العناني ومعركة اليونسكو - طلعت إسماعيل - بوابة الشروق
الخميس 12 ديسمبر 2024 7:00 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

العناني ومعركة اليونسكو

نشر فى : الإثنين 10 أبريل 2023 - 6:55 م | آخر تحديث : الإثنين 10 أبريل 2023 - 6:55 م

يربط مصر ومنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة «اليونسكو» تاريخ من العلاقات يمتد لعشرات السنوات، فقد بدأ التعاون بين الجانبين مع إعلان قيام المنظمة عام 1945، لـ«إرساء السلام من خلال التعاون الدولى فى مجال التربية والعلوم والثقافة»، وهى رسالة كان العالم فى أشد الحاجة إليها فور أن حطت الحرب العالمية الثانية أوزارها على أنقاض ما خلفته من دمار وسفك لدماء ملايين البشر.

ومنذ نشأتها وحتى اليوم ساهمت اليونسكو فى الحفاظ على التراث العالمى المادى وغير المادى، بما يضمن تنوع الإرث الثقافى للشعوب المختلفة، ولأهمية الدور وثقل المهام تسعى العديد من البلدان لنيل شرف رئاسة هذه المنظمة العريقة التى تعد رمزا للإبداع وساحة للمبدعين فى كل مكان بما يخدم أهداف التنمية المستدامة، ويحاصر قبح الواقع الذى تصنعه الصراعات، وتخلفه الحروب.

مصر كبلد بما لديها من تراث إنسانى وإرث عالمى تشاركنا اليونسكو الحفاظ عليه، سعت إلى إدارة هذه المنظمة وتقدمت من قبل بثلاثة مرشحين لم يحالفهم الحظ، للأسف، لكنها تعاود الكرة اليوم للمرة الرابعة بعد إعلان رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولى قبل أيام ترشيح الدكتور خالد العنانى وزير السياحة والآثار السابق على مقعد المدير العام لهذا الصرح الدولى الكبير خلال الفترة من 2025 إلى 2029، بصفته مرشح جمهورية مصر العربية.

إعلان الحكومة عن ترشيح العنانى، أعاد إلى الذاكرة المعارك التى خاضتها مصر مع ثلاثة مرشحين هم الدكتور إسماعيل سراج الدين (1999) الذى لم يكن مرشحا كامل الرسمية بل مرشحا (من مصر وليس مرشح مصر) كما قيل وقتها، ثم الدكتور فاروق حسنى وزير الثقافة الأسبق، الذى نافس بقوة على المنصب (2009)، وأخير السفيرة مشيرة خطاب رئيس المجلس القومى لحقوق الإنسان حاليا، التى جرى ترشيحها عام 2017.

المرشحون الثلاثة خرجوا من سباق اليونسكو، بخفى حنين، وتركوا لنا مرارة الهزيمة فى الحصول على منصب دولى رفيع المستوى، وبالتالى من حق المصريين أن يتساءلوا عن فرص فوز المرشح الرابع لهذا المقعد، وهل أعددنا العدة للوقوف وراء العنانى، بما يضمن نجاحه؟

السيرة الذاتية للدكتور خالد العنانى تحفل بكل المؤهلات المطلوبة للمنصب الدولى المهم، لكن السيرة الذاتية للمرشحين الثلاثة السابقين لم تكن أقل من المطلوب، فجميعهم كان علما فى مجاله، وكان كل منهم يمتلك من الإمكانيات الشخصية والخبرات العملية ما يؤهله لإدارة أهم المؤسسات الدولية، لكن، وضع ألف خط أسفل كلمة لكن، لم يكن تحركنا بالمقدار الذى يضمن وصولهم للمنصب، وارتكبنا العديد من الأخطاء التى يجب الاعتراف بها.

من حقنا أن نطمئن على حسن الاختيار هذه المرة، وأن يكون الاستعداد للسباق الطويل، قد بدأ قبل إعلان ترشح العنانى، فالوصول لمقعد مدير عام اليونسكو ليس نزهة نيلية وقت العصارى، بل جهدا دبلوماسيا شاقا يبدأ بالحصول على أكبر توافق عربى وإفريقى أولا، وتسخير جميع البعثات الدبلوماسية المصرية بالخارج، ثانيا، لضمان أصوات بلدان ليس سهلا إقناعها من دون صفقات ومساومات تجرى عادة فى الكواليس.

العنانى شخصية تمتلك من المهارات والخبرات ما يجعلك تثق فى قدرته على إدارة منظمة بحجم اليونسكو، فهو أستاذ جامعى ووزير أشرف على العديد من المشروعات الكبرى للحفاظ على الآثار المصرية، لكن كل ذلك يمكن أن تذروه الرياح إذا لم تقف خلفة خلية نحل دءوبة على المستوى الرسمى وغير الرسمى، خاصة من الشخصيات ذات الثقل الدولى، وجمعيات المجتمع المدنى النشطة فى حقل التبادل الثقافى والتواصل مع مثيلاتها على المستوى الدولى.

مصر تستحق من الجميع جهدا حقيقيا لاسترداد جزء من مكانتها المفقودة على الساحة الدولية، ومعركة اليونسكو لا يجب بأى حال التعامل معها برعونة، أو التفريط فى أى عمل يسهم فى جلوس خالد العنانى على أهم مقاعد مبنى «النجمة الثلاثية» الاسم الذى يطلق على مقر اليونسكو فى العاصمة الفرنسية باريس.. فهل وعينا دروس الماضى بما يمنع تكرارها؟.

التعليقات