دفعنى ما ذكره رئيس المخابرات الوطنية الأمريكية جيمس كلابر يوم 29 يناير الماضى أمام لجنة المخابرات بمجلس الشيوخ فى الجزء المتعلق بمصر، والذى جاء خلال عرضه للمخاطر التى تتعرض لها الولايات المتحدة ومصالحها خلال 2014، إلى البحث فيما ذكره الرجل خلال السنوات الأربع الماضية عن نفس القضية.
فى بداية تقريره هذا العام، عرض كلابر المخاطر النوعية العامة التى يرى أنها تمثل مخاطر على الأمن الأمريكى بصوره العامة. قضايا مثل الأمن الإلكترونى ومكافحة الإرهاب وخطر الجريمة المنظمة، وتزايد مخاطر التجسس السياسى والاقتصادى على الولايات المتحدة جاءت على رأس هذه المخاطر، كما كان للمخاطر الصحية والبيئية وتلك المتعلقة بالصراعات على الموارد الطبيعية وجود مهم رغم عدم ارتباط تلك المخاطر بعام 2014 أو بأى توقيت محدد. وتعرض كذلك كلابر لما تمثله أقاليم ودول العالم المختلفة من تحديات قد تمثل مخاطر على الأمن الأمريكى فى العام الحالى.
وعن المنطقة العربية أكد كلابر أنه وبعد ثلاث سنوات على بدء الربيع العربى، لم تنجح سوى دول قليلة فى تحقيق أى تقدم فى العملية الانتقالية بعيدا عن حكم نظم مستبدة. وستزيد فى الأغلب أعمال العنف وسيتعمق القلق السياسى فى مختلف دول الشرق الأوسط خلال 2014 بعدما تم إضعاف النظم الحاكمة، وفك لجام الاختلافات العرقية والدينية والاجتماعية. وأشار رئيس المخابرات الوطنية الأمريكية إلى أن جهود إقامة حياة سياسية ديمقراطية فى دول الربيع للعربى قد نتج عن معظمها تراجع كبير فى عملية بناء ديمقراطية حقيقية. كما أن الدعم الشعبى للحكومات الجديدة التى جاءت للسلطة منذ 2011 قد تراجع بصورة كبيرة جدا، وهو ما قد يزيد من عدم الاستقرار بصورة عامة ويستدعى فى الوقت نفسه تزايد الطلب الشعبى لعودة ما مثلته الدولة المستبدة فى الماضى من استقرار رغم ما يصاحبه من تضييق على الحريات ومن اضطهاد لحقوق الانسان. إلا أن كلابر قد أشار إلى أن هذه الأوضاع الجديدة يصعب معها بشدة تطبيق أى إصلاحات اقتصادية ضرورية لأن هذه الاصلاحات غير مرغوب فيها من قطاعات شعبية واسعة. ولن تستطيع المساعدات الخليجية ولا الغربية أن تحل المشكلات الاقتصادية الطاحنة التى تتعرض لها دول الربيع العربى. وأن فشل حكومات دول الربيع العربى فى الاستجابة لتوقعات الملايين من مواطنيها يساعد على خلق بيئة لا يتوافر فيها الاستقرار، وتجعل تلك الدول عرضة للاهتزازات المتكررة.
•••
عن مصر 2014 أكد كلابر أن الحكومة المصرية الحالية تسير فى خطتها لاستكمال عملية الانتقال التى أعلنتها عقب إزاحة الجيش للرئيس محمد مرسى، وأنها أكملت خطوات مهمة فى هذا الطريق. وأشار إلى أن تعامل الحكومة مع المعارضين لها، وعلى رأسهم جماعة الإخوان المسلمين التى تم تصنيفها كجماعة إرهابية، تضاءلت معها وجود فرص حقيقية لتحقيق الاستقرار ولوجود عملية سياسية وحكومة شاملة تعبر عن كل المصريين. وفيما يتعلق بتزايد مخاطر الجماعات الراديكالية العنيفة، ذكر رئيس المخابرات الوطنية الأمريكية أن هذه المخاطر تهدد حتى الأن أجهزة الدولة المصرية بالأساس، وتستغل هذه الجماعات ضعف سيطرة الحكومة المصرية على سيناء منذ 2011، والذى سمح بأن تصبح سيناء مركزا للتخطيط ولتسهيل قيام الإرهابيين بعمليات وهجمات متعددة.
واستبعد كلابر أن تعرقل الاحتجاجات المستمرة، والعمليات الإرهابية الانتخابات البرلمانية والرئاسية المقررة لاحقا هذا العام.
•••
عن مصر 2013، تحدث كلابر يوم 18 أبريل 2013 أمام نفس اللجنة ذاكرا أن الرئيس محمد مرسى يقوم منذ انتخابه بمحاولات للسيطرة على أدوات الدولة المصرية ويعمل على تقليل سيطرة الجيش المصرى على الحكم. وذكر أن مرسى اتخذ خطوات لتطبيق أجندة حزبه السياسية، وقام بما يدعم سمعته الدولية مثل التوصل لوقف إطلاق النار بين حماس وإسرائيل. وكان للإعلان الدستورى الذى أصدره مرسى فى نوفمبر 2012، والذى زاد من سلطاته آثار واسعة أهمها غضب شعبى كبير على هذه الخطوة، وهو ما نتج عنه مظاهرات واسعة عبرت عن غضبها من طريقة حكم مرسى، وهو ما سيكون له أثر كبير على حزب الحرية والعدالة فى الانتخابات البرلمانية المقبلة. ورغم ذلك ذكر كلابر أن مرسى يمكنه بناء قاعدة دعم شعبى لسياساته إذا ما استطاع تحسين ظروف معيشة المصريين وتحسين الأوضاع الاقتصادية، فى الوقت الذى بلغ فيه حجم نمو الناتج القومى الاجمالى 1.5% عام 2012 مقابل نسبة نمو بلغت 5% عام 2010.
عن مصر 2012، تحدث كلابر يوم 31 يناير 2012 مؤكدا أن الوضع السياسى غير المستقر فى العالم العربى يمثل فرصة للأحزاب الإسلامية للمشاركة بصورة كاملة فى الحياة السياسية. وبرر بعد ذلك فوز الأحزاب الإسلامية فى الانتخابات البرلمانية كونهم الأكثر تنظيما بين القوى المختلفة. وتوقع كلابر أنه ومع غياب رؤية واضحة طويلة الأجل للتعامل مع المشكلات الاقتصادية والاجتماعية، ستضطر هذه الأحزاب للخلط بين سياسات اقتصاد السوق وبين سياسيات اجتماعية شعبوية داعمة للفقراء.
عن مصر 2011، تحدث كلابر يوم 16 فبراير، أى بعد خمسة أيام على تنحى الرئيس حسنى مبارك، قائلا إن الوضع فى مصر يتغير بسرعة كبيرة للغاية. وسيكون لقرار مبارك بالتنحى بعد ثلاثين عاما فى الحكم آثار كبيرة فى المدى القصير والطويل على دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. كما أن التنحى يمنح مصر فرصة للانتقال الديمقراطى، وأن واشنطن ستظل تراقب الأوضاع هناك عن قرب.
عن مصر 2010، لم تمثل مصر حينذاك أى مخاطر محتملة على المصالح الأمريكية. وتحدث الرئيس السابق للمخابرات الوطنية الأمريكية دينيس بلير يوم 2 فبراير 2010، ذاكرا مصر مرة واحدة فى تقريره الطويل عندما تحدث عن دورها المحتمل فى مصالحة ممكنة بين الفرقاء الفلسطينيين تنظيم حماس ومنظمة فتح.