مستقبل بدون وظائف بسبب الذكاء الاصطناعى بعيد جدًا! - مواقع عالمية - بوابة الشروق
الأحد 15 ديسمبر 2024 5:57 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

مستقبل بدون وظائف بسبب الذكاء الاصطناعى بعيد جدًا!

نشر فى : الجمعة 17 نوفمبر 2023 - 7:35 م | آخر تحديث : الجمعة 17 نوفمبر 2023 - 7:35 م
نشر موقع Project Syndicate مقالا للكاتب مايكل ر. سترين، يؤكد فيه أن احتمالية التأثير السلبى لثورة الذكاء الاصطناعى على الوظائف البشرية مستقبلا ضئيلة جدا، على النقيض ستساهم هذه التكنولوجيا الجديدة فى تعزيز إنتاجية البشر بما يضمن لهم حياة عملية ناجحة... نعرض من المقال ما يلى:

تنبأ ملياردير التكنولوجيا إيلون ماسك خلال مناقشة أجريت مؤخرا مع رئيس الوزراء البريطانى ريشى سوناك بأنه «سيأتى الوقت الذى لن تكون فيه أى حاجة إلى الوظائف» وذلك بسبب التقدم فى مجال الذكاء الاصطناعى، وتابع الرئيس التنفيذى لشركة تسلا وسبايس إكس قائلا: «يمكنك الحصول على وظيفة إذا كنت تريد وظيفة، لكن الذكاء الاصطناعى سيكون قادرًا على فعل كل شىء».
إن المستقبل طويل ولم يحدد ماسك متى سيأتى هذا الوقت على وجه التحديد، ولكن خلال العقود العديدة المقبلة على أقل تقدير، فإن احتمالات تسبب الذكاء الاصطناعى فى نهاية العالم بالنسبة للوظائف هى ضئيلة للغاية.
إن الخوف من البطالة التكنولوجية ليس بالأمر الجديد، ففى أوائل القرن التاسع عشر، قامت مجموعة من عمال النسيج الإنجليز المعروفين باسم اللوديين بتحطيم الآلات التى تستغنى عن العمالة وذلك لمنع استخدامها، ومع ذلك وعلى الرغم من أن التكنولوجيا حققت قفزة إلى الأمام خلال القرنين الماضيين منذ ذلك الحين، فإن الشركات استمرت فى توظيف العمال.
إن جزءا كبيرا من المخاوف بشأن التقدم التكنولوجى الذى يقضى على الحاجة إلى العمال من البشر ترجع جذوره إلى عقلية إما الربح وإما الخسارة فقط والتى تسىء فهم ــ وبشكل كبير ــ كيفية تطور الاقتصادات. صحيح أن التقنيات الجديدة ستكون قادرة على أداء بعض المهام بشكل أفضل نسبيًا وبتكلفة أقل من البشر، وصحيح أن هذا سيؤدى إلى قيام الشركات باستخدام التكنولوجيا، وليس العمال لأداء تلك المهام، لكن عملية التدمير الخلاق تخلق وتدمر فى الوقت نفسه.
إن التكنولوجيا الجديدة من شأنها أن تجعل العديد من العمال أكثر إنتاجية، وبالتالى تزيد قيمتهم بالنسبة للشركات والتى سوف تتنافس بقوة أكبر للفوز بخدماتهم فى سوق العمل وهذا من شأنه أن يؤدى إلى ارتفاع أجورهم ودخولهم، وسيؤدى ارتفاع الدخل إلى زيادة الطلب الإجمالى على السلع والخدمات فى الاقتصاد، الأمر الذى سيؤدى بدوره إلى زيادة الحاجة إلى العمال. تسمح هذه الديناميكية المتعلقة بالاقتصاد بتجنب ارتفاع معدلات البطالة الهيكلية. علاوة على ذلك، تعمل التكنولوجيا الجديدة على إضافة سلع وخدمات جديدة، وهو ما يؤدى أيضا إلى زيادة الطلب على العمال.
إن هذه ليست مجرد نظرية وخاصة إذا أخذنا بعين الاعتبار التقدم المتميز فى تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والروبوتات خلال العقود الخمسة الماضية. لقد أدت تلك الإنجازات إلى تأثيرات عميقة على سوق العمل ــ على سبيل المثال، من خلال التخفيض الكبير لحصة العمالة فى الوظائف التصنيعية والكتابية ــ والاقتصاد بشكل عام، لكن العثور على وظائف لم يصبح أكثر صعوبة بالنسبة للعمال، ولم يكن هناك اتجاه تصاعدى فى معدل البطالة.
