مثقف الحاضر.. ومثقف المستقبل - صحافة عربية - بوابة الشروق
الإثنين 24 مارس 2025 5:38 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تتوقع نجاح اتفاق الهدنة في غزة؟

مثقف الحاضر.. ومثقف المستقبل

نشر فى : السبت 22 مارس 2025 - 6:40 م | آخر تحديث : السبت 22 مارس 2025 - 6:40 م

نشرت صحيفة الخليج الإماراتية مقالًا للكاتب حسن مدن، تحدث فيه عن مفهوم «المثقف» من منظورين مختلفين، الأول للصحفى المصرى سلامة موسى الذى اهتم بسيسيولوجية المثقف (أى ضرورة ارتباط المثقف بالمجتمع وأن يقدم ما يرتقى بالأفراد). أما المنظور الثانى فهو لأستاذ الفلسفة الفرنسى جرار ليكلرك والذى تناول الجانب السيكولوجى للمثقف (أى ما إذا كان يكتب للحاضر أم للمستقبل).. نعرض من المقال ما يلى:
لسلامة موسى مقال بعنوان: «سيكولوجية الرجل المثقف»، ولأول وهلة يتبادر إلى الأذهان أنه أراد أن يأخذ بأيدينا إلى العالم الداخلى، النفسى، للمثقف، لسبر أغوار هذا العالم وكشف ما فيه من نزوعات وتناقضات، ولن نقول إن سلامة موسى خيّب آمالنا فى هذا التوقع، فكتاباته لا تخيّب الأمل أبدًا، لكن قراءة المقال لن تشبع فضولنا فى بلوغ ما خلنا أننا سنبلغه بعد الانتهاء منه، حيث إن منحى المقال أقرب إلى سوسيولوجيا المثقف لا إلى سيكولوجيته، حيث انطلق موسى من احتفاء العواصم الأوروبية، يومها، بمرور خمسمائة عام على ميلاد ليوناردو دافينشى الذى لم يكن رسامًا فقط وإنما كان ميكانيكيًا ومخترع آلات، جمع بين العلوم والفنون وشغف بالموسيقى وألّف فيها ونظم الشعر، ليصبح نموذجًا للمثقف الشامل.
ودافينشى لم يكن فريدًا فى الجمع بين العلم والفن. ولمَ نذهب إلى الثقافات الأخرى؟ فى ثقافتنا العربية الإسلامية عديد الأسماء التى جمعت بين الطب والفقه والفلسفة والعلوم، مثل الكندى وابن سينا والفارابى والرازى وغيرهم، فالموسوعية فى المعارف وتعدد الاهتمامات كانت آية «المثقف» فى ذلك الزمن، ونضع «المثقف» بين مزدوجين لأن المفردة لم تكن تقال فى ذلك الزمن، وإنما أتتنا، كمفهوم، من سياقات ثقافية غربية، لاحقًا بعد أن عربناها.
خلص سلامة موسى إلى أن هناك شرطين لا بدّ للمثقف منهما، الأول: أن تتصل ثقافته بالمجتمع بحيث يربط تفكيره بما ينفع المجتمع ويرقى بأفراده، والثانى هو أن يطلب الشمول والعموم لا التخصص، ولا نرى أنه أراد لمثقف اليوم أن يكون مثل دافينشى متعدد التخصصات، وإنما أن يتوافر على رؤية فلسفية شاملة للكون وللمجتمع من حوله وهو يبدع فى مجال إبداعه.
ولأننا قلنا إن ما أتى عليه الكاتب أقرب إلى «سوسيولوجيا المثقفين»، ذهبنا إلى كتاب يحمل هذا العنوان بالذات، وضعه أستاذ الفلسفة الفرنسى جرار ليكلرك وترجمه إلى العربية جورج كتوره، وفيه يعالج ثنائية أخرى غير ثنائية الشمول والتخصص، ألا وهى ثنائية الحاضر والمستقبل. ويتمحور الطرح حول ما إذا كان الأديب أو المفكر يكتب للحاضر أم للمستقبل، واستشهد وهو يسعى لتقريب فكرته بما قاله جان بول سارتر (1905 - 1980): «أن تكتب يعنى أن تلتزم بالحاضر ومن أجل الحاضر»، فيما رأى آخرون بينهم حنة آرنت (1906 - 1975) وبول ريكور (1913 - 2005) أن وجهة الأثر الأدبى هى المستقبل أكثر مما هى نحو الحاضر. وضرب المؤلف مثلًا بالفيلسوف الألمانى نيتشه الذى استسلم للعزلة وظلّ شبه مجهول طوال حياته، وبالمقارنة بين أعلام فكريين لعبوا دورًا مركزيًا فى النقاشات الفكرية فى زمنهم، نجد أنه سرعان ما طواهم النسيان بعد موتهم، فيما ظلّ اسم نيتشه يرّن فى الأسماع.

التعليقات