بعكس إسحاق شامير.. بنيامين نتنياهو يفتقر إلى الثقة بالنفس - من الصحافة الإسرائيلية - بوابة الشروق
الأحد 22 يونيو 2025 10:48 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

ما توقعاتك لمعارك إسرائيل مع إيران؟

بعكس إسحاق شامير.. بنيامين نتنياهو يفتقر إلى الثقة بالنفس

نشر فى : السبت 21 يونيو 2025 - 8:25 م | آخر تحديث : السبت 21 يونيو 2025 - 8:25 م

فى سنة 2009، نجح بنيامين نتنياهو فى تأليف حكومته الثانية. فى تلك الفترة، عبّر عن رغبته الشديدة فى تدمير القدرة النووية الإيرانية. كتب إيلان كفير فى كتابه («العاصفة فى الطريق إلى إيران»، ص 64) التالى: «القنبلة الإيرانية تحوّلت لدى نتنياهو إلى هوس. لقد آمن إيمانا راسخا بأنه إذا لم يتم تحييدها، فإن إسرائيل ستجد نفسها تحت تهديد وجودى حقيقى. «وأقسم كرئيسٍ لحكومة الشعب اليهودى ألّا يسمح لإيران بالوصول إلى القنبلة، التى قد تؤدى إلى محرقة جديدة».

وعلى مدار سنوات، عبّر عن معارضته الشديدة لإيران النووية، مرارا وتكرارا. أحد الأمثلة الصارخة لذلك كان فى مارس 2015، حين اتّخذ خطوة نادرة أثارت جدلا واسعا. ففى خطاب ألقاه أمام الكونجرس الأمريكى، دعا نتنياهو أعضاء المجلس إلى عدم المصادقة على الاتفاق النووى مع إيران، واعتبر أن الاتفاق سيئ، وخطر على سلام العالم، ويشكّل تهديدا وجوديا لإسرائيل. وقد أدى هذا الخطاب إلى مواجهة حادة مع رئيس الولايات المتحدة آنذاك، باراك أوباما.
بعد أكثر من 600 يوم على اندلاع حرب أكتوبر 2023 الملعونة، الدموية، والمليئة بسفك الدماء، قرر نتنياهو فتح حرب ضد إيران. طوال أكثر من عقد من الزمن، وهو يتحدث عن حرب وجودية ضد هذه الدولة، وها هو يفاجئ الجمهور الإسرائيلى ويُعلن شنّ حرب خاطفة. يمكن القول إنها حرب غير ضرورية، وقاتلة، وتفتقر إلى التعقّل والحكمة. لقد اندلعت بدافع شخصى - سياسى، وليس بناءً على اعتبارات وطنية- أمنية.
إليك بعض الأسباب التى تبرّر رفض الخروج إلى هذه الحرب:
نتنياهو شنّ الحرب ضد إيران بهدف محو كارثة السابع من أكتوبر من الذاكرة الجماعية، وهى الكارثة التى أدّت إلى «المذبحة» والدمار الرهيبَين فى الجنوب (وللسبب نفسه، لم يزُر الكيبوتسات المدمّرة، ولم يحضر الجنازات العديدة، سواء للجنود، أو للمدنيين). لقد اعتقد أن الجمهور الإسرائيلى سيفضّل التركيز على حرب خاطفة ضد إيران، بدلا من الفظائع التى حدثت فى بلدات غلاف غزة، والرهائن الذين ما زالوا يعانون فى قطاع غزة. فالحرب التى لا تنتهى فى القطاع وفتح الجبهة ضد إيران يقضيان على الأمل الأخير ببقاء أولئك الرهائن على قيد الحياة وعودتهم إلى ديارهم.
إن شنّ الحرب على إيران هو جزء من مسار بدأه نتنياهو: الجميع مذنبون فى «مجزرة» 7 أكتوبر ومقتل أعضاء الكيبوتسات والجنود، ما عداه هو نفسه. ولتحقيق هذا المسار، عمل على إقالة وزير الأمن يوآف غالانت، وإقالة رئيس الأركان هرتسى هليفى ورئيس الشاباك رونين بار، كذلك رفض بشدة تشكيل لجنة تحقيق رسمية لفحص السؤال الجوهرى: كيف أُتيح اقتحام بلدات الغلاف؟ كيف تم التعامل مع الهجوم؟ وكيف أدار القبطان، أى هو نفسه، الوضع؟ فعل نتنياهو كل ما فى وسعه لإخراج مسألة لجنة التحقيق من جدول الأعمال العام والسياسى. وبعد أكثر من 600 يوم من الحرب فى قطاع غزة، لم تناقش الحكومة مسألة فحص الحرب إطلاقا.
يعتبر رئيس الحكومة نفسه نقيا وخاليا من الأخطاء (وربما يشعر بذلك فعلا)، ولذلك، فهو يرى نفسه جديرا ومؤهلا لإعلان فتح جبهة جديدة. فهو لا يرى نفسه رئيس حكومة فاشلا، بل قائدا عسكريا عظيما قادرا على الانتصار على دولة عملاقة مثل إيران.
نتنياهو أيضا غير قادر على إنهاء الحروب، فلا يبدو فى الأفق أى نهاية للحرب التى اندلعت قبل أكثر من عام ونصف العام، فى أكتوبر 2023. هذه الحرب أطول من حرب 1948. أمّا الحرب ضد إيران فقد تكون حرب استنزاف لا نهاية لها، وقد تؤدى إلى دمار اقتصادى واجتماعى شامل. الحكومة الحالية، التى تضم إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش، غير قادرة على التوصل إلى تسويةسياسية يمكن أن تُنهى صراعا عسكريا. والآن، تخوض إسرائيل حربين فى آنٍ معا، وهذا الوضع قد يؤدى إلى كارثة مروّعة.
تمرّ إسرائيل بمسار من الانحدار أيضا بسبب انغلاق نتنياهو. فرئيس الحكومة لا يشعر بأنه يعبث بمصير إسرائيل، وليس لديه مستشار ذو وزن يستطيع أن يقول له الحقيقة كاملة. عليه أن يتعلّم من النهج الذى اتّبعه رئيس الحكومة خلال حرب الخليج، فى يناير 1991، إسحاق شامير. كان شامير مستعدا لسماع كلّ شىء من مستشاريه، لأنه كان يتمتع بثقة بالنفس، أمّا نتنياهو، فلا يملك وعيا ذاتيا، ولا رؤية سياسية، وليس لديه ضمير. آمل ألّا تؤدى الحرب ضد إيران إلى كارثة مروّعة.

يحيعام فايتس
هاآرتس
مؤسسة الدراسات الفلسطينية

التعليقات