ضرب الحوثى والعين على إيران - طلعت إسماعيل - بوابة الشروق
الإثنين 17 مارس 2025 10:59 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تتوقع نجاح اتفاق الهدنة في غزة؟

ضرب الحوثى والعين على إيران

نشر فى : الإثنين 17 مارس 2025 - 5:30 م | آخر تحديث : الإثنين 17 مارس 2025 - 5:31 م

 بضرباتها وغاراتها المكثفة على مواقع جماعة الحوثى فى اليمن، يبدو أن الولايات المتحدة تمهد الطريق أمام إسرائيل لاستهداف إيران، فى ظل التراشق بين واشنطن وطهران بشأن البرنامج النووى الإيرانى فى الظاهر والباطن، وبما يخدم فى المحصلة النهائية المصلحتين الأمريكية والإسرائيلية فى المنطقة.  

رسالة أولية للغارات الأمريكية العنيفة على العديد من المحافظات اليمنية التى تضم مواقع عسكرية لجماعة الحوثى مفادها أن التعامل مع ملف الملاحة فى البحر الأحمر الذى واجه أخطارا جمة بفعل استهداف السفن التى تمر عبر باب المندب، قد حان وقت التعامل الخشن معه بضربات ذات مصداقية أكبر، مما كان عليه الوضع مع الإدارة الأمريكية فى عهد جو بايدن، فقد جاء ترامب بكل صخبه.

«إلى جميع الإرهابيين الحوثيين.. وقتكم انتهى، وهجماتكم يجب أن تتوقف، بدءًا من اليوم. إذا لم يحدث ذلك فستشهدون جحيمًا لم تروه من قبل».. هذه هى كلمات ترامب التى وجهها إلى جماعة الحوثى لكنها فى الحقيقة تقول لإيران الكلام لك يا جارة، فبعد خروج حزب الله فى لبنان من معادلة الصراع مع إسرائيل، والتدمير الهائل لقدرات حماس فى قطاع غزة، وانتهاء مرحلة سوريا بشار الأسد، تقلص حلفاء طهران فى المنطقة، ولم يعد لها أذرع سوى «الحوثيين».

اليوم باتت إيران تحت الضغط الأعنف، من الولايات المتحدة وإسرائيل، فى ظل شرق أوسط مهلهل ، تعمل  واشنطن على تعميق جراحه، بينما الصراع الأمريكى، خاصة فى الشق الاقتصادى منه، على أشده مع الحلفاء الأوروبيين عبر الأطلسى، والجارتين فى الشمال، كندا، والجنوب، المكسيك، ومحاولة للملمة المعارك بين الروس والأوكرانيين، انتظارا لفتح الجبهة الأهم مع الصين التى يعتبرها ترامب التهديد الأكبر للنفوذ الأمريكى المضطرب دوليًا.

  وأمام الضربات الأمريكية الأكثر تأثيرا ضد الحوثيين، وفقا للعديد من المراقبين، كان متوقعا أن ترد جماعة الحوثى بتصعيد لغة خطابها، وأن ترفع منسوب التهديد باستهداف السفن فى البحر الأحمر، وتوجيه طائراتها المسيرة وصواريخها باتجاه تل أبيب، غير أن العديد من الخبراء الاستراتيجيين يرون أن قوة الجماعة اليمنية لم تعد كما كانت من قبل.

 الولايات المتحدة تعمل حاليًا على استنزاف قدرات الحوثيين وطاقتهم العسكرية فى العدة والعتاد مع إطباق الحصار عليهم بهدف قطع حبلهم السرى مع إيران، بينما طهران «المرتبكة» بعد خروجها من الجبهات الأقرب مع إسرائيل، تدرس السيناريو الأسوأ مع تصاعد الضغوط الأمريكية والإسرائيلية، والهدف كما قلنا إجبار طهران على العودة إلى مائدة التفاوض بشأن ملفها النووى، أو مواجهة عملية جراحية مؤلمة. 

فتح الولايات المتحدة جبهة الحوثيين بهذا القدر من الاتساع، واللغة الخشنة التى يستخدمها ترامب وأركان إدارته، ربما تكون مقدمة لتحرك مباشر ضد إيران لمنع وصولها إلى مرحلة الانطلاق النووى التى تنكر إيران دوافعها العسكرية، والتأكيد على سلمية برنامجها النووى.

يبقى السؤال:  هل الغارات الأمريكية ضد الحوثيين قادرة على إخراجهم من جبهة الصراع ضد إيران؟ ألم تجرب الجماعة من قبل العديد من الغارات والضربات سواء من الولايات المتحدة أو إسرائيل وبإسناد غربى أحيانا؟.. ما هو الجديد هذه المرة الذى يجعل المراقبين يعتقدون أن الوقت قد حان لإضعاف الحوثيين بالقدر الذى يجعلهم غير فاعلين، ليس على رقعة الصراع مع إسرائيل فقط، بل فى الداخل اليمنى؟

  ربما يرى البعض أن بنية جماعة الحوثى العسكرية، وطبيعة التضاريس اليمنية الوعرة تجعل من الضربات الجوية غير قادرة على هزيمة الجماعة على الأرض، وأن تهديدها قد ينحسر لكنه سيظل قائما، غير أن مثل هذا الرأى يقلل من تراجع الدور الإيرانى، وتقليم مخالبه، بخروج حزب الله اللبنانى، وسوريا الأسد وحماس، من المساندة الإقليمية لطهران، وبما ضيق الخناق على الحوثيين فى اليمن.

إذن هى صفحة جديدة فى سجل الشرق الأوسط الذى يواجه حاليا أكبر عملية تقليب فى أوراقه لكتابة المزيد من المآسى التى تواجه الإقليم على مدى نصف قرن على الأقل، وبما يجعل الجميع يتحسسون رءوسهم، ومواضع أقدامهم، تحسبا لمقولة «الأهوال الكبرى ربما لم تأت بعد».

التعليقات