أما بالنسبة للعقود العديدة المقبلة، فإن اهتمامى الرئيسى ليس كثرة العمال، بل قلة عددهم حيث سيؤدى انخفاض معدلات الخصوبة والشيخوخة السكانية السريعة إلى تقليل معدل نمو القوى العاملة فى الولايات المتحدة الأمريكية وفى معظم أنحاء العالم المتقدم، ومن الممكن أن تعتمد هذه البلدان على تدفقات أكبر من المهاجرين للتعويض عن النقص، ولكن الرياح السياسية تهب حاليًا فى الاتجاه المعاكس.
أما فى الولايات المتحدة الأمريكية فيتوقع مكتب الميزانية غير الحزبى فى الكونجرس نموًا سكانيًا بنسبة 0.3% سنويًا على مدى العقود الثلاثة المقبلة، أو ما يقرب من ثلث وتيرة النمو فى الفترة 1983ــ2022، وحسب هذه البيئة يجب أن يتمكن العمال الذين يريدون وظائف من العثور عليها.
وبطبيعة الحال فإن من المؤكد أن التقدم فى مجال الذكاء الاصطناعى سيحدث تغييرا، ولكن ليس من خلال القضاء على الحاجة إلى العمال أو حتى الحد بشكل كبير منهم، وبدلا من ذلك، سوف يغير الذكاء الاصطناعى ما يفعله العديد من العمال. مرة أخرى، هذا ليس جديدًا، وعلى الرغم من أن البطالة التكنولوجية لم تحدث على مدى العقود الماضية، فإن بنية وطبيعة التوظيف تغيرت تمامًا. لقد وجد الخبير الاقتصادى فى معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا ديفيد أوتور ومؤلفون مشاركون أن غالبية الوظائف الحالية تقع ضمن التخصصات الوظيفية التى تم إدخالها بعد عام 1940.
كلما نظرنا إلى المستقبل البعيد، أصبح من الصعب استبعاد احتمالية أن تتحقق توقعات ماسك، لكن العالم الذى يحل فيه الذكاء الاصطناعى فى نهاية المطاف محل جميع العاملين من البشر سيبدو مختلفًا كثيرًا عن عالمنا، وفى حين أن إحدى المشاكل الاقتصادية الأساسية اليوم هى كيفية تحقيق أقصى استفادة من الموارد الشحيحة، فإن مستقبل ماسك هو مستقبل الوفرة، حيث تلبى التكنولوجيا جميع احتياجاتنا علمًا أن عدم المساواة كما نفهمه حاليًا لن يكون موجودًا. لماذا نراكم الثروة فى عالم الوفرة؟ ومن ناحية أخرى، قد يؤدى مثل هذا العالم أيضا إلى تفاقم عدم المساواة، وخاصة إذا كان هناك عدد محدود نسبيًا من الناس يمتلكون الآلات التى تجنى كل هذا الدخل.
كيف سيتعامل البشر مع هذا العالم؟ أنا أحصل على قدر كبير من الرضا والقناعة من أنشطتى المهنية، ولكن السبب الرئيسى الذى يجعلنى أستيقظ وأذهب إلى العمل كل يوم هو إعالة أسرتى، وبدون الحاجة إلى وضع الطعام على المائدة والمال فى حسابات التقاعد، هل كنا سنستيقظ كل يوم بهدف تحسين أنفسنا ومجتمعاتنا؟ أم أننا قد نقع فريسة العناصر الأكثر سوداوية من طبيعتنا حيث يؤدى وقت الفراغ إلى الملل والواقع المرير؟
لا توجد إجابات سهلة على مثل هذه الأسئلة، ولحسن الحظ، فمن الأرجح أننا لن نضطر إلى الإجابة عليها. لم يلغى التغير التكنولوجى الحاجة إلى العمالة البشرية فى الماضى، ومن المرجح ألا يحدث ذلك فى المستقبل ــ على الأقل ليس ضمن أى إطار زمنى ذى صلة بالعمال وصناع السياسات اليوم.

النص الأصلى

التعليقات