نشر موقع Mondoweiss مقالا للكاتب Yarden Katz عما تقوم به شركة مايكروسوفت من دعم للاستعمار والعنف الذى ترتكبه إسرائيل.. نعرض منه ما يلى.عندما تظاهر الملايين حول العالم بعد مقتل جورج فلويد، أدركت شركات مثل الفيسبوك وجوجل ومايكروسوفت، والتى تمكن الدولة من مراقبة مواطنيها، أن عليها تعزيز علاقاتها العامة. فأعلن الرئيس التنفيذى لشركة مايكروسوفت، ساتيا ناديلا، على سبيل المثال، عن التضامن مع حملة «حياة السود مهمة». وبفضل هذا لا يظهر الوجه الحقيقى لشركة مايكروسوفت. فالشركة ترعى مراكز أبحاث تغطى على أجندتها العنيفة والإمبريالية، فلا يتم الحديث عن خدمات شركة مايكروسوفت للجيوش والشرطة والسجون حول العالم، واستثماراتها فى المستعمرات الإسرائيلية.
المستعمرات تشكل مختبرات للشركات والدول.. وإسرائيل تمثل أرضا خصبة، لذلك يسيطر فيها النظام على شعبه، ويخمد الانتفاضات. تستفيد الشركات من العمل مع إسرائيل والولايات المتحدة لتطوير تقنيات قمعية، ودفع هذه التقنيات إلى الحياة المدنية.
مايكروسوفت تمثل مثالا للشركات التى تتغذى على العنف الإسرائيلى، وتساعد فى تصدير أدوات خطيرة لإسرائيل على أساس أنها دولة ناشئة، وتعطى درسا عن كيف يمكن للشركات إضفاء طابع سلمى للتحالف الإسرائيلي ــ الأمريكى المميت بمساعدة المنظمات غير الهادفة للربح والشراكات الأكاديمية.
افتتحت مايكروسوف أول مركز أبحاث لها خارج الولايات المتحدة فى إسرائيل عام 1991، والآن لديها ثلاثة فروع كجزء من «مايكروسوفت إسرائيل». ويمكن تلخيص موقف شركة مايكروسوفت فى إسرائيل، وفقا لما قاله رئيسها التنفيذى السابق ستيف بالمير بأن «مايكروسوفت شركة إسرائيلية بقدر ما هى شركة أمريكية»، وما قاله بنيامين نتنياهو بأن «إسرائيل ومايكروسوفت هما زواج عقد فى الجنة، واعترف به على الأرض».
دعمت مايكروسوفت إسرائيل فى أسوأ جرائمها. فخلال الانتفاضة الثانية دمرت إسرائيل فى خمس دقائق ما تم بناؤه على مدار 45 عاما وقتل آلاف الفلسطينيين.. وثق هذه الأحداث الفيلم الوثائقى «جنين ــ Jenin» الذى يمنع عرضه فى إسرائيل. كان على الأرض ضباط أمريكيون، يدونون الملاحظات لاحتلال العراق. بعدها وضعت مايكروسوفت لافتة كبيرة فى تل أبيب تشكر فيها إسرائيل «شكرا من القلب ــ لقوات الأمن والانقاذ». لذلك دعت المجموعة الناشطة «غوش شالوم» إلى مقاطعة شركة مايكروسوفت، وخافت مايكروسوفت على مصالحها مع دول مثل السعودية والإمارات، لذلك برأ المقر الرئيسى لشركة مايكروسوفت نفسه من اللوحة الإعلانية وتم إزالتها.. إلا أن هذا لم يمنع نمو استثمارات مايكروسوفت فى العنف الإسرائيلى.
فى العام الذى تمت فيه مذبحة جنين، حصلت مايكروسوفت على عقد لمدة ثلاث سنوات بحوالى 35 مليون دولار مع الحكومة الإسرائيلية، وهو أكبر عقد حصلت عليه إسرائيل فى ذلك الوقت. كجزء من العقد، وافقت مايكروسوفت على تقديم منتجات غير محدودة للجيش الإسرائيلى ووزارة الدفاع، وتبادل المعرفة على نطاق واسع مع الجيش. وفقًا للصحف الإسرائيلية، دفعت إسرائيل لشركة مايكروسوفت من أموال المساعدة الأمريكية.
