بطريقة أقل ما توصف بأنها «مهينة» خرجت نائبة الشئون الأفريقية فى وزارة الخارجية الإسرائيلية شارون بارلى مطرودة من القاعة الرئيسة التى شهدت افتتاح القمة الـ36 لرؤساء دول وحكومات الاتحاد الأفريقى، التى اختتمت أعمالها قبل يومين فى العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، فى مشهد سيظل عالقا لسنوات فى أذهان المتابعين والمراقبين للعلاقات الإسرائيلية الأفريقية، التى ظنت تل أبيب أنها أصبحت سيدة الموقف فيها.
شارون التى تسللت مع وفد إسرائيلى إلى قاعة القمة الأفريقية بزعم الحصول على دعوة شككت مفوضة الاتحاد الأفريقى فى توجيهها إليها، حاولت فرض الأمر الواقع، وحضور القمة لتثبيت أركان قرار، اتخذه فى يوليو عام 2021، موسى فقى، رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقى بشكل منفرد، ومن دون مشاورات مع الدول الأعضاء فى الاتحاد الذى يضم 55 بلدا، بمنح تل أبيب صفة مراقب فى التكتل الأفريقى الأهم.
تجاهلت شارون، أن قمة الاتحاد الأفريقى فى العام التالى 2022 علقت قرار صفة المراقب لتل أبيب بعد أن دبت الخلافات وظهرت الانقسامات وسط البلدان الأفريقية التى رأى بعضها فى قرار موسى فقى تأثيرا سلبيا على الدعم الأفريقى التقليدى للقضية الفلسطينية، وعلى الشعب الفلسطينى الذين لا تكف قوات الاحتلال الإسرائيلى عن التنكيل به بالقتل والاعتقال ونسف البيوت ومواصلة اقتحام المستوطنين المتطرفين لباحات المسجد الأقصى المبارك.
حاولت شارون اللعب غير النظيف بفرض وجودها «غير المرغوب» فى افتتاح القمة الأفريقية، على الرغم من معرفتها وعلم حكومتها بأن اللجنة التى شكلها الاتحاد الأفريقى من سبعة رؤساء أفارقة للبت فى منح إسرائيل صفة المراقب من عدمه لم تتخذ حتى الآن أى قرار، بل أن تلك اللجنة لم تجتمع أصلا، ويبدو أنها على غرار اللجان التى تُشكَّل فى بلدان العالم الثالث لقتل أى قضية، وأنها جاءت لتجميد الخلافات لأجل غير مسمى.
الكارت الأحمر الذى أشهرته القمة الأفريقية فى وجه الدبلوماسية الإسرائيلية، وطردها خارج القاعة مصحوبة برجال الأمن، سارعت تل أبيب إلى اتهام الجزائر وجنوب أفريقيا بالوقوف وراءه، زاعمة أن دوافعه الكراهية من دولتين «تتحكم بهما إيران»، غير أن جنوب أفريقيا، طالبت بتقديم «إثباتات» على هذا الاتهام، مؤكدة أن الاتحاد الأفريقى لم يبت بعد فى طلب إسرائيل الحصول على صفة مراقب، وأن الأمر قضية مبدأ.
الخروج المخزى للدبلوماسية الإسرائيلية، أشارت وسائل إعلام جزائرية إلى أنه جاء نتيجة ضغوط مارستها الجزائر بعد أن تسللت شارون بارلى يرافقها وفد إسرئيلى «باستعمال شارة مزورة»، وأن طردها من القاعة جاء كشرط جزائرى لافتتاح الجلسة «أو إلغاء انعقاد القمة كلية فى حالة بقاء هذا الوفد» الإسرائيلى.
وحسب صحيفة «الشروق» الجزائرية واستنادا لمصادر لم تسمها، وجد رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقى موسى فقى «نفسه معزولا ومرغما» على تلبية طلب الوفدين الجزائرى والجنوب الإفريقى فأمر مدير ديوانه ومسئول الأمن بإخراج الوفد الإسرائيلى الذى ظل يجادل ويماطل أكثر من 20 دقيقة قبل أن يطرد برفقة الحراس.
طرد شارون بارلى، أثار حنق وغضب تل أبيب، ووصف الناطق باسم الخارجية الإسرائيلية ما جرى بـ«الخطير»، زاعما أن بارلى «مراقبة معتمدة»، على الرغم من أن المتحدثة باسم رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقى، ايبا كالوندو، أكدت أن السيدة شارون «طُلب (منها) مغادرة المقر» لأنها لم تتلق دعوة حضور رسمية.
ربما يعتبر بعض محللى الدرجة الثالثة ممن ابتلينا بهم هذا الأيام، أن خطوة طرد الدبلوماسية الإسرائيلية، ليست ذات تأثير، لأن غالبية البلدان الأفريقية تقيم علاقات ثنائية مع تل أبيب، لكن الجهبذ الذى لا يكف عن إمطارنا بسيل من الآراء (التى تملى عليه عادة) لم يفسر لنا لماذا الإصرار الإسرائيلى على التسلل إلى الاتحاد الأفريقى ومحاولة فرض وجودها؟.. واقع الحال أن إسرائيل تلقت صفعة مهينة لن تمحوها مثل تلك التحليلات «المصنوعة» خائبة الرجاء.