الحقيقة الغائبة فى مسلسل التوريث - عماد الغزالي - بوابة الشروق
الجمعة 13 ديسمبر 2024 4:51 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الحقيقة الغائبة فى مسلسل التوريث

نشر فى : الإثنين 9 نوفمبر 2009 - 10:49 ص | آخر تحديث : الإثنين 9 نوفمبر 2009 - 10:49 ص

 ورّثنا عبدالناصر للسادات، وأسلمنا السادات إلى حسنى مبارك، وذهب الأخير إلى مدى أبعد، فقرر أن يستبدل بتوريث النظام، حكم العائلة. هذه هى الحقيقة الغائبة فى مسلسل التوريث.

لم يخترع الرئيس مبارك فكرة التوريث، بل جاءت له على طبق من فضة باعتباره «الوريث» الشرعى لحركة الضباط المباركة، التى ألغت الأحزاب، ومحت أى فكرة عن تداول السلطة، وبدلا من أن تعيد صياغة نظام ديمقراطى حقيقى بعيدا عن سطوة الاحتلال ومؤامرات الملك، آثرت أن تستبد وحدها بالحكم، وأن تنشىء نظامها على أنقاض «النظام البائد»، فلم يعد العسكر أبدا إلى الثكنات، لأنه «لا صوت يعلو فوق صوت المعركة»، وحين أراد السادات أن ينقض نظام سلفه، أنشأ منابر وأحزابا، لكنه لم يقترب من هيبة الحكم وطريقة انتقال السلطة، فهو الذى يختار نائبه وحكومته ونواب برلمانه.

ولعلها من المرات القليلة التى تخلى فيها الرئيس مبارك عن ميله إلى «الاستقرار» وإبقاء الأوضاع على ما هى عليه، فلم يسر على خطا سابقيه ويعين نائبا، وكانت حجته أنه يريد أن يترك الاختيار للشعب، كما أنه لم ير فيمن حوله من يصلح لخلافته.

وبعد أن استنفدت المعركة حول نائب الرئيس أغراضها، وخمدت جذوة الكتابات الثائرة، وتعبت حناجر الصارخين فى البرية، برز الهدف الرئيسى من إحجام الرئيس عن تعيين نائب، فليس أغلى من الابن، وليس أمتع من السلطة، والرئيس على يقين أن ما جرى فى المعركة حول نائبه سيجرى فى الجدل الدائر حول من يخلفه.

يدرك النظام أن الكلام عن البرادعى وزويل ليس أكثر من تحليق فى الفراغ، لأن المادة 76 تحول دون ترشيحهما، أما السيد عمرو موسى فلن يفعلها حتى لو أجمعت عليه القوى السياسية جميعها.

وللعلم فإن فكرة ترشيح البرادعى تعود إلى عدة سنوات ماضية، وقد تبناها أحد الناشطين الشباب فى حزب الوفد، وأنشأ موقعا على الفيس بوك يدعو إليها، وسعى إلى حشد الآراء حولها بل وإلى مخاطبة البرادعى بشأنها، أما فكرة هيكل عن مجلس أمناء الدولة، فليست سوى إعادة صياغة لفكرة طرحتها حركة كفاية وآخرون قبل 5 سنوات تقريبا، ربما بشكل أعمق وأكثر اتساقا مما قال به.

ما الذى يعنيه ما سبق؟

يعنى أن النظام يستمتع بلهونا البرىء، ويدعونا إلى مزيد من اللعب والتيه فى الفراغ، كى ننشغل عن ساحة النضال الحقيقية: دستور جديد تشارك فى صنعه جميع القوى السياسية، ويصيغه خبراء وفقهاء عدول، يتيح تداولا سلميا للسلطة ويحد من سلطات الرئيس، ويحيلنا إلى جمهورية برلمانية، قبل أن يبتلعنا حكم العائلة.

عماد الغزالي كاتب صحفي
التعليقات