مذيعات طالبان «المبرقعات» - طلعت إسماعيل - بوابة الشروق
الخميس 12 ديسمبر 2024 6:30 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

مذيعات طالبان «المبرقعات»

نشر فى : الإثنين 23 مايو 2022 - 9:45 م | آخر تحديث : الإثنين 23 مايو 2022 - 9:45 م
محطة
قبل أن تصل إلى سدة الحكم فى أغسطس الماضى، حاولت حركة طالبان الأفغانية خلال مفاوضاتها مع الأمريكيين فى العاصمة القطرية الدوحة الإيحاء بأنها قد تعلمت درس الأيام خارج السلطة، وتعهدت باحترام حقوق الإنسان فى حال عودتها للحكم، وبشكل خاص التأكيد على صون وحفظ كرامة المرأة والتخلى عن ميراث طويل من قمع النساء، لكن يبدو أن الطبع يغلب التطبع، وها هى «طالبان» تعود سيرتها الأولى، بمنع ظهور المذيعات على شاشات التلفزيون إلا بعد تغطية الوجه بالنقاب.
جاءت طالبان إلى الحكم فى صفقة مع واشنطن مقابل التزام الحركة بمنع انطلاق أى تهديدات إرهابية من أفغانستان تجاه البلدان الأخرى وخاصة تلك التى قد تستهدف الولايات المتحدة، التى اكتوت بنيران تنظيم «القاعدة» التى خرجت من الأراضى الأفغانية إلى المدن الأمريكية فى 11 سبتمبر 2001، وخلفت آلاف الضحايا من القتلى والجرحى، وفتحت الباب أمام التحالف الغربى الذى قادته واشنطن لغزو وتدمير أفغانستان ثم العراق.
الإدارة الامريكية قبل أن تهرول قواتها هربا من أفغانستان على نحو المشهد الذى تابعه العالم فى أغسطس الماضى للانسحاب الأمريكى غير المرتب من الأراضى الأفغانية، كانت قد أوحت بأن طالبان ستتصرف على نحو مسئول فى ملف حقوق الإنسان، من دون أن تقدم دليلا واحدا على أن الحركة ستلتزم بتعهداتها، والتى يبدو أنها لم تكن تعنى الأمريكيين من قريب أو بعيد، فقد كان هم البيت الأبيض المغادرة من الوحل الأفغانى الذى تورطت فيه، وكلفها آلاف القتلى والجرحى من الجنود فى جبال وصحارى أفغانستان القاتلة.
اليوم يجنى الأفغان، والنساء الأفغانيات تحديدا، حصاد سنوات من الغزو الأمريكى، والفشل فى بعث مؤسسات وهياكل الدولة الأفغانية المدمرة منذ حقبة الغزو السوفيتى، وبما يضمن حدا أدنى من مقومات الحياة فى ظل إدارة مسئولة لا يكون كل همها تنفيذ نسخة متشددة من الدين، وبما يحبس البلاد لعشرات السنين الأخرى عما يدور فى العالم من تحولات وتبدلات، وثورات معلوماتية، ليبقى الأفغان خلف البرقع لمزيد من الحقب.
ظهور المذيعات الأفغانيات من خلف النقاب، يأتى ضمن تقليص ممنهج للحريات عامة، ولحقوق المرأة خاصة، بعد أن فرضت طالبان أشكالا متنوعة من التمييز بين الجنسين، وحرمان العديد من الطالبات من التعليم، وطرد العديد من النساء من أماكن العمل، لكن يظل منع المذيعات من الظهور من غير النقاب الأكثر لفتا للانتباه، وهى الخطوة التى ترى فيها فريدة سيال، المذيعة فى قناة تولونيوز، وفقا لشبكة «بى بى سى» البريطانية محاولة «لمحو المرأة من الحياة الاجتماعية والسياسية».
تقول فريدة «نحن مسلمات ونرتدى الحجاب، ونغطى شعرنا، لكن من الصعب جدا للمذيعة أن تغطى وجهها لساعتين أو ثلاثة على التوالى وهى تتحدث هكذا» قبل أن تطالب المجتمع الدولى بالضغط على طالبان كى تعدل عن القرار الذى اتخذته فى هذا الشأن، لكن المتحدث باسم طالبان، ذبيح الله مجاهد، يعتبر أن «الحجاب والبرقع جزء من ثقافة بلاده»، وفى ظل هذه الرؤية التى تتمسك بها الحركة الأفغانية يبدو أن المذيعات ينتظرهن البرقع بعد النقاب.
استهداف طالبان لفرض رؤيتها المتشددة على النساء، ربما يكون التعبير الأكثر فجاجة فى المشهد، لكنه نمط من التفكير الذى يحكم سائر القرارات التى تتخذها الحركة التى يبدو أن أحدا، والولايات المتحدة على الخصوص، لم يعد يعبأ بالمعاناة المفروضة على الشعب الأفغانى فى ظل طالبان، قبل أن يفيق الجميع على كارثة ربما ستكون أشد ضررا للمجتمع الدولى، من تداعيات هجمات 11 سبتمبر، وهذا ما يجب الانتباه إليه.
التعليقات