أثارت مواقع التواصل الاجتماعى قضية بالغة الأهمية هذا الأسبوع ربما دون عمد حينما تناقلت مقطعًا مصورًا لشاب من ذوى متلازمة داون يحتفل بزفافه إلى فتاة ظهرت وهى تبكى أثناء إقامة مراسم عقد القران، الأمر الذى كان من الطبيعى تفسيره عن أنها غير راضية عما يحدث، لكن التعليقات كانت تشير إلى أن السبب هو عدم رضاها عن جلسة التصوير، بينما خرج والد الشاب العريس ليؤكد أن كل شىء على ما يرام وأن ابنه «محمد» أحد ستة أبناء له وأنه أكثرهم طيبة وحرصًا على عائلته، وأنه يعمل بمدينة الصالحية الجديدة بمحل «للتكاتك»؛ حيث تعرَّف على خطيبته «ماجدة»، وارتبطا بفترة خطوبة مدتها ثمانية أشهر سابقة لعقد القران، وأنه قد عرض ابنه على أحد الأطباء الذى أقرَّ بقدرته على الزواج وأنه لن يسامح من نَشرَ هذا الفيديو فعكَّر صفو أفراح العائلتين.
بدأ الأمر حينما تلقى المجلس القومى للطفولة والأمومة بلاغًا عبر خط نجدة الطفل يحمل رقم «١٠٢٠٣١» حول الواقعة، يشير إلى أن العروس قاصر ولم تبلغ سن الزواج «١٨ عاما» فتم إبلاغ مكتب النائب العام لاتخاذ الإجراءات الواجبة والتأكد من قانونية وشرعية الزواج.
من جانبها أجابت دار الإفتاء المصرية عن حكم زواج المصاب بمتلازمة داون مؤكدة «أن من حق المعاق عقليًا أن يتزوج ما دامت أركان الزواج متوافرة. كما أوضحت أنه لا يمنع المعاق من الزواج مخافة إنجابه لأبناء معاقين؛ لأن الزواج شىء والإنجاب شىء آخر».
مع الرجوع فى مسألة الإنجاب وعدمه أو تأخيره لأهل الاختصاص فى كل حالة بحسبها. ما دام محاطًا بالحرص على مصلحته محفوفًا برعاية منافعه.
الواقع أن الأمر قد أصابنى بصدمة ما زلت أعانى من أثرها وأظننى لن أفيق منها إلا بمساعدة كل من يقرأ كلماتى ليشاركنى التفكير بل والفعل الذى يحمى الإنسان سواء المريض بمرض عقلى أو القاصر التى قدمها أهلها وسط مظاهر الفرح ــ حتى إنهم حرصوا على جلسة تصوير ــ إلى مستقبل لا يعلمه إلا الله تناصرهم فتوى من دار الإفتاء المصرية أرى أنها بالفعل يجب أن تكون محل دراسة من فضيلة الإمام شيخ الأزهر الذى لا أشك فى أنه سيستعين بأهل الرأى والحكمة من علماء الطب والاجتماع والمجالس القومية للمرأة والأمومة والطفولة ليراجع تلك الفتوى ويعيد صياغتها بالصورة القانونية الاجتماعية بالطبع فى ظل المرجعية الدينية الأمر الذى يضمن للإنسان حقه فى حالة صحته ومرضه على حد سواء.
لا أدَّعى أننى أملك من العلم والمعرفة ما يمكننى من الحكم حكما ملزما على تلك الفتوى لكنى بلاشك أملك من العلم والمعرفة والضمير ما يمكننى من أن أرفع صوتى بالسؤال عن تفسير لها أو شرح لما تعنيه بالقول إن الزواج أمر والإنجاب أمر آخر!
هل لنا أيضا أن نسأل أولى الأمر عمن اشترك فى صياغة تلك الفتوى؟ هل شارك فيها أطباء متخصصون وباحثون فى مجال العمل الاجتماعى إلى جانب رجال الدين؟
ماذا بالفعل تعنى إباحة الزواج للمعاق عقليا وهل فى غياب العقل يمكن أن يتم زواج وتبنى أسرة ويربى أطفال؟
ماذا تعنى بحق الله سبحانه عبارة «ما دام محاطا بالحرص على مصلحته محفوفا برعاية منافعه»؟
هل تتزوج المرأة بمعاق عقليا وولى أمره؟
ما معنى أن للمعاق عقليا حق الزواج ما دامت أركان الزواج متوافرة؟
هل يتفضل صاحب الفتوى يشرح الأمر لنا، وكيف أن أركان الزواج متوافرة فى غياب العقل؟
ما هى أركان الزواج إذن فى رأى لجنة الفتوى يا سادة؟
يعلم الله مدى انشغالى بالأمر ورغبتى أن يستقر بنا الحال إلى فتوى تقيم العدل بين الناس، وتحمى المريض والسليم بنا، وتضمن له حقه فى الحياة بحق ما أعطى الله وقدر سبحانه، فهو الأعلم وهو الرحمن الرحيم.