حرب الاستخبارات - طلعت إسماعيل - بوابة الشروق
الخميس 12 ديسمبر 2024 6:29 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

حرب الاستخبارات

نشر فى : الإثنين 16 نوفمبر 2015 - 10:00 م | آخر تحديث : الإثنين 16 نوفمبر 2015 - 10:00 م
تطرح الهجمات الإرهابية الست المنظمة التى وقعت فى العاصمة الفرنسية باريس، وأدت إلى مقتل وجرح مئات الضحايا الأبرياء، سؤالا عريضا: أين كانت أجهزة الاستخبارات؟ ولماذا فشلت دولة كبيرة بحجم فرنسا فى التحرك الاستباقى لمنع مثل تلك العمليات الجبانة؟ ولماذا لم تساندها شقيقاتها الأوروبيات قبل وقوع الكارثة؟
السؤال نفسه ُطرح عشرات المرات منذ الحادى عشر من سبتمبر 2001 الأسود، الذى تعرضت فيه الولايات المتحدة لهجوم نفذه تنظيم القاعدة الإرهابى، ويظل الأعنف حتى الآن، بعد أن طالت يد الإرهاب العديد من العواصم الغربية من مدريد إلى لندن، ومرورا بفرنسا ذاتها، التى تعرضت لعدة هجمات، وإن تكن أقل ضراوة من الهجوم الأخير على باريس.
عندما وقعت كارثة 11 سبتمبر، كان الهجوم على حين غرة، واندفعت الولايات المتحدة والرئيس الأمريكى السابق جورج بوش الابن، إلى حملة انتقام واسعة بدأت باحتلال أفغانستان وتعقبت فلول «القاعدة» وطالبان فى جبال تورابورا، ثم انتقلت إلى العراق، مطلقة فى التوقيت ذاته «الفوضى الخلاقة» التى لا تزال تتفاعل قتلاً ودمارا فى بلداننا العربية من أجل خلق «شرق أوسط جديد»، متناسية أنها كانت تذوق من شرور عمل أجهزة استخباراتها، التى صنعت «القاعدة»، وأمثالها.
اصطف الغرب مع الولايات المتحدة، وتكونت التحالفات، وتجاورت القوات والأسلحة الفتاكة، لاصطياد الإرهابيين، لكن للأسف لا يزال الأبرياء يدفعون ثمن صراع يبدو خفيا، وإن كانت نتائجه تظهر على السطح بإراقة المزيد من الدماء البشرية، وترويع الملايين فى أرجاء الأرض الأربعة، بعد أن تحولت التركيبة المعملية للأشرار إلى وحش كاسر يعيث فسادا فى بلاد مطلقيه.
من صنع «القاعدة» شقيق من فتح الطريق أمام «داعش»، لتقطع الرؤوس، وتتمدد فى بلاد الشام والرافدين، وتلعب فى الأحراش الأفريقية، هو اليوم يكتوى بنيران، قد تكون خرجت عن السيطرة، ظاهريا، غير أن دورها لا يزال قائما فى لعبة مصالح سوداء، خرجت عن كل القواعد التقليدية، التى تلت حروب ما بعد الحرب الباردة.
اليوم.. وبعد مرور كل هذه السنوات والهجمات المتعددة التى وقعت عقب 11 سبتمبر، خاصة فى أوروبا، ألا يحق لنا التساؤل من جديد، متى تحط الحرب الاستخباراتية أوزارها؟، وهل يحصل العالم على وقت مستقطع لالتقاط الأنفاس من هذه الحروب القذرة التى تتزايد وفقا لمتوالية هندسية أم سيستمر العبث بمصائر البشر لتحقيق مصالح قوى متعطشة للدماء.
نتعاطف مع فرنسا، ونأسى للدماء البريئة التى سقطت على يد الإرهابيين، الذين يخرجون أسوأ ما فى النفس البشرية من حقد وكراهية، وفى الوقت ذاته نريد من الغرب ألا يتعامل بمكيالين، وأن يكف قادته عن ازدواج المعايير فى التعامل مع قضية الإرهاب، فإذا وقعت الهجمات فى دول الغرب تهب كل العواصم لمواجهة القتلة، وعندما تكون خارج تلك الدول، لا نرى سوى بيانات باهتة قد تشجب أو تدين على أقصى تقدير.
كما لا نريد أن تتحول الحرب على الإرهاب إلى حرب على الإسلام، حتى وإن كان مرتكبو تلك المجازر والمذابح ينتسبون إلى الإسلام زورا، نتمنى ألا يتزايد تيار الإسلاموفوبيا (العداء للإسلام)، وألا يدفع مسلمون أبرياء الثمن، فى ضوء محاولة البعض وضع قضية اللاجئين فى بؤرة الحدث.
اللاجئون تحملوا هجر أوطانهم، وانتحر بعضهم على شواطئ الغرب هربا من الجحيم فى بلادهم، ومن أفلت منهم من آتون النيران، يجب ألا يكون وقودا لصراع جديد.
التعليقات