خطوتان قبل الانطلاق - علي محمد فخرو - بوابة الشروق
الخميس 15 مايو 2025 1:13 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تتوقع نجاح اتفاق الهدنة في غزة؟

خطوتان قبل الانطلاق

نشر فى : الأربعاء 14 مايو 2025 - 9:20 م | آخر تحديث : الأربعاء 14 مايو 2025 - 9:20 م

هناك خطوتان يجب أن تتحققا فى اللحظة الراهنة التى تعيشها الأمة العربية، وذلك لأنهما مدخلان رئيسيان لتحقق أية أحلام وأهداف كبرى مستقبلية. واحدة من الخطوتين تتعلق بالنظام الرسمى العربى، والثانية تتعلق بالمجتمعات المدنية العربية.
أولا: فى غياب أو تراجع الحماس الرسمى العربى لأية خطوات وحدوية أو تضامنية فيما بين الأقطار العربية، كما كان الحال فى الخمسينيات من القرن الماضى، وبسبب الضمور أو التشّوه الذى حل بالتجمعات العربية، من مثل الاتحاد المغاربى أو حتى مجلس التعاون الخليجى ، أصبح الطريق الوحدوى العربى الرسمى الباقى هو طريق الجامعة العربية.
لكى يكون طريق الجامعة العربية طريقا يقود إلى مشاريع تكاملية وتضامنية وحدوية عربية، أو يبنى ويقوى شتّى أنواع الأمان العربى فى وجه المؤامرات والانتهاكات الاستعمارية الصهيونية المتعاظمة، لا بد من البدء بجعل الجامعة العربية قوية وفاعلة وكفؤة بعد أن أصابها مؤخرا الوهن والعجز وقلة الحيلة.
هذا سيستدعى إجراء إصلاحات جذرية لأهداف وتركيبات الجامعة تجعلها قادرة على طرح المبادرات دون انتظار هذه الدولة العضو أو تلك لتقوم بذلك، وبالتالى جعلها تملك حقوقا قانونية وسياسية أكبر وتتحمل مسئوليات أثقل بكثير، أى جعلها مؤسسة فعل فى الواقع العربى وليس مؤسسة كلام فقط، كما فرض عليها طيلة تاريخها.
أعتقد أن هذه الخطوة يمكن بدؤها بأحد الطريقين التاليين: قيام أحد أو مجموعة من الدول الأعضاء بطرح اقتراح إجراء ذلك الإصلاح، أو قيام الجامعة العربية نفسها بدعوة مجموعة من المفكرين والمثقفين والمناضلين السياسيين العرب، ومن بعض المؤسسات العربية البحثية المشهود لها بالبحوث الرّصينة، من أجل تدارس الأمر ووضع تصور متكامل عن عملية الإصلاح، ومن ثم تقديمه لمجلس الجامعة لمناقشته وتفعيله.
إن جامعة جرى إصلاحها وتوسعة مسئولياتها وتجديد روحيتها وأنشطتها وربط أهدافها بتغيير الواقع العربى المريض المجزأ المنتهك يوميا من أوروبا والكيان الصهيونى ومع الأسف من بعض دول الإقليم المجاورة، هى المدخل الوحيد الرسمى المتبقى حاليا. بدون ذلك فإن مستقبل الوجود العربى فى هذا الإقليم سيكون غامضا ومعرّضا لمخاطر خارجية جمة، وهو ما يجب أن تعيه كل أنظمة الحكم العربية، وذلك قبل أن تنفجر حمم الغضب فى وجوهها.
ويتمنى الإنسان أن يساهم بعض الأخوة من المفكرين والكتاب والمثقفين فى مناقشة صواب أو خطأ أو مشاكل هذا الاقتراح المتصّور.
ثانيا: إن تضعضع وضعف الكثير من الأحزاب والحركات القومية الوحدوية فى منشأها القطرى وامتداداتها القطرية عبر الخمسين سنة الماضية قد قاد إلى فراغ سياسى وحدوى ملأته قوى حاملة لشعارات أخرى غير وحدوية التوجه. لقد تراجع الزخم النضالى الوحدوى كثيرا وتكالبت عليه قوى الاستعمار والصهيونية تشويها وإخراجا من الذاكرة الجمعية الشعبية العربية، خصوصا بعد أن تساقطت عدة أنظمة حكم عربية رافعة لشعار الوحدة العربية وداعمة لقوى المجتمعات العربية القومية.
وهكذا فمثلما أن المجال العربى الرسمى يحتاج إلى تفعيل الجامعة العربية لإعادة الحياة للتوجهات الوحدوية التكاملية كخطوة أولى، فكذلك ستحتاج المجتمعات العربية المدنية لتكوين حركة أو جبهة شعبية تنسيقية تضامنية يحسب لها ويشعر بوجودها المجتمع الدولى، وترجع التوازن فيما بين الدولة والمجتمع.
هذان مثلان من خطوات، إن فُعّلت ولم تُترك فى سكونها الحالى المخجل، فإن الأمل هو الانتقال إلى الأهداف الكبرى للأمة وللزّخم الجماهيرى الضرورى للخروج من الموت البطىء الذى نعيشه.

علي محمد فخرو  شغل العديد من المناصب ومنها منصبي وزير الصحة بمملكة البحرين في الفترة من 1971 _ 1982، ووزير التربية والتعليم في الفترة من 1982 _ 1995. وأيضا سفير لمملكة البحرين في فرنسا، بلجيكا، اسبانيا، وسويسرا، ولدي اليونسكو. ورئيس جمعية الهلال الأحمر البحريني سابقا، وعضو سابق المكتب التنفيذي لمجلس وزراء الصحة العرب، وعضو سابق للمكتب التنفيذي لمنظمة الصحة العالمية، وعضو مجلس أمناء مؤسسة دراسات الوحدة العربية، وعضو مجلس أمناء مؤسسة دراسات فلسطينية. وعضو مجلس إدارة جائزة الصحافة العربية المكتوبة والمرئية في دبييشغل حاليا عضو اللجنة الاستشارية للشرق الأوسط بالبنك الدولي، وعضو في لجنة الخبراء لليونسكو حول التربية للجميع، عضو في مجلس أمناء الجامعة العربية المفتوحة، ورئيس مجلس أمناء مركز البحرين للدراسات والبحوث.
التعليقات