د سامية التمتامى.. وداعا - ناجح إبراهيم - بوابة الشروق
الجمعة 13 ديسمبر 2024 5:47 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

د سامية التمتامى.. وداعا

نشر فى : الجمعة 11 يونيو 2021 - 8:30 م | آخر تحديث : الجمعة 11 يونيو 2021 - 8:30 م
• أول باحثة فى العالم العربى تحصل على الدكتوراة فى علم الوراثة، وهى التى أدخلت هذا العلم الحديث لمصر والعالم العربى، وهى أحد ثلاثة من قادة علم الوراثة الطبية فى العالم كله، وكتابها عن تشوهات اليدين باللغة الإنجليزية والذى ألفته فى أمريكا يعد أكبر مرجع عالمى حتى الآن فى بابه، وطبع حتى الآن ثلاث مرات.
• وقد تخرجت من طب قصر العينى 1957 وكانت الأولى على طبيبات الدفعة، وكانت تستهويها معرفة أسباب الأمراض المزمنة وتشوهات الأطفال، كانت تتألم لهم، وكانت تهوى فك الألغاز الصعبة، وقرب تخرجها اكتشف الطب عدد الكرموسومات فى الإنسان وكان هذا سبقا طبيا عظيما.
• حصلت على منحة لدراسة الدكتوراة فى جامعة جون هوبكنز بأمريكا وتعلمت على يد رائد الوراثة البشرية العالم الأمريكى فيكتور مكيوزيك، والذى كان يفخر بها ويقول عنها فى المؤتمرات العلمية «د/ سامية التمتامى نقلت مصر بعلم الوراثة من دولة نامية إلى دولة حديثة».
• كان الأطباء الأمريكيون والأوروبيون يحولون لها حالات الوراثة التى تأتيهم من العالم العربى، فتعجب لذلك قائلة: لا كرامة لنبى فى قومه فأنا معروفة فى الغرب أكثر من العرب.
• اكتشفت أكثر من أربعين مرضا وراثيا مسجلة باسمها فى المراجع العالمية Timtamy Syndrome ولم يلحق هذا الفخر بأحد من العلماء المصريين والعرب إلا قليل، حتى إنها حينما اكتشفت أحد هذه الأمراض وكتبت عنه دراسة ونشرتها قالت لأستاذها الأمريكى: هل أكتب اسمك معى على هذا المرض فرفض بإصرار قائلا:هذه جهودك وحدها لم أكتب فيها حرفا.
• كل مرض اكتشفته كان وراءه صبر جميل ومثابرة عظيمة عرفت عنها، فقد أنتجت 240 بحثا طبيا محليا وعالميا، ولم تترك فرعا من فروع الوراثة البشرية إلا وأسهمت فيه إسهاما متميزا.
• ولم يكن هناك فى مصر ولا فى البلاد العربية علم اسمه علم الوراثة ولا منهج ولا قسم يدرس هذا العلم، وكل الذين تخصصوا فى هذه العلم من بدايته وحتى الآن هم تلاميذ ونتاج هذه العالمة العظيمة التى بدأت هذا العلم بحجرة بسيطة ومعها فنى يساعدها ثم تتابع المعيدون والأساتذة تعلمهم وترقيهم وتحتضنهم وتشد من أزرهم.
• لم يكن طريقها العلمى مفروشا بالورود وخاصة وهى تبدأ هذا العلم الصعب وحدها فى الوطن العربى بأكمله، وظلت تكافح لنشر هذا العلم حتى تحولت الحجرة الواحدة إلى شعبة الوراثة بالمركز القومى للبحوث والتى تضم أكثر من مائة باحث وعالم، وهذه الشعبة تضم الآن سبعة أقسام، وقد أشرفت على ستين رسالة دكتوراة و50 رسالة ماجستير فى هذا العلم الدقيق.
• وحضرت 50 مؤتمرا دوليا ومحليا، وعقدت المؤتمر الأول للوراثة فى مصر، وحصلت على عشرات الجوائز من العالم كله، أما فى مصر فقد حصلت على جائزة الدولة التقديرية ومن القلائل الذين حصلوا على قلادة النيل وهو أعلى وسام مصرى على الإطلاق.
• حاولت أمريكا إغراءها بكل الطرق للبقاء دون جدوى وكانت تقول: إذا لم نرجع لبلادنا فمن سيطورها.
• وقد تعرضت د/ سامية التمتامى لمحنة قاسية حينما احترقت معظم شقتها وكانت فيها ابنتها الكبرى التى لقيت حتفها جراء الحريق، فقابلت ذلك بالصبر الجميل والرضا العميق رغم بكائها اليومى المتواصل على ابنتها.
• حرق شقق العلماء يتكرر كثيرا دون سبب ظاهر وآخرها ما ذكرناه من حريق شقة د/ إبراهيم الفقى الذى احترق معها.
• وتعود أصول د/ سامية إلى دمنهور لأب محامٍ وأم مدرسة رياضيات وكانت دائما الأولى فى الدراسة وحصلت دائما على مجانية التفوق الدراسى وشجعها على ولوج الطب دخول شقيقها سعيد كلية الطب فقرأت كتبه الطبية وهى فى الثانوية، وكانت تقرأ القواميس كلها فى وقت فراغها.
• كما أنها التقت بالدكتور إبراهيم ناجى قبل شهرته كشاعر فقد كان طبيب الأسرة ومرضت بالتيفود فظل يعالجها حتى شفيت وكان يقول لها: «هذه الرأس الكبيرة ستكون دكتورة» ولما غنت له أم كلثوم الأطلال ازدادت إعجابا به ورغبة فى أن تكون مثله، وكانت تحفظ أشعاره.
• وترى د/ سامية أن نسبة زواج الأقارب فى العالم العربى تجاوز 40%، وترى أن معدلات الأمراض تزيد بين مواليد الأزواج الأقارب أربعة أضعاف غير الأقارب، كما أنها اتصلت بمفتى مصر بعد أن أباح اختيار الأجنة الذكور حسب رغبة الزوج عن طريق اختيار البويضات وشرحت له وجهة نظرها بحرمة ذلك لأنه يعد «وأدا مبكرا وحديثا للبنات» فاستجاب المفتى لرأيها ورجع عن رأيه ومنع ذلك إلا فى حالات خاصة.
• وقد أسست الجمعية القومية للوراثة البشرية التى ساعدت مئات المرضى الذين يحتاجون للمساعدة، وهى التى شجعت الدولة ورجال الأعمال على إنتاج أطعمة وأدوية خاصة لبعض الأطفال المرضى أمراضا وراثية، مثل الأنواع الخاصة من الألبان والخبز لهؤلاء المرضى.
• ماتت منذ أيام د/ سامية التمتامى ولكن كل هذا العطاء العظيم لم يشفع لها عند القنوات الفضائية المصرية أن تذكرها بكلمة رثاء واحدة ولا أن تفرد لها مساحة صغيرة من مساحات أهل الفن والغناء، حتى لو دقيقة من دقائق شاكوش وأمثاله، سلام على العلماء والحكماء فى كل مكان.
التعليقات