كتب حسين أغا وأحمد سامح الخالدى مقالا مطولا نشر فى صحيفة الجارديان عن ياسر عرفات يؤكدان فيه أنه على الرغم من أن عرفات لم يكن يبدو وكأنه زعيم طبيعى، فإنه ظل مهيمنا على السياسة الفلسطينية نحو 25 عاما حتى وفاته قبل عشرة أعوام. وتساءلوا كيف فعل ذلك، وكيف لا يزال يتمتع بتأثير كبير؟
وقد ظل عرفات ما يقرب من خمسة عقود ملء المشهد الفلسطينى ومعه جانب كبير من الخريطة السياسية فى الشرق الأوسط، يقابل بالكراهية والتبجيل على حد سواء. وكانت وفاته قبل عشرة أعوام، محاصرا وفى عزلة بائسة، بداية نهاية الثورة التى أيقظت الوعى القومى للفلسطينيين وأتاحت لهم إمكانية تحديد مصيرهم على أرضهم.
ويؤكد الكاتبان أن القيادات الوطنية الأصيلة غالبا لا تظهر فجأة. حيث يصوغها القدر والظروف أكثر من كونها من تصميم الإنسان. فبعد مرور عشر سنوات، لم تتضح بعد الآثار الكاملة لعهد عرفات؛ بمعنى الفترة التى عمل فيها كمؤسس لحركة فتح السياسية، وزعيم لمنظمة التحرير الفلسطينية ورئيس للسلطة الوطنية الفلسطينية. وكان إرثه الأكثر دواما، الخروج بالفلسطينيين كشعب وقضية، من الدمار المادى والسياسى والمعنوى لنكبة 1948؛ الكارثة التى شهدت فقدان أكثر من 700 ألف فلسطينى لمنازلهم فيما صار الآن إسرائيل. وبكل المقاييس، ترجع حقيقة أن المشكلة الفلسطينية اليوم تحتل مكانا مركزيا فى الشئون العالمية إلى الرجل وجهده. وربما تكون موروثاته الأخرى مفتوحة للخلاف، وقد يكون أيضا من السابق لأوانه إصدار حكم نهائى بشأنها.