لم يحسم بعد النقاش الدائر منذ عقود حول دور التليفزيون ومن بعده اللاب توب وأدوات تكنولوجيا الاتصال فى تعميق المودة بين أعضاء الأسرة الواحدة أو فى شحن التوتر ونشر الشجار والشقاق. ولا أظن أنه سيحسم تماما فى يوم قريب. قرأت نتائج دراسات توصلت إلى أن لتفاقم أرقام الطلاق أسبابا كثيرة بينها انضمام التلفزيون واللاب توب إلى الأسرة المصرية، بينما توصلت دراسات أخرى إلى أن وجود التليفزيون ثم اللاب توب فى بيوتنا كان من عوامل لم الشمل ومنع التفسخ الأسرى.
ناقشت الأمر مع صديقة لها تجارب مع التليفزيون بعد أن خف وزنه وصغر حجمه وأصبح سهلا عليه أن يتسرب إلى داخل غرفة نومها واتخذ له موقعا على بعد مسافة محترمة من الفراش، ولها تجارب أحدث وأخطر مع اللاب توب الذى تفوق على التليفزيون لرشاقته ونعومته فقفز يشارك الزوجين فراش نومهما.
وصفت الصديقة تجربتها مع اللاب توب بقولها: أعود إلى البيت، وأنا فى عجلة من أمرى، لأطعم أطفالى وأعدهم للنوم. وما إن أضعهم فى الفراش حتى أهرع إلى غرفة نومى المزودة باللاب توب والهاتف المحمول. وبعد ساعات أسمع وقع أقدام زوجى وهو يدخل إلى المطبخ ليلتهم بسرعة ما تركته له دافئا. أحاول اللحاق به قبل أن يجلس على أريكته المريحة ويمد ساقيه فوق المائدة التى تفصل الأريكة عن جهاز التليفزيون، إذ تعلمت بالتجرية أن الدقائق الباقية حاسمة إذا كنت أرغب فى تسوية بعض المشكلات الحيوية قبل أن يستولى على الريموت كونترول. يكتشف بعد دقائق أنه غفا قليلا أثناء طرحى أول مشكلة، فيهب واقفا ويتوجه إلى غرفة النوم مزودا بما تزودت به قبله، أى باللاب توب والهاتف المحمول.
ينفتح اللاب توب ويطير النعاس. يسألنى سؤالا أو سؤالين قبل أن يستقر عند الصفحة التى يريدها، وقد ينتظر إجابتى وفى الغالب لا ينتظرها، لا السائل مهتم بالإجابة ولا المجيب سمع السؤال، فكلانا انهمك فى متابعة الفيس بوك والتويتر ورسائل الأصدقاء والصديقات ومذكرات وأجندات اجتماعات ولقاءات. غدا يوم عمل جديد وكلانا قرر ألا ينتظر إلى الغد. استأنفنا العمل الذى تركناه قبل ساعتين أو ثلاث ولم نعد نميز بين فراش النوم ومكتب العمل. طار النوم من عيوننا واستبد بى وبه الأرق الذى صار مزمنا وتسرب إلينا توترا ليس مكانه، ولا كان مكانه قبل سنوات، فراش النوم.
أعرف أننى مسئولة لأننى لم أعد «أطيق» بعادى عن اللاب توب، يغفر لى أنه كان البادئ والبادئ دائما أظلم. كان هو الذى شجعنى على أن أصطحب معى إلى الفراش اللاب توب. أراد إلهائى عن «الزن» والشكوى وتغيير عادة أو هواية ممارسة جدل ما قبل النوم.
يقول الدكتور مايكل بابير مدير مركز للرعاية العصبية تابع لإحدى الجامعات الأمريكية، إن التعرض للضوء، سواء من مصباح يطل مباشرة على الفراش أو من شاشة جهاز كمبيوتر يمكن أن يكون سببا فى تعطيل إحدى وظائف المخ وهى وظيفة تنظيم عملية الانتقال المتدرج من اليقظة إلى النوم العميق.
يقول أيضا إن الانشغال بأنشطة معينة كالترقيم وإجراء عمليات حسابية والتخطيط جهد يزيد التوتر والتأهب وطارد للنوم، وينصح بتفادى جميع الأنشطة المنشطة للمخ. يستهين المرء أحيانا بمكالمة هاتفية بعد العاشرة مساء تستدعى الرد، ويعرف أن هذه المكالمة والتفكير فيها والرد عليها قد يكلفه ليلة كاملة بدون نوم.
كثيرون يخلطون بين غرفة النوم وغرفة المكتب. انتهى الأمر ببعضهم يبحث عن علاج لدى الأطباء النفسيين وحبوب التهدئة والتنويم والتقوية. وبعض آخر تمرد على مؤسسة الزواج متهما إياها بأنها من المؤسسات التى عفا عليها الدهر وتخلفت عن ضرورات العصر ومعطلة لمواهب وملكات عديدة.
بريئة مؤسسة الزواج. المذنب الحقيقى هو هذا الغريب الذى فرض نفسه شريكا فى فراش الزوجية.