لدى مرسى وجماعته وحكومته إصرار عجيب على استحمار الناس.

صباح الخميس الماضى نقلت وكالة رويترز عن النائب العام طلعت عبد الله تغريدة، بشرنا فيها بأن الأسابيع المقبلة ستشهد مفاجآت فى قضايا يحاكم فيها رموز النظام السابق.

لعبة سخيفة ومكشوفة لإلهاء الناس عن فشل الرئيس وحكومته وجماعته فى إدارة البلاد، وحيلة بلهاء يتصور أصحابها أنها يمكن أن تحشد الناخبين حول الجماعة قبل أسابيع من انتخابات البرلمان، ولعلك تتذكر مناسبات عديدة لجأت فيها الجماعة إلى هذا التكتيك الخائب، فلدى الجماعة ومندوبها فى الاتحادية عدة أوراق تلعب بها عند اللزوم، وتستدعيها فى كل زنقة..

مثلا: دم الشهداء، الأموال الهاربة، عزل الفلول، الدولة العميقة،إعادة المحاكمات.. الخ، وهى تقاسيم يبدعها المايسترو فى المقطم، ويشارك فى أدائها عازفون من أبناء الجماعة، وآخرون من خارجها، من التوابع والموعودين و«العاملين عليها»، يتوزعون على الفضائيات وبرامج التوك شو وفيس بوك وتويتر، يتبادلون عزف النغمة المطلوبة، للتغطية على فشل الرئيس وحكومته وأكاذيب جماعته.

لكن ما أزعجنى فعلا أن يشارك النائب العام فى هذه النغمة النشاز بقصد أو دون قصد، ولا أعرف إن كان النائب العام سبق أن غرَّد على تويتر أو شارك فى سجالات الفيس بوك من قبل أم لا، وهل من الحكمة أن يفعل أم الأصوب أن يترفع عن صخب الفضاء الإلكترونى وسجالاته، لكننى احتراما للمنصب وحساسية شاغله، أتوجه إليه برسالة قصيرة رغم اعتراضى على الطريقة التى عيّن بها فى منصبه، وإصراره على البقاء رغم زوال الإعلان الدستورى الفاشى الذى أتى به، ورغم الرفض العارم لوجوده من قبل أعضاء النيابات وعموم الهيئة القضائية..

يا سيادة النائب العام، نظام مبارك كله فى السجون الآن، وأغلبهم محكوم عليه بسنوات سينقضى أجله قبل أن يتمها، ولن يفيدنا كثيرا أن تزيد سنوات سجن بعضهم من ٢٠ إلى ٣٠ سنة مثلا، أو حتى يعدم.

اعلم ــ هداك الله ــ أننا معنيون أكثر بالنظام الحالى، مشغولون بتصويب قراراته ومقاومة فساده وفضح ألاعيبه وأكاذيبه، وكبح جماح رغبته المسعورة فى الاستحواذ والتمكين، وأننا نعوّل كثيرا على قضائنا الشامخ الذى تشرف بالانتماء إليه فى هذا الصراع، ولعلك تشهد معنا محاولاتهم المستميتة لتقويضه وحصاره.

اعلم ــ هداك الله ــ أننا لن نقبل الانتقال من فساد مبارك إلى فشل مرسى، ولن نستبدل باستبداد البدلة استبدادا بلحية..

ياسيادة النائب العام نحن المصريين مشغولون بالمستقبل فلا تجرّنا للماضى..

احفظ لمنصبك جلاله ولا تحرق أصابعك فى لعبة السياسة، فأنت حكم بين كل المصريين، أنت ملاذ الضعفاء من أصحاب الحقوق فى مواجهة الظالمين والنافذين وذوى الحظوة..

لمنصبك هيبة، فلا تفقده ما تبقى له من احترام فى نفوس الناس.

أرجوك.. لاتغرد مع الجماعة.. ولا غيرها.