الإعلام العربي.. هل قصّر في فضح إسرائيل؟ - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الإثنين 11 أغسطس 2025 2:27 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تتوقع النجاح لنظام الدوري المصري الجديد في ظل مشاركة 21 فريقًا؟

الإعلام العربي.. هل قصّر في فضح إسرائيل؟

نشر فى : الأحد 10 أغسطس 2025 - 8:20 م | آخر تحديث : الأحد 10 أغسطس 2025 - 8:20 م

 هل الإعلام العربى مقصر فى فضح الإجرام فى قطاع غزة؟

الإجابة هى نعم، وهناك وسائل كثيرة كان يمكن أن تفضح إسرائيل وعدوانها وحصارها اللا إنسانى لغزة بصورة أكبر لو أن هذا الإعلام لعب دوره المهنى والإنسانى الكامل..

أكتب عن هذا الموضوع بعد أن قرأت مقالا للكاتب والأديب محمد سلماوى تحت عنوان «دور الإعلام» فى صحيفة الأهرام عدد يوم السبت الماضى، ينتقد فيه دور الإعلام. سلماوى فى المقال يستند إلى واقعة محددة، حدثت قبل مظاهرة «إخوان إسرائيل» أمام السفارة المصرية فى تل أبيب، حيث دخلت شاحنات مساعدات تحمل وجبات غذائية طازجة من المطبخ العالمى، وأنها بمجرد عبورها حاصرتها إسرائيل فى الجزء الواقع تحت سيطرتها لعدة أيام حتى اضطرت وعادت من حيث أتت.

 جوهر المقال هو: لماذا لم يكن الإعلام هناك لتغطية هذا الحدث الكاشف؟

 ورأيه لو أن هذا الإعلام كان هناك، فسيعرف الرأى العام فى كل العالم بالحقائق وبالتالى لن يتظاهر أحد أمام السفارة المصرية.

انتهى كلام الأستاذ سلماوى، ورغم أننى بدأت كلامى بأن الإعلام العربى مقصر عموما، لكن فى المثال الذى ذكره الأستاذ سلماوى، لا يوجد أى تقصير من الإعلام المصرى أو العربى أو حتى العالمى فيما يتعلق بما يحدث داخل غزة إلى حد كبير.

أسباب ذلك واضحة فمن يتابع ما تفعله إسرائيل سيدرك أنها قررت بعد بدء عدوانها فى 7 أكتوبر2023 بأسابيع منع دخول أية وسيلة إعلام لداخل غزة، إلا بعض وسائل الإعلام الإسرائيلية المحسوبة على الجناح اليمينى المتطرف الحاكم. فإذا كانت تمنع دخول بعض وسائل الإعلام الإسرائيلية المعارضة، فهل تسمح لوسائل إعلام أجنبية بمرافقة شاحنات المساعدات، وبالتالى تفضح مخططها الإجرامى؟!!

لمن لا يدرك ما يحدث على أرض الواقع فإن معبر رفح من الجانب الفلسطينى دمرته إسرائيل تماما، وتسيطر عليه وعلى كامل رفح والحدود المصرية مع القطاع، وبالتالى فإن مسئولية مصر عن شاحنات المساعدات التى تدخل من معبر رفح تنتهى بعد عبورها مباشرة من الجانب المصرى. وبعدها تسلك محور صلاح الدين «فلادلفيا» الموازى للحدود المصرية حتى تصل إلى معبر كرم أبو سالم على الحدود بين غزة وإسرائيل أقصى الشرق.

والسؤال ماذا يحدث بعد ذلك؟!

تتعطل الشاحنات أحيانا قبل وصولها إلى كرم أبو سالم حتى تتعفن المساعدات، بفضل الأجواء، أو تدخل المعبر ويتم تفتيشها هناك، وتعطيلها أيضا، والتقديرات أن ما يتم تمريره من مصر لا يصل منه إلى قطاع غزة إلا ٢٠٪ إلى ٣٠٪ من المساعدات فى إطار حرب التجويع.

يقول الأستاذ سلماوى: لماذا لا يكون هناك إعلاميون مرافقون لشاحنات المساعدات؟

والإجابة مرة أخرى أن الشاحنات المصرية ينتهى دورها بعد أن تعبر معبر رفح، بل إن إسرائيل تعيد تحميل المساعدات على شاحنات إسرائيلية، ويعود السائقون المصريون إلى الجانب المصرى من المعبر، وبالتالى، لا توجد أية إمكانية لوجود إعلاميين فى رحلة الشاحنات المصرية أو الأجنبية من كرم أبو سالم لداخل غزة.

بل إن الشاحنات القادمة من الأردن عبر الضفة الغربية فى طريقها إلى غزة تتعرض لهجمات منظمة من أنصار اليمين المتطرف الذين يشرف عليهم وزير الأمن القومى المتطرف إيتمار بن غفير، الذى يفترض أن تكون وظيفته تأمين مرور هذه الشاحنات!!

العديد من وسائل الإعلام العالمية حاولت الدخول إلى غزة، لكن معظم محاولاتها فشلت، ربما باستثناء بعض الصحف والفضائيات الأمريكية الكبرى، والسبب ببساطة أن إسرائيل تدرك أن ترك الحرية للصحفيين فى الدخول إلى غزة سوف يفسد كل مخططها.

وحتى لا نظلم الإعلام، علينا أن نذكّر الناس أن المواطنين الفلسطينيين العاديين وعبر الموبايلات فقط تمكنوا من فضح الكثير من الجرائم الإسرائيلية. ونتذكر أيضا أن إسرائيل استهدفت بصورة ممنهجة كل وسائل الإعلام الفلسطينية وكل الصحفيين، والتقديرات أنها قتلت منذ بداية العدوان ٢١٥ صحفيا فلسطينيا ولبنانيا وأجنبيا.

ورغم ذلك فإن بعض وسائل الإعلام العالمية تمكنت من تحقيق اختراقات فى جدار الصمت الإسرائيلى الصهيونى الراغب فى فرض عملية إعتام إعلامية منظمة وكاملة على جرائمه فى غزة. من بين هذه الوسائل كانت الخدمة العالمية لـ «بى بى سى» البريطانية قبل أيام بتحقيق استقصائى ممتاز أكد أن إسرائيل أطلقت النار على رءوس وصدور ١٦٨ طفلا فلسطينيا.

هذا النوع من العمل الصحفى هو ما يؤلم ويفضح إسرائيل بصورة أخطر من كل الشتائم والصراخ والشعارات.

عماد الدين حسين  كاتب صحفي