فطرة المقارنة - صحافة عربية - بوابة الشروق
الثلاثاء 7 أكتوبر 2025 10:29 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

برأيك.. هل تنجح خطة الـ21 بندًا لترامب في إنهاء حرب غزة؟

فطرة المقارنة

نشر فى : الثلاثاء 7 أكتوبر 2025 - 6:40 م | آخر تحديث : الثلاثاء 7 أكتوبر 2025 - 6:40 م

نشرت جريدة الخليج الإماراتية مقالا للكاتبة شيماء المرزوقى، تناولت فيه التأثير السلبى والمُرهق لثقافة المقارنة المستمرة مع الآخرين إذ تؤدى إلى الشعور الدائم بعدم الرضا والإحباط، كما أوضحت المرزوقى أن وسائل التواصل الاجتماعى ساهمت فى توسع هذه الثقافة المؤذية أكثر، مشيرة إلى ضرورة التحول من المقارنة الخارجية إلى التركيز على الامتنان والنمو الشخصى الداخلى كطريق لتحقيق الرضا والسعادة الحقيقية ولعلاج هذا الهوس المرضى.. نعرض من المقال ما يلى:

منذ الطفولة ونحن نتعلم أن نرى أنفسنا فى مرآة الآخرين، علامات الدراسة تقاس بترتيبنا بين الزملاء، والنجاحات تقارن بإنجازات أقراننا، وحتى فى تفاصيل الحياة اليومية، تظل المقارنة معيارا حاضرا نحكم به على سعادتنا. المشكلة أن هذا الميل لا يزول مع النضج، بل يزداد حدة فى زمن وسائل التواصل، حيث تتحول حياة الآخرين إلى عرض متواصل يبدو أجمل مما نملك.

المقارنة المستمرة ترهق الشخص، لأنها تدفعه إلى مطاردة صورة غير مكتملة: نرى إنجازا بلا ظروفه، أو سعادة فى لحظة مقتطعة من سياق طويل، فنظن أننا أقل حظا، وأقل استحقاقا. والنتيجة شعور دائم بعدم الرضا، مهما بلغ ما لدينا من نعم أو نجاحات.

طرح العالم النفسى الأمريكى ليون فستنجر فى كتابه «نظرية المقارنة الاجتماعية» أن الإنسان يميل بالفطرة إلى تقييم نفسه عبر مقارنة مع الآخرين، لكن الخطورة تكمن حين تتحول هذه العملية الطبيعية إلى هوس يسرق الطمأنينة، فعوض أن تكون المقارنة دافعا للتعلم والتحفيز، تصبح عبئا يولد الإحباط والغيرة.

جودة حياتنا لا تقاس بما نملك مقارنة بالآخرين، بل بما نشعر به تجاه ما بين أيدينا، حين ندرب أنفسنا على الامتنان، ونوجه نظرنا إلى الداخل بدل الخارج، نصبح أكثر وعيا بأن السعادة ليست سباقا، بل تجربة شخصية تتشكل من الرضا والانسجام مع الذات.

أيضا ما نحتاجه ليس إلغاء المقارنة تماما، بل إعادة توجيهها إلى سياق صحى وصحيح، مثل أن نقارن أنفسنا بما كنا عليه بالأمس، لا بما يملكه الآخرون اليوم، ففى هذه المقارنة الوحيدة، نجد معنى النمو الحقيقى، ونكتشف أن سعادتنا تصبح أعمق كلما تحررنا من مقاييس الناس أكثر.

ثقافة المقارنة لا تمنحك صورة عادلة عن الحياة، بل تحولها إلى سباق بدون خط نهاية، والخروج من هذا الوهم يبدأ بالتصالح مع ذاتك، والإيمان بأن الرضا ليس فى امتلاك ما لدى غيرنا، بل فى أن نحيا حياتنا نحن، بكل تفاصيلها كما هى. ولم يخطئ الكاتب والرئيس الأمريكى ثيودور روزفلت، عندما قال: «المقارنة هى سارق الفرح».

التعليقات