لماذا نرتبط بما حولنا؟ - قضايا نفسية - بوابة الشروق
الثلاثاء 25 مارس 2025 6:57 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تتوقع نجاح اتفاق الهدنة في غزة؟

لماذا نرتبط بما حولنا؟

نشر فى : الأحد 23 مارس 2025 - 7:25 م | آخر تحديث : الأحد 23 مارس 2025 - 7:25 م

نشرت جريدة البيان الإماراتية مقالًا للكاتبة عائشة سلطان، توضح فيه العلاقة العاطفية والوجدانية بين الإنسان والأماكن التى يسكنها أو يزورها، حيث تصبح البيوت والمدن جزءًا من ذاكرتنا وهويتنا. تسلط الكاتبة الضوء على التفاعل العاطفى مع الأماكن، سواء من خلال الألفة والارتباط أو النفور، موضحة كيف تترك الأماكن أثرها فينا، تمامًا كما نترك نحن أثرًا فيها. فى النهاية، تؤكد أن الإنسان كائن اجتماعى تتشكل هويته وعواطفه من خلال ارتباطه بالمكان والأشخاص الذين يشاركونه لحظاته فيه.. نعرض من المقال ما يلى:

عندما تسكن بيتًا يصير البيت جزءًا من تكوينك وتاريخك مهما كان الزمن الذى أمضيته فيه، فخلال ذلك الوقت نمت وصحوت، تنفست وتحركت، استقبلت عائلتك وأصدقاءك، تحدثت وفكرت وضحكت وبكيت، طهوت طعامك وجلست تتناوله مع أصدقائك أو مع أبنائك، فكرت طويلًا بما تحب وبما يزعجك، تأملت أمام نوافذه مسيرة حياتك، وخطرت ببالك كثيرًا فكرة ماذا لو أتيحت لك فكرة أن تبدأ حياتك من جديد! أكنت غيرت خياراتك يا ترى أم أن الإنسان كالتاريخ يكرر أخطاءه وغباءاته تلقائيًا؟

عندما نسافر إلى مدينة تطأ أقدامنا أرضها لأول مرة، قد ننكرها، قد ننفر من خشونة أهلها وتقطيبات وجوههم، قد لا تستهوينا أطعمتها ولا مناخها، وقد لا يكون فيها أمر مزعج بشكل ظاهر لكننا لا نأتلف معها، فمعادلة التآلف والنفور لا تعمل فى مجال القلوب والأرواح فقط، لكنها تكون مع المدن والأمكنة كذلك، وقد نحط رحالنا فى مدينة أخرى فنقع فى غرامها منذ إطلالتنا الأولى عليها من نافذة الطائرة!

ثم إذا ترددنا عليها مرارًا، وهذا ما نفعله عادة، وإذا وقعنا فى الغرام (غرام المدينة أقصد)، فإن هذه المدينة تصبح جزءًا من ذاكرتنا وذكرياتنا، فكم مرة جلسنا بين أصدقائنا وسردنا عليهم المواقف تلو الأخرى مما حدث معنا فيها، وكم مرة كتبنا عنها وذكرناها فى أحاديثنا واشتقنا لمقاهيها وأطعمتها ونزهاتها!

لماذا نرتبط بالأشياء المحيطة بنا هكذا؟ لماذا نتماهى مع الأشياء حولنا؟ فنفرح بها ونحزن لفراقها ونفتقدها ونشتاق إليها؟ وهى ليست سوى جمادات لا أكثر؟ المنازل والشوارع والمدن والمقاهى، والمدارس التى تعلمنا فيها فى طفولتنا، وأماكن لهونا وعملنا والطرقات التى قطعناها ذهابًا وعودة..

لأننا بشر ننمو بالمحبة والاحتياج والأخذ والعطاء والحاجة للآخر، والشوق والتعاطف والعطف والرحمة والأمل والرجاء والخوف والبحث عن البهجة والمسرات.. كل هذا نعيشه فى هذه الأمكنة مع من نحب ونعرف، هذه الأمكنة تكوننا وتشهد تكوننا ونمونا وتغيراتنا وتقلباتنا، فنترك فى كل منها جزءًا منا.

قضايا نفسية قضايا نفسية
التعليقات