75 عامًا فى خدمة المجتمع - سامح فوزي - بوابة الشروق
الأربعاء 8 أكتوبر 2025 12:39 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

برأيك.. هل تنجح خطة الـ21 بندًا لترامب في إنهاء حرب غزة؟

75 عامًا فى خدمة المجتمع

نشر فى : الثلاثاء 7 أكتوبر 2025 - 6:45 م | آخر تحديث : الثلاثاء 7 أكتوبر 2025 - 6:45 م

 

أمضت الهيئة القبطية الإنجيلية للخدمات الاجتماعية 75 عامًا فى «طاعة الله وخدمة الإنسان»، حسب تعريفها لذاتها، وهى فترة تاريخية ممتدة، أظهرت خلالها القدرة على التكيف مع الاحتياجات والتحديات المتغيرة، وشكلت جسرًا مهمًا عبرت من خلاله العديد من المفاهيم التنموية الحديثة إلى المجتمع المصرى، وقدمت شخصيات شغلت مواقع عامة فى مجالات وزارية وبرلمانية ومدنية واجتماعية، وهو ما يثبت أن الهيئة مؤسسة تسهم فى تكوين كوادر بشرية مثقفة واعية فى خدمة الوطن.

انطلقت الهيئة فى عملها بوصفها مؤسسة تنموية، تتبنى مشروعات التنمية، ومواجهة الفقر والتهميش، والعمل على تمكين الإنسان، بصرف النظر عن انتمائه الدينى، وطورت من أدائها، وتوسعت فى خدماتها بمرور الزمن، وتبنت الكثير من الأفكار التنموية الحديثة فى عملها، حتى إن كثيرًا من الأفكار الحديثة تعرف عليها المجتمع من خلال عمل الهيئة، فقد جمعت بين التنمية والحوار، والتنمية والإعلام، والتنمية والتمكين الاقتصادى، والتنمية والحوكمة، وأوجدت بيئة حية فاعلة لاختبار الأفكار على أرض الواقع، وإدماجها فى الممارسات التنموية.

انشغلت الهيئة بالفكر، واهتمت بالممارسة، وأدركت أهمية «الشراكة والتشبيك»، وسعت إلى بناء شراكات محلية متعددة ومستدامة مع الأصوات المؤثرة على المستوى الوسيط مثل المؤسسات الحكومية، والمثقفين، والمؤسسات الدينية، ومنظمات المجتمع المدنى، والإعلاميين، والأكاديميين، والقطاع الخاص مما وفر لها القدرة على التأثير، ونشر الأفكار والممارسات الإيجابية، وترويجها فى المجتمع العام، وجعل منها نموذجًا لمنظمات المجتمع المدنى القادرة على المساهمة الفعالة فى السياسات العامة.

ولم تكتف الهيئة بالعمل على الصعيد المحلى، بل امتدت بتأثيراتها وشراكاتها إلى المستويين الإقليمى والدولى، من خلال تطوير خبرات حوارية مهمة فى سياق تبادل الخبرات، وبناء التوجهات المشتركة مع هيئات مهمة عربيًا وعالميًا، ومما يؤكد ثقل برامج الحوارات الدولية استدامتها على مدار عشرين عامًا، وتعددها وتشعبها فى مجالات كثيرة، واشتراك العديد من الأصوات المؤثرة فيها مثل المثقفين، والأكاديميين، وأعضاء البرلمان، والقيادات السياسية.

وقد مرت بالمجتمع المصرى منعطفات كثيرة على مدار عقود من عمل الهيئة القبطية الإنجيلية للخدمات الاجتماعية، أثبتت فيها قدرتها على العمل والتفاعل مع قطاعات عريضة، وقدمت نموذجًا للدور الذى يمكن أن يلعبه المجتمع المدنى فى بناء جسور الحوار والتعايش، ومواجهة التوترات والأزمات، وخلق فضاءً مدنيًا يمكن أن يلتقى فيه المسلمون والمسيحيون حول قضايا العيش المشترك، والتحديات المشتركة، والآمال المشتركة، بعيدا عن السجالات الدينية التى تبعث على الفرقة والتفرقة. ونتذكر جميعًا كيف أطلقت الهيئة تجربة الحوار الثقافى فى سياق منتدى حوار الثقافات فى مطلع التسعينيات عندما كان يواجه المجتمع شبح الإرهاب والتطرف. وقد نشأت فى أنشطة الهيئة، سواء التنموية أو الحوارية، مساحة التقاء بين المختلفين، ونشأت بينهم وشائج استمرت رغم الاختلاف، وهى ظاهرة صحية فى بناء رأس المال الاجتماعى فى المجتمع. 

استثمرت الهيئة فى ذاتها، فأثمرت برامج، ومشروعات، ومجالات من العمل المشترك، وهى بذلك قدمت مثالا يجب على منظمات المجتمع المدنى العمل على تحقيقه، ومما يثرى هذا النموذج التنموى انطلاقه من منظور أخلاقى، يقوم على قيم ومبادئ مسيحية، إنسانية وأخلاقية، مما يجعلها نموذجًا متميزًا فى الخدمة العامة من خلفية مسيحية وأخلاقية وإنسانية.

من هنا فإن تحية الهيئة القبطية الإنجيلية للخدمات الاجتماعية فى عيدها الماسى، تمثل  فى ذاته تحية لكل الجهود التنموية التى انطلقت فى خدمة المجتمع من خلفية إنسانية مسيحية، أرثوذكسية وإنجيلية وكاثوليكية، وهى عديدة، لكل منها توجهه وإطلالته الخاصة، ويثبت ذلك أن جهود المجتمع المسيحى فى مجالات التنمية والتعليم مهمة فى تعزيز التعايش الإسلامى المسيحى، وهو الاستثمار الحقيقى الذى ينبغى أن نحرص عليه دومًا.

سامح فوزي  كاتب وناشط مدني
التعليقات