباط واليأس، كما أنها ليست مقالة للندب، ولكنها مقالة تحذيرية من أن استيعاب الشباب ودمجهم ضمن دوائر صنع القرار أصبح ضرورة لا غنى عنها، وأن المنطق الأمنى الاستخباراتى القائم على أن للدولة هيبة لا تحفظ إلا بالحلول الأمنية القمعية هو منطق خطير وسيوسع دائرة المواجهات بين الشباب وأجهزة الدولة بحيث أن الأمر لن يقتصر فقط على شباب الإسلاميين، ولكنه سيتسع تدريجيا ليشمل شبابا من كل التيارات السياسية بل وحتى الشباب غير المسيس.

أما حل ذلك كله فلن يكون من خلال إنشاء مفوضيات للشباب فقط ولا من خلال دعوة صورية مكررة وتقليدية من مؤسسة الرئاسة أو رئاسة الوزراء لعدد من الشباب (المحفوظ والمعد مقدما) ليكون ضيفا أمام الكاميرات والشاشات، ولكن من خلال إرادة سياسية تدرك أن السلطة لا تتصالح ولا تتخاصم، ولكنها ملزمة بقواعد منضبطة للدمج السياسى لكل الفئات العمرية والتيارات السياسية، أما دمج تيار ولفظ آخر، أو استيعاب فئة عمرية وتشويه أخرى فمن شأنه خلق مجتمع مشوه ومضطرب وغير مستقر يستحيل معه التنمية والتقدم والرخاء ولا يمكن معه استكمال أى خارطة طريق!

أحمد عبدربه أستاذ مشارك العلاقات الدولية، والمدير المشارك لمركز دراسات الشرق الأوسط بجامعة دنفر