لماذا فرحنا بإبراهيم عبدالناصر؟! - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الخميس 12 ديسمبر 2024 7:00 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

لماذا فرحنا بإبراهيم عبدالناصر؟!

نشر فى : الجمعة 18 سبتمبر 2020 - 8:50 م | آخر تحديث : الجمعة 18 سبتمبر 2020 - 8:50 م

ما الذى جعل غالبية المصريين تفرح بنموذج كفاح واجتهاد الطالب إبراهيم عبدالناصر؟!
ربما كان السبب أن النماذج السلبية بدأت تكثر حولنا. الأمر يشبه مع الفارق أننا نفرح كثيرا بالشخص الأمين وسائق التاكسى الذى يعثر على حقيبة مليئة بالأموال والمجوهرات ويصر على إعادتها، أو الموظف الذى يرفض الرشوة، ويؤدى عمله بمنتهى الأمانة على أكمل وجه.
الطبيعى أن النماذج السابقة تمثل ما هو طبيعى ومنطقى، وبالتالى فعندما نحتفى كثيرا بأحد هذه النماذج، فالمعنى هو أن هذه النماذج بدأت تقل من حولنا.
الاحتفاء الملحوظ بإبراهيم عبدالناصر يعكس الفطرة السليمة فى نفوس الناس، وهو أمر طيب جدا لأنه يخبرنا بأن التشوه والحمد لله لم يصل إلى النخاع، بل للقشرة الخارجية فقط.
لكنه فى المقابل يخبرنا بأن حجم التشوه الذى أصاب الشخصية المصرية يتزايد، وبالتالى علينا التحرك وبذل أكبر الجهد من أجل التأكيد على الطبيعة الأصلية للشخصية المصرية، التى ذكرنا بها إبراهيم عبدالناصر أولا، ومعه ملايين النماذج مثل السيدة صفية التى انتصرت للجندى المصرى فى قطار المنصورة ــ القاهرة يوم الأربعاء قبل الماضى.
فى الماضى كان إبراهيم عبدالناصر هو الأصل الكاسح وغيره هو الاستثناء النادر. الآن الأمور تتغير للأسف.
عدد لا بأس به خصوصا من الشباب صار يؤمن ويتمنى ويجرى وراء كل ما هو ربح أو كسب سريع، ومن دون أى تعب.
أن تكون طموحا فهذا أمر طيب جدا بل ومطلوب، لكن هناك فارقا كبيرا بين الطموح والتسلق. من حق الشباب أن يحلموا بأن يكونوا مثل نجم الكرة العالمى محمد صلاح، لكن غالبيتهم لا يعرفون أن صلاح تعب جدا واجتهد أكثر ليصل إلى هذا المستوى، هم لا يعرفون أنه كان يستقل ٥ وسائل مواصلات من بيته فى نجريج فى بسيون غربية ليصل إلى نادى المقاولين بالجبل الأصفر، ثم هم ينسون أن أهم شىء كى تصبح ناجحا ونجما أن تكون موهوبا ومجتهدا وباذلا لأقصى الجهد ولا يكفى أن تتمنى ذلك فقط.
مثل هذه النوعية لا تريد أن تعيش الحياة، كما يعيشها إبراهيم عبدالناصر من تعب وكد ومذاكرة ومساعدة للأسرة.
الأسوأ من هذه الفئة التى تحلم بالثراء السريع، هى تلك الفئة التى لا تتورع عن السرقة والاختلاس والقتل من أجل ذلك.
وبين الفتيات بدأنا نسمع فى الفترات الأخيرة من تعرض جسدها على تطبيقات تكنولوجية من أجل الحصول على أكبر قدر من المال. هذه التطبيقات محايدة، ويمكن استخدامها فى مجالات علمية وفنية واجتماعية راقية ومفيدة جدا، وفى أشياء أقرب إلى الدعارة. وبدلا من الجد والاجتهاد والتعب وصعود سلم الحياة بصورة طبيعية، رأينا نماذج كثيرة تحلم بجمع ألف دولار مقابل مشهد ساخن لا يستغرق بضع دقائق على هذه التطبيقات.
لا أقصد التقليل من الطموح أو السعى للنجاح اقتداء بنماذج ملهمة فى العالم أجمع. لكن القضية هى القيم والمثل والمبادئ التى يلتزم بها الإنسان وهو يصعد سلم الحياة.
تعقيدات الحياة والتداخل الكبير بين الأمم بسبب العولمة ووسائل الإعلام والتواصل الاجتماعى، جعلت بعض شبابنا يأخذ أسوأ ما فى هذه العولمة والقليل من محاسنها، والنتيحة هى التصادم الكبير بين القيم الإيجابية القديمة وبعض القيم السلبية الحديثة. ليس معنى ذلك أن كل ما هو حديث سلبى، بل هناك الكثير من الفوائد والإيجابيات، لكن للأسف فإن كفة القيم السلبية هى السائدة خصوصا فى ظل عدم قدرة الجيل القديم على التفاهم بصورة صحيحة وصحية مع أجيال الشباب.
الموضوع متداخل ومعقد، وليس به وجهة نظر صحيحة جدا، وأخرى خاطئة جدا، الأمر نسبى إلى حد كبير.
وما أتمناه أن يأخذ شبابنا الصغير بكل ما هو مفيد وإيجابى من العصر الحديث. مع التحلى بالقيم الايجابية القديمة، التى ذكرنا بها الشاب المجتهد إبراهيم عبدالناصر، وليست تلك التى تذكرنا بها بعض فتيات التيك توك!

عماد الدين حسين  كاتب صحفي