من أعمال السيادة - عماد الغزالي - بوابة الشروق
الجمعة 13 ديسمبر 2024 2:58 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

من أعمال السيادة

نشر فى : الإثنين 22 نوفمبر 2010 - 10:30 ص | آخر تحديث : الإثنين 22 نوفمبر 2010 - 10:30 ص

 ترفض الحكومة الرقابة الدولية على الانتخابات بحجة غاية فى الظرف وخفة الظل، فهى تعتبرها تدخلا فى الشئون الداخلية، واعتداء سافرا على السيادة الوطنية، وهى حجة حنجورية بديعة، تجد لها أنصارا حتى بين المعارضين، فلا أحد يقبل أن تنتهك حرمة بيته وتذاع أسراره على الملأ.

وزيادة فى الإفك والضلال، يتم تصوير المسألة على أنها رقابة دول لا منظمات، ويتم الزج بأمريكا على وجه الخصوص باعتبارها الشيطان الأكبر، الذى يحاور ويناور ويداور فى انتظار اللحظة المناسبة للانقضاض على البلد وابتلاعه، مع أننا نعلم ــ والحكومة تعلم أننا نعلم ــ أن التنسيق مع أمريكا يجرى على قدم وساق، وأن التطابق فى وجهات النظر بين البلدين الشقيقين فى شئون السياسة الخارجية أذهل المراقبين وأشعل قلوب العوازل والحاسدين.

طيب إيه الحكاية، ولماذا يمتقع وجه الحكومة فجأة وتطلق صيحات التهديد والوعيد، حين يتعلق الأمر بمراقبة دولية للانتخابات، مع أن عددا من خبراء لجنة السياسات وأعضاء الحزب الوطنى شاركوا فى مراقبة انتخابات دول أعرق منّا فى تجربتها الديمقراطية، وأكثر حرصا على سيادتها الوطنية؟

المسألة ببساطة أن الحكومة وحزبها الوطنى، ينظرون للمصريين باعتبارهم ملكية خاصة، يتصرفون فيها كيفما شاءوا، وهم أدرى بنا وأعلم، وأحن علينا وأقوم، ولا يجوز لأحد كائنا من كان، أن يحشر أنفه بيننا، فنحن والحكومة كالعروة الوثقى لا انفصام لها.

هذا الرباط المقدس يجعل الحكومة هى الآمر الناهى فى شئون الناس، هى الأدرى بمصالحهم والأعرف بحوائجهم والأبصر بما ينفعهم وما يضرهم، هى الأب المهيمن، المسيطر بجبروته وقوته، حتى لوتخلى عن مهامه ونال منه الخرف، وضعضعته السفاهة والهوان، فما الذى يعرفه المراقبون الدوليون عن العصبيات والبلطجة وشراء الأصوات وبيع الدوائر والذمم واعتقال المرشحين وسحل المعارضين وتقفيل الصناديق وتصويت الأموات من العالم الآخر، هذا تراث مصرى خالص، هذا شأن من أعمال السيادة.

فى الانتخابات الماضية، واتت الحكومة الفرصة للانقضاض على القضاة والنيل من كبريائهم، بعد أن صاروا فى مرمى ألسنة مناديب المرشحين وكفوف العسكر وأمناء الشرطة، لكنها فى حالة المراقبة الدولية، لن تتمكن من لعب الدور ذاته، وإلا صارت فضيحتها بجلاجل.

لكننى أبشّر الحكومة وحزبها الوطنى، بأن خشية الفضيحة لن تمنع وقوعها، فالعالم لم يعد كما كان، وبيوت الزجاج لا تحميها الأكاذيب.

عماد الغزالي كاتب صحفي
التعليقات