استحوذت مايكروسوفت على العديد من الشركات الناشئة التى تعمل فى مجال الأمن وتتبع الجيش الإسرائيلى، وفى بعض الأحيان ضمت موظفى الشركات الناشئة إليها، واستثمرت فى الشركات الإسرائيلية.. على سبيل المثال، تشمل استثمارات شركة مايكروسوفت الأخيرة شركة AnyVision، وهى شركة إسرائيلية تزود الدولة بكاميرات وبرامج التعرف على الوجه لمراقبة الفلسطينيين فى الضفة الغربية. فقط بعد الضغوطات التى تمت من قبل الصحافة والنشطاء والدعوة لمقاطعة شركة AnyVision، أعلنت مايكروسوفت وقف استثماراتها فى الشركة الناشئة، ولكنها لم تنه علاقتها مع الشركة، فما تزال الشركة لها علاقات تجارية مع مايكروسوفت وتستخدم خدماتها.
إلى جانب ذلك، يعد كمّ استثمارات مايكروسوفت فى المجمع الصناعى العسكرى هائلا. فى السنوات الأخيرة، استحوذت مايكروسوفت على شركات «الأمن السيبرانى» الإسرائيلية، وكلها تعتمد على تقنيات جيش الدفاع الإسرائيلى، وتصنع هذه الشركات الناشئة تقنيات مراقبة تجذب الولايات المتحدة وشركاؤها من الشركات.
تروج إسرائيل لنفسها كقوة تكنولوجية، وأن جيشها «عالى التقنية»، ولأدوات مايكروسوفت دورا فى هذه الحملات الدعائية، دور سرى، ولكنه مصمم للقتل. على سبيل المثال إسرائيل تستخدم مايكروسوفت إكس بوكس للسيطرة على الدبابات، فتدمير الأحياء فى الأخير يشبه ألعاب الفيديو.
يستخدم الجيش الإسرائيلى أدوات مايكروسوفت فى حملات الدعاية الرسمية، وتظهر أحد المقاطع الجيش الإسرائيلى يتحدث عن كيف أن «مايكروسوفت هولولنز ــ وهو جهاز على شكل نظارات ذكية ــ يسمح للجيش بتحديد أعدائه والتحكم فى الروبوتات والطائرات بدون طيار، وهو ما سيتم استخدامه قريبا فى الجيش.
إسرائيل تقتل وتأثر وتخطف وتشوه.. وفقا لمنظمة بتسيلم ــ وهى منظمة حقوق إنسان إسرائيلية ــ قتل أكثر من 440 فلسطينيا بين عامى 2018 و2020، بالإضافة إلى تشويه وإصابة الآلاف فى مسيرة العودة الكبرى إلى غزة. ثم هناك نزع الملكية، فى عام 2020 فقط، هدمت إسرائيل 172 منزلا فلسطينيًا فى الضفة الغربية (بما فى ذلك القدس الشرقية)، تاركة أكثر من 900 شخص بلا مأوى. المأساة مستمرة وتتزايد المعاناة مع الفصل العنصرى الطبى فى زمن وباء كورونا.
حتى لو لم تكن أدوات مايكروسوفت حاسمة فى القتال، فما تزال هناك فائدة. فمايكروسوفت مستفيدة من إرسال عبر إسرائيل رسالة أن منتجاتها يتم استخدامها على أرض الواقع. وإسرائيل مستفيدة من تأكيد قوتها العسكرية والتكنولوجية، والدعم من قبل شركة أمريكية عملاقة. فالشراكة مع شركة أمريكية ضخمة يساعد على جعل الدولة الإسرائيلية دولة طبيعية، ولهذا السبب تحاول إسرائيل بكل الطرق تدمير حركة مقاطعة إسرائيل.
تقدم مايكروسوفت خدماتها للسجون ولأقسام الشرطة حول العالم، وتتوافق خدمات مايكروسوفت مع رؤيتها فى خلق «الشرطة المتصلة» والتى تساعد ضباط استخبارات الشرطة الإسرائيلية على عمليات البحث عن المعلومات فى ثوانٍ، والتى قد تستغرق يوما بالكامل فى أنظمة أخرى.
تشترك مايكروسوفت فى جرائم العنف من قبل الدولة، ولكنها تقدم نفسها على أنها شركة مستنيرة، وتساهم مراكز الأبحاث الدولية التابعة لمايكروسوفت فى خلق تلك الصورة. على سبيل المثال، مايكروسوفت إسرائيل تقدم نفسها كداعم للتعددية الثقافية الليبرالية. ترعى مايكروسوفت أيضا مؤسسات فكرية تدعمها بشكل أكبر، تركز على ما يعزز صورتها وتصمت بشأن ما يرتكب من جرائم. وإذا صعدت جرائم مايكروسوفت الصغيرة على السطح، تبدأ الحديث عن أخلاقيات الشركة والتحيزات ضدها.
إعداد: ابتهال أحمد عبدالغنىالنص الأصلى