ماذا لو أتوا إلى المعبر؟ - خالد سيد أحمد - بوابة الشروق
السبت 20 سبتمبر 2025 10:11 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

برأيك.. من البديل الأنسب لـ ريبيرو في النادي الأهلي؟

ماذا لو أتوا إلى المعبر؟

نشر فى : الجمعة 19 سبتمبر 2025 - 9:10 م | آخر تحديث : الجمعة 19 سبتمبر 2025 - 9:10 م

العدوان الصهيونى العنيف على مدينة غزة، والذى تسبب فى دفع الكثير من سكانها إلى النزوح جنوبا، يطرح سؤالا عما يمكن أن تفعله مصر حال توجه الفلسطينيون نحو معبر رفح الحدودى، والدخول إلى أراضيها هربا من هول وجحيم وضغط الآلة العسكرية الإسرائيلية، مما يجعل مخطط التهجير الذى طالما رفضته القاهرة واقعا على الأرض؟

السؤال لم يعد افتراضيًا كما كان يتصور البعض، بل أصبح أمرًا محتملا للغاية فى ضوء التطورات العسكرية المتسارعة خلال الأسبوع الأخير، والتى جاءت بالتحديد بعد انتهاء أعمال القمة العربية الإسلامية فى الدوحة، حيث وسّع جيش الاحتلال من عمليات القتل والإبادة فضلا عن التدمير الممنهج لجميع الأبراج السكنية التى تأوى المئات من الأسر الفلسطينية، ووضع العراقيل أمام دخول المساعدات الإنسانية والإغاثية للجوعى والمرضى، وإصدار الأوامر بإخلاء الكثير من مناطق المدينة، ومطالبة سكانها تحت الضغط العسكرى الهائل بالنزوح جنوبا، ليحشر أغلب أهالى القطاع على الحدود مع مصر، تمهيدا لتنفيذ مخطط تهجيرهم من أرضهم إلى سيناء.

هذا التصعيد الكبير من جانب جيش الاحتلال، سبقته تهديدات صريحة لرئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو، طالب فيها الفلسطينيون بالرحيل فورا، حيث قال: «استمعوا إلىّ جيدا يا سكان غزة: لقد حذرناكم، فغادروا المدينة الآن!».

أما وزير الدفاع الإسرائيلى، يسرائيل كاتس، فأعلن أن القوات الإسرائيلية ستدمر غزة، مضيفا أن غزة ستتحول إلى شاهد قبر لحماس، وفق تعبيره، وتابع: «لن نعود أو نتراجع حتى تكتمل المهمة». 

هذه الرغبة الإسرائيلية الجامحة والجنونية فى الوصول بحرب الإبادة المستمرة منذ نحو عامين ضد قطاع غزة إلى المشهد الختامى، المتمثل فى تهجير الفلسطينيين عن أرضهم، تحظى بضوء أخضر أمريكى واضح عبر عنه وزير الخارجية ماركو روبيو، عبر تشكيكه فى إمكانية إنهاء حرب غزة عبر المسار الدبلوماسى، حيث قال فى تصريحات له الأسبوع الماضى خلال زيارته إلى تل أبيب: «فى العالم المثالى، كان يمكن تحقيق ذلك من خلال اتفاق دبلوماسى، توافق فيه حماس على نزع السلاح وحل نفسها والإفراج الفورى عن كل رهينة، بما فى ذلك جثامين من قتلوا». وتابع: «لكن ذلك لم يتحقق، وإذا لم ينته بهذا الشكل، فسوف يتعين أن ينتهى من خلال عملية عسكرية».

الإصرار الإسرائيلى على تنفيذ مخطط تهجير الفلسطينيين، والدعم الأمريكى غير المحدود له سواء سياسيا أو عسكريا وغياب الإرادة الدولية فى منع أكبر جريمة فى العصر الحديث، يضع مصر أمام تحد خطير للغاية يستهدف المساس بأمنها القومى وسلامة أراضيها وتعريض استقرارها الداخلى لهزات عنيفة لا تستطيع تحمل تبعاتها وتداعياتها تحت أى ظرف.

الموقف الرسمى الذى عبرت عنه الدولة المصرية مرارا وتكرارا، يتمثل فى أنها لن تقبل بسيناريو تهجير الفلسطينيين، ولن تشارك فيه ولن تسمح به باعتباره ظلما تاريخيا لا مبرر أخلاقيا أو قانونيا له وسيؤدى حتما إلى تصفية القضية الفلسطينية إلى الأبد، كما أكدت أيضا أن «لديها العديد من الخطط والسيناريوهات للتعامل مع التداعيات والتطورات فى حالة الضغط على المواطنين الفلسطينيين باتجاه الحدود المصرية».

ليس هذا فحسب، بل إن الرئيس السيسى استخدم فى خطابه أمام قمة الدوحة الأسبوع الماضى، كلمة العدو فى وصف إسرائيل، وهو ما يشكل انعطافة حادة وتغيرا جذريا فى لغة ومفردات الخطاب الرسمى المصرى تجاه الدولة العبرية، وذلك للمرة الأولى منذ توقيع اتفاق السلام بين الجانبين عام 1979.

وصف إسرائيل بالعدو، وكذلك التلويح بإمكانية إلغاء اتفاق السلام معها، كما جاء فى خطاب السيسى، يؤشران إلى أن القاهرة التى يرتفع منسوب غضبها يوما بعد يوم، تضع تل أبيب أمام خيارين لا ثالث لهما، الأول المحافظة على معاهدة كامب ديفيد بما يحقق الاستقرار والأمن للجميع، أو المواجهة التى لا مفر منها، حال المساس بأمنها القومى عبر تنفيذ مخطط تهجير الفلسطينيين إلى سيناء.

أغلب الظن أن الحكومة الإسرائيلية بتركيبتها الحالية التى يسيطر عليها التيار اليمينى المتطرف، لن تتراجع قيد أنملة عن استغلال ما تراه فرصة تاريخية نادرة لطرد الفلسطينيين من أرضهم، سواء فى غزة أو الضفة الغربية وإنهاء قضيتهم من جذورها مرة واحدة وإلى الأبد، وبالتالى فإن الخيار الأقرب للتحقق على أرض الواقع، هو حدوث «الانفجار الكبير» الذى ستطال شظاياه الجميع بلا استثناء، حال إصرار دولة الاحتلال على تنفيذ التهجير القسرى لسكان غزة إلى سيناء، لأن مصر لن تقبل بأن تكون وطنا بديلا لأى شعب، أو أن يتم إنهاء القضية الفلسطينية على حسابها.

التعليقات